العشائر السورية قالت كلمتها

رفيق إبراهيم –

تعتبر العشائر السورية خزاناً بشرياً هائلاً لما لها من تأثير بالغ الأهمية في الحياة العامة، وبخاصة في مناطق شمال وشرق سوريا، والبيئة العشائرية تمتاز بعدة صفات وميزات هامة، فهي المعروفة بالإيثار والكرم وإغاثة الملهوف وتلبية النداءات الوطنية، والدفاع عن الأرض والشرف ضد المخاطر المحدقة بها. وبالطبع أتحدث عن البيئة العامة التي تتصف بها العشائر عربيةً كانت أم كردية، وهذا ما أكدت عليه التواريخ والأزمنة المتعاقبة الماضية والحاضرة، ففي الماضي كان التلاحم والتعاضد ضد جميع أنواع الاحتلالات والمصاعب التي تعرض لها الوطن، والآن نرى ذلك جلياً فيما تسعى إليه العشائر. ولعل رفد قوات سوريا الديمقراطية بالمزيد من المقاتلين هي السمة الأبرز بما تقوم به العشائر وعلى مختلف ألسنتها، وأيضاً الوقوف خلف هذه القوات وتقديم كل ما هو ممكن لها، والانخراط في المجالس المحلية للمناطق المحررة كافة، كانت سمةً بارزة أخرى لهذه العشائر التي اجتمعت في عين عيسى لتقول كلمتها والتي ترددها في كل وقت وحين، ألا تتنازل عن شبرٍ من أرض الوطن لأي كائنٍ كان، ومهما كلف ذلك من أثمان. وهي على استعداد للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل العيش الحر الكريم ومهما بلغ من قوة، والوصول بالوطن إلى بر الأمان وإنهاء الأزمة التي تعصف بسوريا منذ أكثر من ثماني سنوات، هذه المعضلة التي عملت بعض الدول لإطالة أمدها كي تستفيد مما آلت إليها الأمور، لتكون الوصي على الشعب السوري وتنهب خيراته. ومن المعروف أنّ دولة الاحتلال التركي هي من أكثر الدول التي عبثت ولعبت دوراً تخريبياً وتدميرياً في سوريا وغيرها من دول الجوار، وهي التي تخطط لمؤامرات تهدف إلى احتلال الأراضي السورية كافة، وما يجري في جرابلس وإعزاز والباب وعفرين ما هي إلا أدلة دامغة وقاطعة على الدور التركي المخرب في المنطقة، وآخر ما توصلت إليها الدولة المارقة هو بناء جدار التقسيم حول مدينة عفرين السورية، في إيحاءٍ بأن هذه المدينة باتت ضمن الجغرافية التركية؛ بهدف سلخ عفرين عن محيطها السوري. وبناء هذا الجدار هو جس نبض للمجتمع الدولي أولاً والنظام السوري ثانياً. ومن المعيب بل من العار أن يصرح الرئيس الروسي بوتين في وقتٍ سابق، ألا علم لهم ببناء الجدار حول عفرين، وروسيا هي من تسيطر على تلك المناطق، وهي تراقب حتى دبيب النمل هناك، أليس من السخافة ومن العار أن يتنصل رئيس دولة عظمى من مسؤولياته على الأقل تجاه حليفه الأسد، ويبيع ويشتري بالسوريين من أجل مصالحه ومصالح دولته، وعلى حساب السوريين الذين تُرِكوا ليواجهوا قدرهم.

ملتقى العشائر السورية أثبت أنهم مسؤولون أمام الشعب بأنهم يعون مدى حساسية المرحلة ودقتها، والعمل على عدم الانجرار وراء بعض الأشخاص الذين يتبعون لأجندات بعض الدول، ويعملون ليل نهار على زرع الفتن بين شعوب شمال وشرق سوريا، وهم يدركون أن مبدأ أخوّة الشعوب والتعايش المشترك والدفاع عن المكتسبات التي تحققت، يجب أن يكون من أولويات المرحلة القادمة، والعشائر قادرة على التخلص من تلك العقول التي تريد خلق الفتنة والمشاكل، والثمن هو منفعة مادية أو شخصية ليس إلا. والعشائر السورية في الملتقى قالوا كلمتهم؛ فأكدوا على العمل الجاد والمساهمة في حل الأزمة السورية سياسياً، ووحدة التراب السوري، وإنهاء كافة أشكال الاحتلال للأراضي السورية، وأن العيش المشترك وأخوّة الشعوب هو الأساس الذي يجب الاعتماد عليه، وقيام نظام سياسي ديمقراطي مستقر في ظل دولة لا مركزية تعددية، ووضع دستور سوري جديد توافقي يمثل الجميع دون استثناء، ومحاربة الإرهاب والمرتزقة والعمل على إنهاء الفكر المتطرف ومحاربته، والعمل على توحيد الصفوف لكافة القوى السياسية والاجتماعية لدمقرطة سوريا، ورفض أي تمييز على أساس قومي أو ديني أو جنسوي، وحرمة الدم السوري على السوري وتوجيه البنادق إلى كل من يخطط لضرب الأمن والاستقرار في المنطقة، والعمل على عودة المُهجرين والوقوف خلف قوات سوريا الديمقراطية ودعمها المطلق في الدفاع عن الأرض والشعب.