الزي الكردي.. همزة الوصل بين ماضي ثقافة الشعب الكردي وحاضره

روناهي/ الدرباسية –

لا يزال الزي الفولكلوري الكردي محافظاً على وجوده كأحد الامتدادات الثقافية للشعب الكردي. فإلى جانب علامات أخرى، كالوشم الكردي وغيره، يعدُّ الزي الكردي علامة على التراث الذي يُعدُّ أساساً لحاضر الشعب الكردي.

منذ فجر التاريخ، تتمايز الشعوب عن بعضها، بمجموعة من العلامات، كاللغة، والعادات والتقاليد، والزي الخاص بكل الشعب، هذه العلامات هي دلالات تميز الشعوب عن بعضها، حتى قبل التحدث مع أي أحد منهم. وفي منطقة الشرق الأوسط، حيث التعدد القومي والثقافي والعرقي، نرى بأن مجموعة من الشعوب تعيش سويةً على أرض واحدة، إلا أن كل شعب من هذه الشعوب يُحافظ على خصائصه التي تُميزه عن باقي شعوب المنطقة.

وفيما يتعلق بالشعب الكردي، فيُعد الزي الكردي، المؤلف من “الشروال” للرجال، و”الخفتان” للنساء، من أبرز العلامات التي يُعرف بها الكردي عن باقي شعوب المنطقة. فيُعد هذا الزي، هو الزي الفولكلوري التراثي للشعب الكردي.

وفي الماضي، كان الرجال والنساء يرتدون هذا الزي في حياتهم اليومية، أما اليوم، فقد بات هذا الزي هو الزي الرسمي للشعب الكردي في مناسباته القومية، لا سيما عيد النوروز، فكل شب كردي أو فتاة كردية، لا بد أن يمتلكا على الأقل زيا كردياً واحداً لإحياء المناسبات الكردية.

ولكن، بالنسبة لأجدادنا الكرد، بقي هذا الزي هو زيهم اليومي، الذي يرتدونه بشكل مستمر، بغض النظر عن وجود أو عدم وجود مناسبة كردية، وذلك سعياً منهم للحفاظ على هذا الزي كأحد معالم ثقافة الشعب الكردي، التي نعيش على أساسها حتى اليوم.

من علامات الجمال

الأم عدلة برو تتحدث لصحيفتنا عن هذا الزي تاريخياً: “إن الزي الكردي هو جزء من ثقافتنا التي تربينا عليها، فهذا الزي يعبر عن انتمائنا إلى الطبيعة، حيث أنه يتألف من ألوان متعددة وزاهية تُعبر في مجملها عن ألوان الطبيعة، ونتيجة ارتباطنا بطبيعتنا الجبلية، التي يتألف منها وطننا، اعتمد هذا الزي زيّاً رسمياً للشعب الكردي”.

وأضافت: “سابقاً، كان هذا الزي من علامات الجمال والأناقة للفتاة، أو للشاب الكردي، وذلك من خلال التصاميم، التي كانت تُصمم لكل زي، بالإضافة إلى ذلك، نوعية القماش الذي يُحاك منه هذا الزي. حيث لم تكن الملابس الدارجة حالياً موجودة آنذاك. بالإضافة إلى ذلك، أن العروس الكردية في زماننا ذاك كانت تتميز بجمال زيها الكردي الذي كانت ترتديه في زفافها، بعكس الموديلات الدارجة في هذه الأيام، والتي لا تمت لثقافتنا بصلة”.

وأنهت الأم عدلة برو حديثها: “نتيجة لارتباطنا بجذورنا الثقافية، لم يتخلَّ جيلنا عن العادات والتقاليد التي ترعرع عليها، وقد حافظنا على زينا الكردي كجزء أساسي من تلك الثقافة، فبالرغم من التطور الحاصل الآن، لا نزال نتمسك بزينا الكردي كدليل على إصرارنا على التمسك بثقافتنا، وبفولكلورنا الكردي التاريخي”.

التمسك بالهوية الثقافية

من جانبها، تحدثت الشابة سوسن رشيد عن الزي الكردي في الحاضر: “على الرغم من اقتصار الزي الكردي في حياتنا اليومية الراهنة على الجدات والأجداد، إلا أننا لم نتخلّ نحن الفتيات والشباب عن هذا الزي حتى اليوم، حيث أننا لا نزال نُحيي مناسباتنا الكردية كلها بزينا الفولكلوري، الذي يُعبر عن هويتنا الثقافية، ولا اعتقد بأن الأجيال القادمة ستتخلى عنه”.

وتابعت: “أن أي شعب لا يمكن أن يتجرد من ماضيه ومن تراثه، فالماضي والتراث هما الأساس الذي يُبنى عليهما الحاضر، ونحن الشعب كردي، يُعدُّ زينا جزءاً من ماضينا، ومن تراثنا، صحيح بأن ارتداءه بالنسبة لجيلنا يقتصر على المناسبات الكردية، إلا إننا من خلال هذه المناسبات نؤكد على تمسكنا بتراثنا وثقافتنا، ونصر على عدم التخلي عنهما”.

اختتمت الشابة سوسن رشيد حديثها: “إن جزءاً كبيراً من التطور الحاصل اليوم يلعب دوراً سلبياً، فمن خلال ترويج كل ما هو حديث وعصري، يسعى البعض إلى القضاء على الهوية الثقافية الأصلية للشعوب، وذلك لسلخ الشعوب عن ماضيها، ولعل ندرة ارتداء الزي الكردي يندرج أيضاً في هذا الإطار. ولكن، في مواجهة هذه المساعي، بقي الشعب الكردي مُصراً على التمسك بهويته الثقافية، وبالتالي هو مُصر على التمسك بتاريخه وبحضارته”.