سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الفالنتاين السوري غير شكل!

بشار جرار/ واشنطن_


بعيدا عما يقال في مألات الأزمة الأوكرانية، وتداعيات ما قد يكون حربها الوشيكة على الشرق الأوسط، وتحديدا سوريا، وبصرف النظر عما جرى في السويداء، وعلاقته بقانون قيصر، أُكرِّس مقالتي هذه للقلب، ولسويدائه، للحب، وللمحبة، في عيد صار معتمدا دوليا، يعرف بعيد الحب، الفالنتاين، فالاعتماد لم يكن بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي، وإنما التجار وصناع الدعاية، والإعلان، الذين يتاجرون بكل شيء ما دام يدر ربحا، فكما للحب عيد، ثمة عيد للموت، وللخوف، الذي يعرف بالهالوين، بدأ بطقوس تتعلق بزيارة أرواح الأموات، وتحول شيئا فشيئا إلى عيد للسخرية من الخوف، ومن الموت، وهو بشكل، أو بآخر، موقف نابع من حب الحياة، ومن محبة الفرح.

ولغايات التسويق، لا بدّ من الترميز، فتميز مثلا الفالنتاين باللون الأحمر، فيما تميز عيد القديس باتريك، الذي يحتفل فيه الإيرلنديون، والكاثوليك في العالم باللون الأخضر، عيد الشكر يتميز باللونين البرتقالي، والبني، وبشيء من الاصفرار، في ترميز لأوراق الخريف المتساقطة، ووجبة الديك الرومي، أو الحبش (التركي)، التي يتحول جلده المقلي المقرمش إلى اللون البني، وهكذا لكل عيد معانيه وطقوسه، لكن الجميع يتساوى في كونه فرصة؛ لتحقيق الربح، التي زادت كلما زاد المنتج المسوّق حسنا في عيون المستهلكين.

طبعا مع الألوان تأتي الأذواق، فالحس البصري شيء، والتذوق بالحواس الأخرى أشياء أخرى، تكتمل معها الصورة، الأحمر القاني في الفالنتاين، لا يكتمل من وجهة نظر القائمين على التسويق، إلا بأساسيات، وبمكملات منها الورد – يفضل أن يكون طبيعيا، وذا شذى فواح، والشوكولاتة – وتفضل أن تكون داكنة حلوة، لا ترفع سكر الدم، ولا تزيد الوزن، ثمة مكملات أخرى تدخل في إطار المباح، والمحرم، المتاح، والمجرّم، المجتمعات المتدينة إسلاميا مثلا، لا تسمح بالكحول، وكذلك بعض الطوائف المسيحية المتدينة، تحرم الكحول، حتى في طقوس الصلاة، حيث استبدل مثلا “الميثوديست” النبيذ بعصير العنب، وطائفة “المورمونز” استبدلوا النبيذ بالماء في طقس المناولة.

معلوم أن سوريا الحضارة موغلة بالقدم، ولم تغب عن شعوبها ثقافة الحب، والمحبة أبدا، رغم تعاقب الأديان، والسلطات الحاكمة عليها عبر قرون، فمازالت الكلمة الأقوى في التعبير عن الحب على مدار العام، وليس فقط في عيد الحب، هي: “تقبرني” وفي اللغة الكردية – لغة أخوالي – وعيت على هذه الدنيا، وأنا أسمع والدتي، وخالاتي، وأخوالي، يكاد يلهجون بهذه الكلمة “قربانو”، نعم يا أيتها الأمة العظيمة، هذه البلاد تحتفي بالحب، وبالمحبة قبل القديس فالنتاين بقرون طوال، المحبة هنا تضحية، وفداء، فكل قربان، وأنتم بخير، أنتم، وممّا تحبون بخير..