سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الطواحين لم تكن وهماً يا دون كيشوت

محمود حسن (كاتب سوري)_

 في المدن الصغيرة، يُساء فهم العزيمة، ويطارَد الحالمون، بالكلاليب والسلاسل لجرهم إلى الواقع مرة أخرى، يلهو الراسخون في واقعهم بالأحلام ساخرين، في المدن الصغيرة، يبدو الحالمون وكأنهم خارجون عن القانون. تُزرع في طريقهم الفخاخ، وتتربص بهم عيون الراعي الفطن، الخائف على القطيع من ذئاب عوائها أغنيات جديدة، ومخالبها من نور يمزق ظلمة الاستكانة، لم يرَ الحالمون في مدينتي الصغيرة أنفسهم كذئاب، ولم تكن أغانيهم عواء جديداً في أودية الصدى المتخم بالتكرار، كان عدو الحالمين فيها نحو الأعماق، لا ركضاً الى الأمام أو الى الخلف، ولم تكن أغنياتهم جديدة، بل منسية، لكنهم في سعيهم كحالمين كانوا ذئاباً بحق.
الحلم كان شكلاً من أشكال التعبير عن الحب لهذي المدنية، كلنا يحبها ويحب فراتَها، الكل يحب نماذجها الإنسانية، ومغرم حتى اللطم بحزنها، وفخور بجسارتها، وعنفوانها، الكل متصالح مع تناقضاتها، ففيها ما يكفيها من حزن، وفيها ما يوازي حزنها من السخرية، فيها الوفرة، وفيها القحط، هي سيدة التنمر، وقاموس للترحاب والغزل الفجائعي.
سار الحالمون في شوارعها وعند شطآنها ليعلنوا الحب على طريقتهم، غنوا، مثّلوا، رسموا، وألقوا القصائد، فلاحقتهم الألقاب والتصقت بهم، وشبعوا من صفير الساخرين، لكن المدن الصغيرة كالأخوات القويات، حنونة، تأخذهم إلى ليلها القصيّ تهدئ من روعهم، وتمنحهم سراً صغيراً يغذي الحلم، ويثبت أقدامهم.
كل شيء في هذه المدينة الصغيرة كان متوفراً لكنه غير حقيقي، الملاعب لم تكن ملاعباً، ولا اللاعبون كانوا قد جربوا طعم الركض بالأحذية الثمينة، لكن الدمَ كان أزرق، والأهازيج قوية وهادرة كالزلزال، وقد تهوي بالمدرجات والمنصات في لحظة غضب، أو فرح، الدموع كانت حقيقية، والعروق المنتفخة في الوجوه والحلوق كانت حقيقية كذلك، وسخرية الجمهور خارج الملعب من أولئك الحمقى، الذين هدروا أعمارهم في الركض وراء كرة، رجال في وجوههم شوارب وليس في جيوبهم ما يسد الرمق، تلك السخرية كانت حقيقية أيضاً، وحدهم اللاعبون الحالمون، باعوا الخبز اليابس في الصباح، ثم عادوا وحصدوا النجوم والألقاب، وملؤوا الغرف الشاحبة بالكؤوس وصور التتويج.
لم يكن المسرح مسرحاً حقاً، كان تجويفاً كالحاً مترعاً بالفوضى والأثاث البالي، لم يكن سوى منصة للخطابة، عالية، فوقية، لا فضاء لها، بإنارة شاحبة، تمحو الفعل والانفعال، ولم يكن الممثلون يجرون ”بروفة” طاولة، لأنه لم يكن ثمة طاولة هناك، لأن الطاولات متوفرة فقط للاجتماعات الحزبية، والشؤون الطلابية، والمسرح مكان طارئ مؤقت بلا أهمية.
في هذا الصرح الحزبي المدرسي، لم يكن أحد ليتخيل أن يُشغل هذا التجويف المظلم بشيء إلا في أوقات الانتخابات والزيارات الخطابية الرسمية، وأحيانا غراميات الأساتذة والمدراء، لم يكن يساوي المسرح أكثر من ذلك، لكنه في عُهدة الحالمين، كان نوراً ومصنعاً للسحر، قفز على خشبته المتهالكة ” كاليغولا” وحلقت في فضاءه المحدود شخصيات ”صموئيل بيكيت، وداريفو”.
كان رجاله على درجة من الجنون والغرابة ما جعله مقصداً لكل الحالمين والمطاردين بأحلامهم، مجانين وحالمين وصادقين، وكأن العالم كله يتابعهم عن كثب، ليسوا مشاهير، لكنهم كانوا جسورين وكأنهم نجوم روك أند رول، جاؤوا من مسرح صغير، في ثانوية منسية، حلموا هناك بمسرح الحمرا والقباني، وبوصلة تصفيق طويلة، فكان لهم ذلك، وقف جمهور دمشق الهجين، دقائق طويلة يصفق بقوة وتنسيق موزون لشباب جرد، ورجال بلحى وشوارب غليظة، مراهقون أباء، فتيات، وأمهات، فالحلم لا يعرف عمراً، والحالمون لا يكبرون. سلاماً عليك يا سيمون، وأنت تصرخ ”أريد القمر”، سلاماً يا ضرام وأنت تعيد للعالم استقامته، متكئاً على ميلانك، لوجه الطائر في ملامحك، وللبراعة والبديهة في صوتك، سلاماً يا أيمن، لجعلك غرابة الأطوار فناً وذاكرة.
ما الذي كنا سنتحدث عنه، لو لم تكن مستعداً لإلغاء العرض الأول من أجل زجاجة بيرة، أو فلسفتك في استحقاق دور البطولة، البطولة للأقوى، إما عراك بالأيدي أو مبارزة على طريقة الفرسان، سلاماً يا عطوان، للغجري في رتمك ولصوت الغيتار في حديثك، سلاماً لمهيار، من انفجر قلبه في دمشق، ودوى الانفجار في مسرح الحمراء واستلقى على الخشبة مضرجاً بالشعر والضوء، وفوقه طافت غيمة أنفاس صادقة.
كل هؤلاء…حملوا مدينتهم الصغيرة متاعاً، وطافوا بها جغرافيا سوريا، كرموها، أجبروا دمشق على الابتسام لها، وقفوا بثبات على مسارحها، فقراء متعففين، ممتلئين كرامة وغبطة وموهبة، حصدوا الجوائز والتكريمات، وهم بلا مسرح حقيقي يحتويهم، كانوا هم المسرح، والمسرحية.
فراتٌ آخر…. وحدها الموسيقا كانت فراتاً آخر يجري في العروق والحناجر، ورغم حزنها وأجراسها الكربلائية، كانت قيداً للحالمين ومفتاحهم إلى حرية التجريب، منها يبدؤون ومنها يحاولون الفرار إلى عالم أوسع من الموليا وأمد من العايل، كان من المستهجن في هذه المدينة المخضبة بالبكائيات والفراقيات، أن تجد موسيقيين، يضمنون اللهجة الخام، موسيقا الهارمونيكا والصفير، والكلاسيك روك، بل ومن عجائب هذه اللهجة أنها تماهت مع هذه الموسيقا، وتنقلت مثل فراشة بين أنماط الموسيقا الغربية، فلم تكن غريبة ولا بعيدة، بل منحت الموسيقا روحاً خفيفة الظل، وشجناً خاصاً، وعلى وقع انغام “الكونتري”، سوف تسمع شباناً يغنون: ”لا تنسى الشباك بالليل مفتوح… وحدو القمر سهران بالسما ملكوح”.
سوف ترى كاسر حباش ويماني، ككيمائيين يخلطان الغرب مع الشرق ويمددان كثافة البيئة بالطرافة والذكاء، وسوف ترى حازم العاني، كجندي في ساحة معركة في لحظاته الأخيرة، يوصيك أن تسمع غناء فريد الأطرش، لكن إياك أن تستمع لعزفه على العود، إن أردت أن تسمع عزفاً حقيقياً، ليس لك سوى جميل ومنير بشير.
كل أولئك كانوا رياضيين بلا رياضة، مسرحيين بلا مسرح، وموسيقيين، تُقطع أصابعهم في الصباح وتعود وتنمو في الليل، كلهم دونكيشوتيون، لم يكن جبابرتهم وهماً بصورة طواحين، كانوا جبابرة بحق، وكانوا قساة بحق، بلا عتاد سوى قلب الفارس فيهم مثل الدون كيشوت، آخر الفرسان، الذي لم ينجح بتغيير العالم، ولكنه لم يتغير، وهم كذلك، أحصنتهم الهزيلة، هي مفردات واقعهم، ورماحهم هي الصبر، ودروعهم، هي ذائقتهم العالية، لا معين لهم سوى فطرتهم السليمة التي كانت تلازمهم كما لازم سانشو صاحبه النبيل، أما أنت، هناك وأنت تسير الآن في شوارع هذه المدينة الصغيرة، التي صارت مظلمة الآن، وأنت تمر بجانب الفرات وترى في جريانه، عناداً ومناكفة لكل اليأس والإحباط، تذكر أن هناك من آمنوا بقلوب الفرسان فيهم، حتى وإن هزموا الآن، فهم يدركون أن ما حاربوه لم يكن وهماً، وما حاربوا لأجله، لن ينتهي، فإذا رأيت جباراً إياك أن تظن أنك ترى وهماً، هذا يعني أن لك قلب فارس، اتبعه.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle