الصراعات الإقليمية ما بعد داعش

عزير سليمان –

إن ما يحدث من صراعات إقليمية دولية في الشرق الأوسط له تداعيات قريبة وبعيدة المدى على الساحة، وبخاصة روج آفا وشمال سوريا، حيث بدأ الانفراج السياسي يطفو على السياسة الإقليمية، وتصفية جميع القوى الإرهابية في المنطقة من مرتزقة داعش وأخواتها، إلا أن المشهد بدأ بتغريدة ترامب بالانسحاب من سوريا ومناطق شرق الفرات؛ مما أجج الصراع بين الدول وأطراف النزاع في سوريا. تركيا من جهة والروس والإيرانيين ودخول إسرائيل كلاعب قوي بضرب إيران في سوريا، كما تتداول هذه الفترة أيضاً المنطقة الآمنة، يبدو أن الأتراك غير راضيين على المنطقة الآمنة بحجة حماية الأمن القومي، إلا أنهم في البداية وافقوا على هذه المنطقة، وأرادوا أن يدخلوها بحجة حماية المكونات وتصريحاتهم بأنهم يحترمون الكرد وبأنهم أخوتهم، وعفرين هي دليل على أن كل ما يقال ما هو إلا كذب ونفاق، والبداية كان بهدم نصب كاوا الحداد الرمز التاريخي والثقافي للشعب الكردي، وتغيير أسماء القرى والبلدات إلى اللغة التركية وتوطين سكان الغوطة والقلمون وحلب في عفرين، وتم تهجير أهلها إلى مناطق الشهباء وخطف من بقي منهم وتعليم الأطفال باللغة التركية والعربية، ومنع اللغة الكردية بحجة حماية الأمن القومي التركي، وأنهم يريدون أن يجعلوا من شرق الفرات مستعمرة لهم كما فعلوا بعفرين وديرسم وآكري وقتلوا السريان والأرمن ومجازر السيفو.

إن الانفجار الذي حدث في منبج له دلالات أن الاستخبارات أو الميت التركي وراء هذه العملية، وأيضاً الانفجار الذي حدث في الشدادي يوحي بأن إيران وراء تفجير كهذا، إذ كانت السيارة المفخخة التي نفذت العملية بالرتل الأمريكي بعدما اجتاز حاجز أمني لقوات الأسايش. إنما تريده روسيا هو تحريك إيران وتركيا بافتعال عمليات نوعية لتسريع الخروج الأمريكي من المنطقة، عندما تضرب إسرائيل إيران في سوريا أيضاً إيران لديها الورقة بضرب الأمريكان بشرق الفرات كما تفعل في العراق بدعم المليشيات الشيعية الطائفية.

ربما قد بدأنا بحرب جديدة إقليمية في المنطقة أو حرب عالمية ثالثة، يبدو أن الصراع بدأ يأخذ منحاً جدياً فالمخططات السياسية التي تدور في أذهان الفرقاء، لا يندر بالخير في المنطقة، فهناك أجندات سياسية خبيثة مكاسبها اقتصادية، فشهر العسل بين تركيا وقطر والغاز القطري هي من أوليات تركيا، التي تريد تصديره إلى أوروبا عن طريق سوريا، ومسألة إدلب هي عبارة عن ورقة تركية للمقايضة على شرق الفرات. أن هذه الأيدولوجية التي يتخذها أردوغان وحزب العدالة والتنمية لا تأتي من فراغ، فهي من الداخل منهارة وحالات الإفلاس في الشركات التركية في البلاد تحدث بشكل يومي، حيث بدأ التضخم في الاقتصاد التركي وانتخابات البلديات على الأبواب، وهو في موقف حرج فإما أن يقوم بعملية خارج حدوده؛ أي ضد مناطق روج آفا، أو ستكون أمام حدث اقتصادي قد يؤدي إلى انقلاب عسكري والقضاء على الفاشية.

يشهد التاريخ الكثير من الحكومات الفاشية والديكتاتورية التي قمعت شعوبها وشعوب أخرى في الكثير من الدول مثل هتلر في ألمانيا، حيث دمر الشعب والبنى التحتية في بلده قبل أن يدمر دولا كثيرة مثل فرنسا وروسيا وليبيا، وكذلك فرانكو في إسبانيا وهو أيضاً كان دكتاتورا ضد شعبه، وموسليني في إيطاليا، وهؤلاء ذكرهم التاريخ على أنهم طغاة وفاشيين.

أما نحن كشعوب المنطقة لدينا ثقافة التآخي والعيش المشترك بين جميع المكونات في روج آفا وشمال وشرق سوريا، كما أننا نعيش في جوٍ من الأمن والاستقرار، وفي ظل أجواء من الديمقراطية. ولن نقبل بالغزاة الطامعين في أرضنا، وسنحمي مناطقنا من جميع التهديدات؛ لأننا نمتلك أيديولوجية إنسانية وروح ثورية وندافع عن جميع شعوب المنطقة، وبوجود قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة سنحافظ على العهد بالدفاع عن الجميع حتى آخر نقطة من دمائنا؛ لأن هذه القوات رسموا الحدود بدمائهم الطاهرة.