المصير المجهول للأطفال السوريين المختطفين يفتح ملفات منسية

قامشلو/ بيريفان خليل ـ

الأزمة السورية، وما نتج عنها من انفلات أمني، وبخاصة في مناطق سيطرة حكومة دمشق، كانت كفيلة في انتشار ظاهرة اختطاف الأطفال، ويبقى مصير المئات منهم مجهولة في صفحات مطوية، مدفونة ليست لها سجلات للبحث فيها، ولمتابعتها، والسعي إلى إرجاعهم لحضن ذويهم..

وضعت الحرب السورية أوزارها، وتركت بصمة مأساوية على فئات المجتمع ككل، وبخاصة لدى الأطفال والنساء، حيث أدى الانفلات الأمني، وبخاصة في مناطق سيطرة حكومة دمشق إلى ظهور مشاغبات وممارسات دموية، لاإنسانية بحق السوريين، وقد كان للأطفال حصة منها، فالقتل، والاختطاف، كانا مصير الكثيرين منهم، وبخاصة في مناطق درعا، والسويداء.

ماذا عن أمثال الطفل فواز قطيفان؟!

قضية اختطاف الطفل فواز قطيفان، من بلدة إبطع بريف درعا، كانت الواجهة لاستذكار الأطفال المختطفين، والمختفين قسراً، الذين مرت على اختطافهم سنوات عدة، ضمن الحرب السورية، التي لا زالت تحصد أرواح البشرية، وتفعل بها ما تشاء لتعمق الجرح في جسد كل من يعيشها.

الطفل فواز، وعلى الرغم من قصر مدة اختطافه (أكثر من ثلاثة أشهر) مقارنة مع مدة اختطاف أطفال آخرين، غير أنها شغلت الأوساط الشعبية، وبخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، ربما كانت قضيته متعلقاً بطلب فدية من قبل المختطفين، وتصويرهم لحالته، وهو يتعذب بعد تلقيه أساليب وحشية على أيديهم كانت هذه الصورة كفيلة، أن يتعاطف مع قضيته المجتمع كله، والإسراع بتأمين المبلغ المحدد من قبل المختطفين.

من يعرف مصير فتاة مختطفة بعد عامين؟

مصير المئات من الأطفال لازال مجهولاً، فمنهم لم يظهر على الوسائل الإعلامية، ومنهم تغافل عنها الإعلام، ومنهم من لم يفصح الأهالي عنهم، إلا أن النتيجة واحدة “ليس هناك من يدافع عن قضيتهم، ويبحث فيها، ويعرف ما حل بهم بشكل جدي، ويعيدهم إلى ذويهم.

قضية طفلة اختطفت منذ سنتين، بقيت مدفونة لم تتجاوز مناشدات أهلها بعد، مصير مجهول كتب على قضية سلام حسن الخلف، التي تنحدر من بلدة الطيبة بريف درعا الشرقي، حيث اختطفت في آذار عام 2010 لدى عودتها من المدرسة إلى منزلها، ليعترضها مجهولون، وتنقطع الأخبار عنها حتى الوقت الحاضر.

عثر فقط على ملابسها، وحقيبتها في أحد المزارع المجاورة لبلدة الطيبة، بريف درعا الشرقي بعد مرور شهر على الحادثة، وقتذاك ناشد والدا المختطفة؛ الطفلة ذات ثماني سنوات، عبر تسجيلات مصورة أهالي حوران لمساعدتهم بالعثور على طفلتهم، وتعهدوا للخاطفين بالعفو، وبالمسامحة قضائياً، وعشائرياً، إن أدلوا بأي معلومة عن طفلتهم، ولكن دون جدوى.

إحدى العبارات التي رددتها والدتها بعد الاختطاف: “كيف طاوع قلب الخاطف، بخطف طفلة بريئة، لا ذنب لها وهي عائدة متعبة من المدرسة، وما الذي يريده منها، ومن أهلها، وحتى لو كان لديه ثأر معهم، فليأتِ ويأخذه من أهلها، وليس من طفلة لم تتجاوز التاسعة من عمرها”.

هل تُصعِّد قضية فواز نشاط ظاهرة الاختطاف؟

في ظل انعدام مقومات الأمن، والأمان، وبخاصة في مناطق سيطرة حكومة دمشق، تستغل بعض الجهات تلك الظروف للاستفادة منها من الناحية المادية، فاختطاف طفل، أو طفلة كفيل في أن يجعلهم من الأثرياء، حيث أصبحت مصدر رزق لهم، كما حصل مع الطفل فواز فمبلغ 500 مليون ليرة سورية رقم ضخم في ظل الظروف المعيشية، التي يعاني منها السوريون، بمعنى أصبح ظاهرة اختطاف الأطفال أداة للحصول على أكبر مبلغ مادي، والتهديد، والابتزاز عبر وسائل عدة، يسرعان في الحصول على مبتغاهم.

المرصد السوري، وبعد حادثة اختطاف الطفل فواز قطيفان، دعا المجتمع الدولي إلى التحرّك للكشف عن مصير المختطفين، وفضح الأطراف المتواطئة كلها، وحذر في أن تتحول قضيته، وبعد دفع ذويه الفدية المالية إلى قضية امتهان، وتصاعد نشاط مجموعات الخطف في سوريا، بهدف تحصيل الأموال كون السلطة الحاكمة، غير قادرة على ملاحقتهم، وكبح جماحهم في ظل الفوضى، والانفلات الأمني المستشري في عموم الأراضي السورية عامة، وعلى وجه الخصوص مناطق سيطرة حكومة دمشق، التي لا تنعم بأدنى مقومات الأمن، والأمان، ما يجعل الأرضية خصبة لنشاط تلك المجموعات، وقد وصفها المرصد بالعصابات.

لا رقيب ولا حسيب

ليس هناك إحصائية واضحة بعدد الأطفال السوريين المختطفين، فلا رقيب ولا حسيب، لا حكومة دمشق، ولا التنظيمات الشبه معدومة، المعنية بهذا الشأن، تقوم بدورها في البحث عن مثل هذه القضايا، ومتابعتها، ومحاسبة الجناة، وما كشف عنه كإحصائية لعام 2021ـ 2022 هي التي أعلن عنها المحامي العام في درعا، بسام العمري، والذي خصص الإحصائية فقط في درعا، المدينة التي تكثر فيها حالات الاختطاف “خمس جرائم لحالة خطف الأطفال، كان آخرها حادثة خطف الطفل فواز قطيفان).