المجتمع والإدارة

 أحمد اليوسف-

شهدنا منذ أيام حراكاً شعبياً جاء بعد قرار الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا القاضي برفع أسعار الوقود.

لقد كان القرار متسرّعاً وليس هذا نقطةُ خلاف، إنّما كان لدى الإدارة أسباب وراء هذا القرار وقد وضّحتْها عبرَ تصريحٍ تلا إعلان القرار…

موضوعنا هنا والذي أريد أن أسلّط الضوء عليه؛ هو ماذا استفدنا مما حصل؟

لننظر إلى الجانب الأول، وهو الإدارة، ولنكن منصفين وحياديين تماماً في طرحنا.

الإدارة الذاتية عكست صورة إيجابية جداً حين قررت إلغاء هذا القرار، وأثبتت تماماً أنها إدارة من الشعب وللشعب وأنها لن تقوم بشيء خارج عن إرادة هذا الشعب، وبالتالي يجب أن تكون القرارات مدروسةً أكثر ولا سيما في هذه المرحلة الحرجة في منطقتنا وفي سوريا بشكل عام.

وبالنسبة للشعب أيضاً، فقد عكس صورة إيجابية في أغلب المناطق وهو يمارس حقه الديمقراطي في رفض هذا القرار مع وجود بعض الأخطاء المتمثلة بالخطاب التحريضي والذي يجب أن يكون مجتمعنا حذراً منه، فأعداء الداخل ينتظرون الثغرات ليخرّبوا الأمان والاستقرار الذي تعيشيه مناطقنا ويرسموا صورة مغايرة للواقع.

إنّ التنظيم الذي حصل في المجتمع منذ تأسيس الإدارة أثبت لحدٍ كبير فاعليتهُ في الاختبار الأول له، وعلى المجتمع أن يكون في حراكه ضمن هذا التنظيم المتمثّل بمنظمات المجتمع المدني، والتي تستطيع أن ترفع صوت الشعب عالياً في ظل وجود أي خطأ، وتسطيع الأخذ بيد الإدارة والشعب للقرار الأصوب والذي يصب في مصلحة الشعب والإدارة معاً، فهما كلّاً متكاملاً.

لا يجب أن يكون الحراك عشوائياً ولا هجومياً ولا عدائياً ولا أن يتمثّل بخطاب الكراهية والعنف، لأن ذلك من شأنه التدمير وليس التغيير.

أنْ تعارض قراراً مجحفاً بحق الشعب فذلك حقك الطبيعي، لأنّك تعيش في ظل الإدارة الديمقراطية، لكن الخلاف هو طريقة معارضتك لذلك القرار، فقد شاهدنا للأسف بعض الأطراف التي حاولت أن تستغل هذا الظرف لتعمّق الفجوة بين الشعب والإدارة وتخلق فتنة كبيرة من شأنها أن تجرّ البلاد لحرب أهلية.

حين يكون الحراك على شكل مظاهرة غير منظمّة سوف يستغل أعداء الداخل ذلك ويقومون بالتخريب وربما بالقتل ليظهروا أنّ الإدارة فعلت ذلك، هكذا تحصل الفتنة.

أمّا حين يكون هذا الحراك منظّماً وعبر منظمات المجتمع المدني، سيطالِب بوعي ويناقش ويحاور ليصل للقرار الأصوب.

إنّ ما حدث برأيي كان إيجابياً من ناحية، فهو قد عكس أننا فعلاً نعيش في ظل إدارة ديمقراطية مدنية موجودة لخدمة الشعب، وعكست وعي مجتمعاتنا أيضاً فهي لم تنجر وراء دعوات العنف والتحريض.

هذه الإدارة لنا جميعاً، هي منّا ولنا، وعلينا أن نحافظ عليها بشتّى الطرق، وحين نرى الخطأ علينا أن نكون أكثر وعياً في التعامل معه عبر الطرق السلمية والتي تعكس الوعي المجتمعي.

ومن هنا أريد القول أنه على الإدارة أن تشرك منظمات المجتمع المدني في هكذا قرارات مرتبطة مباشرة بالشعب، وأن يتم النقاش والتشاور والدراسة الأعمق قبل اتحاذ أي قرار مشابه. وعلى المجتمع أن يكون أكثر وعياً وتحمّلاً للمسؤولية في مثل هذه الحالات الطبيعية في مجتمع ديمقراطي حر.