الشهيد يكتا هركول.. ثورة ضد المتآمرين ورمز للمسرحيين

إعداد/ دعاء يوسف_

عشق المسرح والفنّ، فتآلفا بروح الكلمة وتجسيد الفعل المنطقي المضفي إلى نتيجة جديرة بالثقة والإعجاب، ربما لم يكن عملا مسرحيا يصفق له الحاضرون على خشبة المسرح، لكن من أعماله الحقيقية، التي أعطته خلودا في الزمان والمكان، ما قام به على خشبة مسرح الحياة الخالدة بذكره، وأمام مرأى العالم كله، نار محرقة أشعلها بجسده في عملية فدائية في ساحة سعد الله الجابري بمدينة حلب؛ تنديداً بالمؤامرة الدولية، التي طالت القائد عبد الله أوجلان، في يوم محبب إليه يوم المسرح العالمي 27 آذار 2004، وبهذا العمل الهادف أوصل صوته وفكرته للعالم، وأصبحَ رمزاً للمسرحيين جميعا بفنهِ، وحبهِ للإنسان وسَطّر اسمه في صفحات تاريخ المسرح، وتخليدا لعمله البطولي يقام سنوياً مهرجان للمسرح، يحمل اسمه، فما أحرانا باليوم العالمي للمسرح أن نعرّف القارئ بالمناضل الذي سار على درب الشهادة العظمى، هو المناضل يكتا هركول.

من هو الشهيد يكتا هركول..؟!

أردوغان قهرمان “يكتا هركول”، مسرحي كردي، ولد في شهر آذار عام 1968 في هوزات في باكور كردستان، وكُبرَ وترعرع فيها، وعاش قصص مجزرة ديرسم.

أنهى دراسته الجامعية في جامعة غازي، وبدأ مسيرته المهنية بأول عمل له في أنقرة، واختتم اعماله على خشبة مسرح في اليونان فلعب دور كاوا الحداد، وقد تعرض للاعتقال في سجن أرزروم، وبعد سنوات طويلة، كان يتذكر تلك الحادثة بكثير من الفكاهة، ويقول “لعبت أهم أدواري في الحياة في السجن”.

وقد زارَ اليونان، ورومانيا، وروسيا وعاش حياته في خدمة الفنّ والشعب، وترك فيها مسيره نضالية متنوعة الأدوار المسرحية، أبرزها “كاوا الحداد”. هذه الرحلة الطويلة التي بدأها بالسلطان عبد الله وأنهاها بكاوا الحداد؛ حثته على استكمال رحلته من أرض الأناضول إلى جبال كردستان. ففي سوريا تولى مهمة الإشراف على مؤسسة الثقافة والفنّ في إحدى القرى الكردية، وقد ظهرَ على خشبة المسرح خلال العديد من العروض الفنيّة المسرحية.

وحمل العديد من الألقاب، فنان ومناضل، وضمير المجتمع، وعضو مدرسة الشهيد صفقان للثقافة والفنّ، فقد كان مبدعاَ فبإمكانه تحويل أي مكان إلى خشبة مسرح، بأدوات بسيطة ومن غيرها حتى، فبرفشٍ ومعولٍ يقدم عرضاً من عروضه المسرحية، ولسان حاله يقول “المجتمعات تُبنى من خلال الفن”، ومن هذا المنطلق رغب بافتتاح مدارس الفنّ والثقافة في سائر أرض كردستان.

مهرجان يخلد اسمه

وفي الرسالة التي تركها قبل قيامه بإشعال النار في جسده: “حين يتعلق الأمر بالفنّ والفنانين يجب أن تكون اللحظة الحماسة مضاعفة ألف مرة، وصناعة الفنّ وإبداء العزيمة القوية والموقف الأخلاقي اللازم لذلك؛ لأن الفنّ وُضع في خدمة التنوير والتوعية، إنني ومن خلال عملية إضرام النار في جسدي أحاول دعوة الرفاق إلى مزيد من الجديّة، كما إنني أطلب من خلال ذلك الاعتذار من أبناء شعبي، وإنني بهذا العمل الحقيقي أوجه التحية إلى مقاومة الحرية في إيمرالي وكذلك إلى شهدائنا في عفرين وقامشلو”.

وفي تاريخ 27 آذار، من كل عام تمر ذكرى اليوم العالمي للمسرح، حيث تسلط الأضواء في مختلف أنحاء العالم على فنّ المسرح، كما تعرض العديد من العروض المسرحية، أما الحركة المسرحية الكردية؛ فإن ليوم 27 آذار معنى خاصاً ومختلفاً، وهذا المعنى يتعلق بيكتا هركول، الشخص الذي منح هذا اليوم معناه المميز، لذلك تقوم هيئة الثقافة والفن في كل عام القيام بمهرجان للمسرح يحمل اسمه، الذي جعل جسده متراساً وجسراً لحث الفنانين على المقاومة، وإطلاق صرخة كبيرة بوجه المؤامرة الدولية.