عندما نعود بالأحداث إلى الوراء قليلاً وما برز منها خلال العام المنصرم، وبخاصة على الساحة في شمال وشرق سوريا، تعود بنا الذاكرة القريبة إلى الغزو الهمجي التركي على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) وما حدث من إبادة لشعوبها وتغيير ديمغرافي لجغرافيتها، وتهجير مئات الألوف لسكانها، حيث استخدم الجيش التركي ومرتزقته شتى أنواع الأسلحة الثقيلة والمتطورة براً وجواً، كما كان استخدام الأسلحة المحرمة دولياً سابقةً خطيرة ضربت بها القوانين والمواثيق الدولية، حيث تم استهداف المدنيين العُزّل بالفوسفور الأبيض تحت مرأى ومسمع من العالم الذي لم يحرك ساكناً وهو يرى المشاهد الحية والمباشرة لهذا الفعل الإجرامي الشنيع، وكأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن موافقون على ما قام به الجيش التركي المحتل ومرتزقته من المجاميع الإرهابية المتطرفة، الذين ارتكبوا أبشع الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين العُزّل. ولكن؛ ما أبدته القوات المدافعة قوات سوريا الديمقراطية ومن ضمنها وحدات حماية الشعب من مقاومة دخلت التاريخ من أوسع أبوابها، ولولا قضف الطائرات من الجو لما تقدمت القوات المحتلة متراً واحداً.
في 17 تشرين الأول من عام 2019، أعلن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أن الولايات المتحدة وتركيا قد توصّلا إلى اتفاق يقضي بوقف الهجمات العسكرية التركية لمدة خمسة أيام من أجل انسحاب قوات سوريا الديمقراطية لمسافة حوالي 30كم، وفي 22 تشرين الأول 2019، توصل كل من بوتين وأردوغان إلى اتفاق آخر لتمديد وقف إطلاق النار لمدة 150 ساعة إضافية من أجل إكمال قوات سوريا الديمقراطية لانسحابها مسافة 30 كيلومترًا بعيدًا عن المنطقة الحدودية، وكذلك من مدينتي تل رفعت منبج، كما تضمن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة بين روسيا وسوريا من جهة وتركيا من جهة أخرى على بعد 10 كيلومترات من الجانب السوري للحدود باستثناء مدينة قامشلو بدأ وقف إطلاق النار الجديد في 23 تشرين الأول. ولكن؛ الجيش التركي ومرتزقته لم يلتزموا به وبدأوا بمهاجمة المزيد من المناطق التي تقع خارج الاتفاق، ولا زالت الهجمات مستمرة وعلى الضامنين إيقاف هذه الهجمات التي تطال المنطقة.
وما يمكن أن نختم به هو المحاولات العديدة من قبل المؤتمر الوطني الكردستاني وفرعه في روج آفا حول وحدة الصف الكردي وعقد المؤتمر الوطني الكردستاني، وأثمرت تلك الجهود في الثامن من أيلول من خلال الزيارات والاجتماعات مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية الكردية ومؤسسات المجتمع المدني في شمال وشرق سوريا، عن توحيد رؤية 28 حزباً وكتلة سياسية، توصلت إلى إقرار عقد كونفرانس يجمع كافة الأطراف السياسية الكردية. وتوجت تلك الجهود بمبادرة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، تلك المبادرة التي دعت إلى تذليل العقبات أمام وحدة الكرد، والتي لاقت ارتياحاً كبيراً لدى القوى السياسية والشارع الكردي عموماً.
السابق بوست
القادم بوست