اللجنة العربية لحرية أوجلان

 رجائي فايد-

تصاعدت الكراهية المصرية من الأطماع التركية المتزايدة، ونهمها في قضم الأراضي العربية (الشمال السوري، وليبيا، والبحر المتوسط)، كما أدى خطابها الخاص بالعثمانية الجديدة إلى إحياء ذكريات مصرية مؤلمة عن فترة الاحتلال العثماني لمصر.. في هذا السياق شهد معرض القاهرة الدولي للكتاب في السنوات الأخيرة، عدة ندوات هامة حول هذه الحقبة المظلمة، كما أعيدت طباعة عدة كتب تراثية مصرية تسجل ذلك. من أهمها كتاب (هز القحوف في شرح قصيدة أبو شادوف)، والذي يسجل بؤس حال الفلاح المصري في عهد الاحتلال العثماني، كما تعددت الكتابات الصحفية وبرامج (التوك شو) عن حنين العودة التركية للعثمانية الجديدة، وما يشكل ذلك من خطر على مصر والمنطقة، وكانت مسألة المطالبة بحرية المفكر عبد الله أوجلان حاضرة في كل تلك الفعاليات، وقد كان من الضروري أن تتحول تلك الفعاليات إلى عمل مؤسساتي، وتأسيس لجنة تضم تلك الفعاليات المتصاعدة، وكانت هذه اللجنة، والتي بدأت فكرتها بحوارات بين أربعة من النخب الثقافية المصرية، اتُّفِق على إطلاقها تحت اسم (اللجنة المصرية للإفراج عن عبد الله أوجلان)، وبدأت اجتماعاتها التشاورية حول كيفية العمل، انطلاقاً من فكرة أنه ليس من الملائم مصرياً أن يقبع هذا المناضل الكبير في السجون التركية لأكثر من عقدين من الزمان، وتصمت إزاء ذلك أكبر دولة عربية، وتمت الاتصالات مع النخب السياسية والفكرية المصرية الأخرى بشأن الانضمام لهذه اللجنة مع شرح أهدافها حيث لاقت الفكرة ترحيباً، مما أسفر عن تزايد عدد المنضمين إليها بل تخطت الحدود المصرية. حيث كان لها أصداء عربية طالبت الانضمام إليها، وتبين لأعضاء تلك اللجنة أن مسألة حرية أوجلان هي مطلب عربي أيضاً (لأننا شركاء في كل شيء)، ومن هنا تم تعديل اسم اللجنة من مصرية إلى عربية، خصوصاً وأن هناك لجاناً أخرى عالمية تبنت المطالبة بحرية عبد الله أوجلان، وتم التواصل مع بعض تلك اللجان الدولية للاستفادة المتبادلة وإمكانية التنسيق، الذي يخدم أهداف الجميع.

ورأت اللجنة العربية أن مسألة اعتقال أوجلان والزخم الإعلامي المصاحب، يجب توظيفه لهدف آخر وهو تسليط الضوء على معاناة شعب مقهور هو الشعب الكردي، لذلك نشط أعضاء اللجنة لجمع كل ما كتب عن القضية الكردية عربياً، سواء أكانت مقالات أو كتب أو رسائل جامعية، قدمت في هذا الشأن، ثم قام أعضاء اللجنة بعرض تلك الكتابات للقارئ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وقد يتصور البعض أن الكلمة التي لا يصاحبها فعل على الأرض لا قيمة لها، وهذا أمر يتجاوز الحقيقة، فالأصل في كل فعل هو الكلمة، وكمثال على ذلك مدينة (فوسالتو) الإيطالية قررت منح المواطنة الفخرية للزعيم (أوجلان)، وأسفر ذلك عن احتجاج تركي، ومن المقرر أن تتصاعد فعالياتها لتتوج باحتفال يليق بالحدث. وفي منتصف شهر شباط حيث يكون قد مر 22 عاماً على بقاء المفكر أوجلان الجسد خلف القضبان، في حين أن أوجلان الفكر قد عجزت السلطات التركية عن سجنه، فها هو يحلق بموسوعته الفكرية بعيداً عن قضبان السجون، ويضيف إلى ما أنتجه الفكر الإنساني من نظرية فكرية جديدة بات لها مكان متميز في أروقة الجامعات ومراكز الفكر العالمي.