القيادية في وحدات حماية المرأة دلارا حلب: مقاومة كوباني مثّلت روح نضال المرأة

كوباني/ سلافا أحمد ـ مثّلت مقاومة كوباني الباسلة منعطفاً تاريخياً لقضية تحرّر المرأة، إذ كانت تلك المعركة الشرسة، التي تصدّت لأخطر مرتزقة في العالم (داعش) انتقامنا للمرأة الحرة التي عانت على مرّ العصور من الظلم والاستبداد، ورسالة قوية إلى العالم تؤكد على أن المرأة المحاربة والمناضلة قادرة على تغيير التاريخ.

 مقاومة تاريخية كان خُطاها في كوباني 

لم يتوقع أحدٌ في العالم أنّ مدينة صغيرة كـ مدنية كوباني لا يُعرف الكثير اسمها أو أين تقع، أن تبدو مقاومة لإيقاظ الإنسانية في العالم من جديد، ففي التاسع عشر من تموز عام 2012 أخرج أهالي مدينة كوباني قوات النظام من مدينتهم، وانطلقت شرارة ثورة روج آفا منها لتصل إلى مقاطعتي الجزيرة وعفرين آنذاك (إقليمي الجزيرة وعفرين حالياً)، واتخذوا لهم الخط الثالث في الثورة السورية التي لا تؤيد النظام السوري، ولا المعارضة السورية، بل مشروع الأمة الديمقراطية أساساً لهم على خطى فكر وفلسفة قائد الأمة الديمقراطية عبد الله أوجلان.

وفي 15 أيلول عام 2014 هاجمت مرتزقة داعش بدعمٍ عسكري ولوجستي من دولة الاحتلال التركي على مدينة كوباني وقراها، ظناً منهم أن مصير كوباني، سيكون كمصير بقية المدن السوريّة، والعراقيّة، التي وقعت تحت سيطرة مرتزقة داعش، دون أيّ مقاومة وعناء، لكن إصرار وعزيمة أبناء كوباني على المقاومة ونضال وحدات حماية المرأة، والشعب صدموا العالم أجمع، بمقاومة تاريخية، الذين اتّخذوا قرار الصمود والبقاء حتى آخر رمقٍ لهم، مدافعين عن أرضهم وهويتهم، ورفضوا الاستسلام لمرتزقة داعش، متّخذين من مقولتي “المقاومة حياة ـ الموت بشرف، ولا العيش بمذلة” أساساً لهم.

مقاومة تعجز الكلمات واللسان عن وصفها، هكذا يصفها الشاهدون عليها، بأسلحة خفيفة، ومعدات بسيطة، حاربت وحدات حماية المرأة والشعب، مرتزقة داعش، التي لم تتمكّن أيّ قوّة في العالم التصدّي لها.

منعطف تاريخيٌّ لتحرّر المرأة

وكان بين تلك المقاومة التاريخية، التي أبداها أبناء مدينة كوباني، دورٌ بارزٌ لمقاتلات وحدات حماية المرأة YPJ في مقاومة كوباني التاريخية، اللواتي حاربْنَ بكلّ شراسة مرتزقة داعش، الذي كانت كابوساً مرعباً للعالم أجمع، وأصبحن بتلك المقاومة والعزيمة مثالاً للمرأة الحرة والمناضلة تحتذى بها نساء العالم أجمع.

استشهاد آرين ميركان، وريفانا، وفيان صوران، شكّلت منعطفاً تاريخياً لنساء ومقاتلات وحدات حماية المرأة، فباستشهاد تلك المناضلات زادت مقاتلات وحدات حماية المرأة من عزيمتهنّ وإصرارهنّ، ورفعهنّ من وتيرة مقاومتهنّ للدفاع عن أرضهنّ وقيمهنّ، مثبتين للعالم أنهنّ قادرات على حماية وطنهنّ بأغلى ما يملكنَ.

فلم تقتصر نضال ومقاومة المرأة في مقاومة كوباني على مقاومة مقاتلات وحدات حماية المرأة في جبهات القتال أمام رجس ارتزاق داعش فقط، فالعديد من النساء قاومن، وساندن المقاتلين، بتقديم العلاج للجرحى أو إعداد الطعام لهم.

ولأوّل مرّة في مقاومة كوباني تمكّنت تلك المرأة من كسر القيود العبودية جميعها من حولها، وأثبتت بجدارة أنّها على قدرة تامة بقيادة أكبر معارك العالم، وإنها قادرة على قيادة شعبها عسكرياً وسياسياً واجتماعياً، وكان ذلك من خلال سيرها على فكرة وفلسفة القائد أوجلان، الفكر الذي ينادي بتحرير المرأة من الذهنية الذكورية، وأساسه المطالبة بتحقيق العدل والمطالبة بأمة ديمقراطية، تحتضن الشعوب المظلومة بكل حرية، بهذه الخطوات بدأت المرأة طريقها، نحو المساواة بين الجنسين وتحقيق الذات في مجالات الحياة السياسية والعسكرية والاجتماعية جميعها…

كوباني.. انهيار خلافة داعش المزعومة

 وبعد مقاومة دامت لـ 134 يوماً، تمكّنت وحدات حماية المرأة والشعب، من دحر مرتزقة داعش من أنحاء مدينة كوباني كافّة، والإعلان عن انهيار ما تسمى “بخلافة داعش” الإرهابي في كوباني، ومواصلة نضالهنّ ومقاومتهنّ بوجه داعش من كوباني مروراً من صرين، وكري سبي/ تل أبيض، والرقة، منبج، والطبقة، وصولاً لآخر معاقله في ريف الشرقي لدير الزور، والإعلان عن القضاء على داعش عسكرياً في آخر معاقله بالباغوز.

فالنصر الذي تحقق في مناطق شمال وشورق سوريا، كان خلفه إرادة وقوة أبناء المنطقة المناضلة، الذين كانوا يفضلون الشهادة على العيش بالذلّ والعبوديّة.

بدء المحتل التركي بالهجمات

دولة الاحتلال التركي الداعم والممول الأساسي لمرتزقة داعش، التي كانت تدعمها بشكل علني من خلال معابرها بين سوريا وتركيا، الحقيقة التي غضّت عليها دول العالم الأنظار عليها، ومازالت تغضّ الطرف عنها، حلم أردوغان بالنيل من إرادة الشعوب، وتصفية الكرد من الوجود، لم يتحقق في قلعة الصمود كوباني، التي أتت بأجل مرتزقتها في المناطق السورية كافّة، ولم يستطع أردوغان الوقوف متفرّجاً على انهاء مرتزقته، الذين كانوا يسعون إلى تنفيذ مخططاتهم التخريبية في سورية.، لتبدأ تركيا بالتدخل بنفسها، من خلال بدء حملاتها وعدوانها على المنطقة، وكانت ضحايا تلك الهجمات الاحتلالية مدينة عفرين، وسري كانيه، وكري سبي/ تل أبيض، فلم تكتفِ باحتلال تلك المناطق، إذا إنّها تحاول مرّة أخرى من خلال تهديداتها، التي تتزعم لبدء هجمات جديدة في شمال وشرق سوريا، لقضم المزيد من الأراضي السورية، وتهديد الأمن والأمان والاستقرار الذي يعيشه أبناء شمال وشرق سوريا، لكن إرادة الشعوب التي تتّخذ من الأمة الديمقراطية، وأخوة الشعوب أساساً لها، لن تسمح للاحتلال التركي بالتعدي على أراضيها.

 وحول دور المرأة في مقاومة كوباني، تحدّثت لصحيفتنا القيادية في وحدات حماية المرأة بكوباني “دلارا حلب” قائلة: “مقاومة المرأة في مقاومة كوباني، وانتصارها على داعش كانت كفيلة بتغير معتقدات المجتمع البالية لمنظوره للمرأة التي حصرها في قوقعة الضلع القاصر، والعيب والعار”.

بداية لاسترداد المرأة لحقوقها المسلوبة 

وأضافت القيادية في وحدات حماية المرأة YPJ دلارا حلب: “كان للمرأة الكردية تأثير كبير في التصدي لمحاولات مرتزقة داعش، بالسيطرة على مدينة كوباني، إذ شكّلت تلك المقاومة تغييراً جوهرياً في قضية تحرّر المرأة من الذهنية العبودية والسلطوية”.

وأشارت إلى إنّ الإدارة والعزيمة اللتين قاومت بها مقاتلات YPJ في مقاومة كوباني، كانتا انتقاماً من الظلم والاستبداد الذي عانته على مر العصور من الذهنية السلطوية الفاشية، فالمقاومة كانت شرارة ثورة المرأة بوجه الظلم والاستبداد لتستر حقوقها المسلوبة بعزيمتها القوية”.

عزمنا وإرادتنا يحمينا 

وحول التهديدات الأخيرة التي تتزعمها دولة الاحتلال التركي؛ لشنّ عدوانٍ جديد على مناطق شمال وشرق سوريا، أردفت دلارا: “بروح تلك المقاومة الباسلة التي أثبتت للعالم مدى قوة إرادتنا وعزيمتنا في حماية أرضنا وعرضنا سنفشل وسنردع جميع الهجمات والمحاولات الغاشمة لزعزعة الأمن بمناطقنا”.

معاهدة خلال حديثها بمواكبة مسيرتهنّ النضالية، والسير على خطى المناضلات اللواتي سعين جاهداتٍ بتحرير كافة النساء من السلطوية والعبودية، وعدم سنح المجال أمام أي قوة باحتلال مناطقنا”.

وطالبت دلارا حلب القيادية في وحدات حماية المرأة بكوباني في نهاية حديثها من النسوة جميهنّ، بالرفع من وتيرة نضالهنّ بوجه الفاشية والطغيان، والعمل على إكمال مشروع تحرير المرأة من العبودية.