سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الغزو التركي لشمال وشرق سوريا وهزيمة داعش عسكرياً عناوين بانوراما 2019

تقرير/ رفيق ابراهيم

عندما نعود بالأحداث إلى الوراء قليلاً وما برز منها خلال العام المنصرم، وبخاصة على الساحة في شمال وشرق سوريا، تعود بنا الذاكرة القريبة إلى الغزو الهمجي التركي على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) وما حدث من إبادة لشعوبها وتغيير ديمغرافي لجغرافيتها، وتهجير مئات الألوف لسكانها، حيث استخدم الجيش التركي ومرتزقته شتى أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة براً وجواً، كما كان استخدام الأسلحة المحرمة دولياً سابقةً خطيرة ضربت بها القوانين والمواثيق الدولية، حيث تم استهداف المدنيين العُزّل بالفوسفور الأبيض تحت مرأى ومسمع من العالم الذي لم يحرك ساكناً وهو يرى المشاهد الحية والمباشرة لهذا الفعل الإجرامي الشنيع، وكأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن موافقون على ما قام به الجيش التركي المحتل ومرتزقته من المجاميع الإرهابية المتطرفة، الذين ارتكبوا أبشع الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين العُزّل. ولكن؛ ما أبدته القوات المدافعة قوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها وحدات حماية الشعب من مقاومة دخلت التاريخ من أوسع أبوابها، ولولا قضف الطائرات من الجو لما تقدمت القوات المحتلة متراً واحداً.
احتلال سري كانيه وكري سبي
الهجوم التركي على شمال وشرق سوريا (تشرين الأول 2019) الذي أطلقت عليه دولة الاحتلال التركي اسم عملية “نبع السلام” هجمات عسكرية وغزو للأراضي السورية، قامت بها القوات المسلحة التركية والمجموعات المرتزقة المتحالفة معها ضد مناطق شمال وشرق سوريا. بدأ الغزو التركي في التاسع من شهر تشرين الأول 2019 عندما شنت القوات الجوية التركية غارات جوية على البلدات السورية الحدودية وبخاصة في سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) وذلك بعد أن بدأت القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال وشرق سوريا ومن نقاط تمركزها في المدينتين، بعد عدّة أعوام من وجودها العسكري في سوريا، حيث كانت تقود تحالفاً دولياً للقضاء على مرتزقة داعش من خلال دعمها لقوات سوريا الديمقراطية في حربها على مرتزقة داعش. تم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان، حيث صرّحت منظمة العفو الدولية بأنها جمعت أدلة تشير إلى أن القوات التركية والمجموعات المسلحة المدعومة منها قد أبدت تجاهلًا مخزيًا للحياة المدنية، وارتكبت انتهاكات جسيمة وجرائم حرب، بما في ذلك القتل المتعمّد والهجمات غير القانونية التي أدّت لقتل وجرح المدنيين، حيث ادعى أردوغان بأن الهدف من هذا الهجوم إعادة السوريين إلى ديارهم، وإنشاء ما تمسى بـ”منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومتر (20 ميل) في شمال سوريا، حيث ستتمّ إعادة توطين نحو 3.6 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا.
تعرّضت الهجمات التركية للإدانة على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي بينما أعلنت فقط دول قليلة عن دعمها لها، وشدّدت روسيا على موقفها من رفض الغزو، وقامت بنشر قواتها في الشمال، رغمَ اعترافها سابقًا بـ “حق تركيا في الدفاع عن نفسها”. فرضت دول مختلفة حظرًا على تصدير الأسلحة إلى تركيا، بينما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الوزارات التركية وكبار المسؤولين الحكوميين رداً على الهجوم، وبالمثل، فإن أوامر ترامب بالانسحاب المفاجئ للقوات الأمريكية من سوريا قد تمت إدانته على نطاق واسع باعتباره خيانة خطيرة للقوات التي دافعت عن العالم ضد الإرهاب، وضربة كارثية لمصداقية الولايات المتحدة. وبعد بضعة أيام، توصلت قوات سوريا الديمقراطية إلى اتفاق مع النظام السوري عبر الوسيط الروسي، سمح لقوات حرس الحدود السورية بالانتشار على طول الحدود السورية التركية، في محاولة لحماية البلدات من الغزو التركي، وشن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته هجوماً على منبج في اليوم نفسه.
في 17 تشرين الأول من عام 2019، أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أن الولايات المتحدة وتركيا قد توصّلا إلى اتفاق يقضي بوقف الهجمات العسكرية التركية لمدة خمسة أيام من أجل انسحاب قوات سوريا الديمقراطية لمسافة حوالي 30كم، وفي 22 تشرين الأول 2019، توصل كل من بوتين وأردوغان إلى اتفاق آخر لتمديد وقف إطلاق النار لمدة 150 ساعة إضافية من أجل إكمال قوات سوريا الديمقراطية لانسحابها مسافة 30 كيلومترًا بعيدًا عن المنطقة الحدودية، وكذلك من مدينتي تل رفعت منبج، كما تضمن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة بين روسيا وسوريا من جهة وتركيا من جهة أخرى على بعد 10 كيلومترات من الجانب السوري للحدود باستثناء مدينة قامشلو بدأ وقف إطلاق النار الجديد في 23 تشرين الأول. ولكن؛ الجيش التركي ومرتزقته لم يلتزموا به وبدأوا بمهاجمة المزيد من المناطق التي تقع خارج الاتفاق، ولا زالت الهجمات مستمرة وعلى الضامنين إيقاف هذه الهجمات التي تطال المنطقة.
هزيمة داعش
وقبل الاجتياح التركي ومرتزقته واحتلالهم لمدينتي سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) كانت هناك أحداث هامة في شمال وشرق سوريا حدثت في عام 2019، لا يسعنا ذكرها جميعاً ولكن سنذكر الهامة منها ولعل على رأسها يأتي خبر النصر العظيم الذي حققته قوات سوريا الديمقراطية على مرتزقة داعش، وكان من أهم الأحداث وأبرزها محلياً وحتى دولياً. وكان الإعلان في 23 آذار بالقضاء التام على مرتزقة داعش في آخر جيب له في الباغوز ريف دير الزور الشرقي بعد ستة أشهر من الحملات المستمرة ضدهم. وعلى الرغم من أن الهزيمة ألحقت بهم عسكرياً وجغرافياً، وانتهت سيطرة المرتزقة على الأرض التي سيطر عليها منذ عام 2014، ولكن لا زال يشكل تهديداً للمنطقة بأسرها، لوجود فكره المتطرف وخلاياه النائمة المنتشرة في كل مكان، في الأراضي السورية والعراقية، وهي قادرة على التنظيم من جديد وبخاصة أن العدوان التركي على المنطقة ساهم في إحياء المرتزقة مرةً أخرى، وازدادت في الآونة الأخيرة العمليات الانتحارية والتفجيرات والسيارات المفخخة.
المنتدى الدولي حول داعش وأبرز التحديات
ومن الأحداث التي لفتت الأنظار أيضاً المنتدى الدولي حول داعش الذي نظمه مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية والذي استمر لمدة ثلاثة أيام على التوالي، حيث عُقد في السادس من تموز وانتهى في الثامن منه، وتمحور المنتدى حول أبرز التحديات لمرحلة ما بعد القضاء العسكري والجغرافي على داعش، وشارك فيه نخبة من الخبراء والحقوقيين والباحثين الأجانب والمحليين تجاوز عددهم المئتين، ناقشوا من خلال المنتدى مصير عشرات الآلاف من مرتزقة داعش بما فيهم النساء والأطفال الأسرى لدى قوات سوريا الديمقراطية، حيث تمكنت هذه القوات وبدعم من التحالف الدولي القضاء عليهم في آخر جيب لهم بالباغوز، ويشكل هؤلاء عبئاً كبيراً على الإدارة الذاتية من حيث الأعداد الكبيرة وخطورة بقائهم ومصاريفهم المتزايدة. وطالب المنتدى جميع الدول وبخاصة دول التحالف بتحمل مسؤولياتها واستعادة مواطنيها لمحاكمتهم على أرضها، أو أن يكون هناك محاكمة تُقيّمها على أرض شمال وشرق سوريا لمحاكمة هؤلاء، وبدعم كامل من المجتمع الدولي، كما حض الجميع على وجود سجون مهيأة وتقديم المزيد من المساعدات للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وجعل يوم 23 آذار من ك
ل عام يوماً عالمياً للاحتفال بهزيمة الإرهاب.

العشائر السورية تؤكد وحدة الهدف والمصير
ومن المحطات الهامة الأخرى التي كان يجب الوقوف عندها انعقاد مؤتمر للعشائر السورية بعين عيسى في الثالث من أيار، بدعوة من مجلس سوريا الديمقراطية، من خلال تبني مبدأ الحوار والأخوّة والتعايش المشترك، والدفاع معاً عن المكتسبات، حيث تمخض عن هذا اللقاء قرارات هامة منها أن أبناء العشائر هم ضمانة السلم ا
لأهلي ووحدة التراب السوري والدفاع عنه، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية والتصدي للنعرات الطائفية والفتنة، والوقوف صفاً واحداً ضد العدوان الذي يستهدف المشروع الديمقراطي الذي اختاره جميع شعوب المنطقة، والوقوف إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية حتى تحرير آخر شبر من الأراضي السورية المحتلة.
تأسيس مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا
وفي الرابع عشر من حزيران أطلقت منظمات المرأة في شمال وشرق سوريا مؤتمرها وأعلنت عن تأسيس مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا، وبمشاركة واسعة من قبل النساء ومن جميع شعوب المنطقة، تحت شعار ” اتحاد المرأة الحرة ضمانة سوريا ديمقراطية”، وشارك في المؤتمر 150 عضوة مثلن منظمات المرأة في شمال وشرق سوريا، وتنظيمات المرأة في الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، والمجالس الخاصة بالمرأة. وانضم للمؤتمر وفد من باشور كردستان مؤلف من 13 عضوة، وحضره ضيوف من منظمات المرأة في سوريا، وناشطات من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
الوحدة الكردية ضرورة حتمية لا بد منها
وما يمكن أن نختم به هو المحاولات العديدة من قبل المؤتمر الوطني الكردستاني وفرعه في روج آفا حول وحدة الصف الكردي وعقد المؤتمر الوطني الكردستاني، وأثمرت تلك الجهود في الثامن من أيلول من خلال الزيارات والاجتماعات مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية الكردية ومؤسسات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا، عن توحيد رؤية 28 حزباً وكتلة سياسية، توصلت إلى إقرار عقد كونفرانس يجمع كافة الأطراف السياسية الكردية. وتوجت تلك الجهود بمبادرة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، تلك المبادرة التي دعت إلى تذليل العقبات أمام وحدة الكرد، والتي لاقت ارتياحاً كبيراً لدى القوى السياسية والشارع الكردي عموماً.