هيفي رقة_
ميلاد القائد ميلاد النساء كلهن، ولادة القائد لم تكن كأي ولادة، تقوم بها أي أمٍّ بعد صبر، تصبره مدة تسعة أشهر، بل صبرت حتى جاءت بأكبر هدية للبشرية جمعاء.
ولادة أوجلان كانت رسالة كونية: ولد قائد الشعوب عبد الله أوجلان في الرابع من نيسان/ أبريل 1949 في قرية أمارة.
إن ولادة وميلاد القائد، هي رسالة كونية، تحمل في طياتها السلام، والحب والبحث عن الحرية للجنس البشري، الذي كاد أن يفقد معرفته لنفسه، ويكون أداة تحريك، تسير المجتمع حسب ما أرادته الأنظمة العالمية، وحداثتها الرأسمالية، التي جلبت الخراب على رأس البشر. كما إنه يحمل معه بشائر خير لانتفاضات، ولثورات ستقوم بها الشعوب المضطهدة، منها الشعب الكردي الذي عانى ما عاناه من سياسة الإنكار، والإبادة بحقه وقمع الثورات.
لكنه ومع ذلك لم يخل التاريخ من مقاومة الشعب الكردي، بل سجل تاريخ الشعب الكردي أسماء الكثير من القادة، الذين تم إقصاؤهم بمؤامرات الدول الحاكمة، أو بسبب الخيانات الداخلية، لكن التاريخ قدم قائدا ملهما هو قائد ثورة، ومؤسس لفكر ديمقراطي حر، ذلك القائد هو عبد الله أوجلان.
طفولة القائد انتفاضة بوجه الذهنية الرجعية للأنظمة التسلطية، فطفولة القائد لم تكن طبيعية كما يصفها البعض، بل كان منذ صغره باحثاً لمعرفة الحقيقة، ومدى ارتباط الإنسان والطبيعة وعلاقتهما من كونهما كلاً متكاملاً. كما كان متمرداً بوجه الذهنية الرجعية، التي سيطرت على المجتمع من خلال استنادها إلى العائلة، المحرك الرئيسي لنظامها، فقام بانتفاضته الأولى بوجه العائلة، ليكون بذلك خطا أولى خطواته بدرب الثورة والحرية.
تبدأ الولادة الثانية للقائد من أطروحة كردستان مستعمرة، وتأسيس حزب العمال الكردستاني: تبدأ الولادة الثانية للقائد عندما أكمل مراحل تعليمه، إلى أن التحق بكلية الحقوق في إسطنبول عام 1971، وفي هذه الأثناء بدأ القائد سعيه إلى تعريف الحقيقة، التي من خلالها قام بتعريف الحياة، لتكون أول حقيقة يبحث عنها، وهي حقيقة أن “كردستان مستعمرة”. وهنا تبدأ مرحلة الخلق، وهذا ما يميز القائد عن القادة الأخرين في العالم بخصوصياته، التي لم تتواجد في كل شخص.
من العدم قام القائد أوجلان، هو ورفاقه بتأسيس المجموعة الأولى ليقوم بالنقاش على الأطروحة الأولى التي مفادها: أن كردستان مستعمرة، وهناك شعب مسلوب الإرادة والحقوق.
وفي تلك المرحلة كانت قفزة نوعية للقائد بتخطيه الصعوبات، التي كانت الدولة التركية تضعها أمامه لتعيق تحقيق عدالة الكرد، فقاموا باغتيال أغلب رفاق المجموعة الأولى، وما تبقى منهم إلا القليل، ليقوموا مع القائد بتخطي ذلك كله، وبتأسيس حزب العمال الكردستاني في 27 نوفمبر 1978 في باكور كردستان، ليقوم حينها بإيقاظ كل من كان غير واعٍ بحقوقه، بعد ما قامت به الدولة التركية من قمع واضطهاد، وإبادات جماعية بحق الكرد، والشعوب الأخرى.
في بداية الأمر كان القائد يريد الحل السلمي والاتفاقيات، والاعتراف بحقوق الكرد والعدالة لهم، لكن اعتمدت الدولة التركية على سياستها، وهي إنكار حق الشعوب، وفيما بعد أعلن القائد الكفاح المسلح في15 آب/ أغسطس من عام 1984 ليبدأ الشهيد عكيد بإطلاق أول طلقة ضد الدولة التركية، ليثبت للدولة التركية أننا نستطيع حماية حقوقنا، مهما تكون العوائق، ومهما يكون تكتيك العدو، وإننا قادرون في القيام بدفاعنا المشروع، الذي هو حق طبيعي لكل إنسان يعيش على أرضه.
وعلى الرغم من هجمات الدولة التركية والإبادات التي طالت الشعب الكردي، لم يتوان القائد عبد الله أوجلان إلى حل سلمي للقضية الكردية، على مدى تلك الأعوام كلها.
ولكيلا يكون حزب العمال الكردستاني، كغيره من الأحزاب، التي لم تدم طويلاً، لعدم اعتمادها على تغذية كوادرها من النواحي كلها، ليس العسكرية أو السياسية فقط، بل قام القائد بتدريب الكوادر في أصعب الظروف، التي سمحت له، لكي يكونوا كلاً متكاملاً، ايديولوجياً، وعسكرياً وسياسياً إلخ… والاعتماد بالشكل الأكبر، لتحقيق ثورة المرأة، وتأسيس حزب المرأة الحرة، كي تكون مستقلة بذاتها، وقام بطرح نظريات بخصوص ذلك: جنولوجيا في عام 2008، التي هي أم العلوم.
الولادة الثالثة للقائد: في سجن إمرالي التي تتجسد بطرحه مشروع الأمة الديمقراطية… فقد أنشأ أكبر مدرسة فلسفية، وأيقونة للفكر الإنساني الحر في إمرالي، ليكمل نضاله من هناك، ويطرح مشروع الأمة الديمقراطية الساعي لبناء مجتمع أخلاقي سياسي، يحث لاحترام الطوائف والأديان كافة، والعيش المشترك فيما بينهم، وتُحترم فيه حقوق المرأة، ووصولها لشخصية المرأة الحرة، التي من خلالها يتم تحرير المجتمع، فمستوى معرفة حرية مجتمع ما، يأتي من خلال معرفة مستوى حرية المرأة فيه، كما أنه مشروع الأمة الديمقراطية البديل، والمنقذ الأكبر من استغلال الحداثة الرأسمالية للفرد والمجتمع.
إن الذي قام به القائد أوجلان في كل أيام مقاومته هو عمل لتأسيس دولة كردية جديدة، قوامها العدل والمساواة والديمقراطية في حماية حقوق الشعب الكردي الذي لا يقبل الضيم والظلم.
في النهاية أريد أن أقول قولاً واحداً: لكل عصر قائد يقود الأمة، مثلما خرج سيدنا عيسى عليه السلام لينشر المحبة والسلام، وتداعت الأمور ليخرج سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ويقوم بأكبر ثورة في الشرق الأوسط، حينها وضع أسس المساواة والعدالة، والأخلاق، واحترام حقوق المرأة، كذلك الأمر خروج القائد في هذا القرن، في مثل هذه الظروف، ليكون الأشبه برسالة إلهية لقيادة البشرية جمعاء للحقيقة، وللحياة الحرة، بعدما كان الإنسان يعيش الانحطاط الكبير بشخصيته، والخراب، والقتل الذي دمر النفوس، كما وصف ذلك القائد في قوله: “أنا لست عائداً للقرن العشرين، لأنه في القرن العشرين بدأ انحراف الشخصيات، وغيرها من حروب وقتل”. فذلك أدى لخروج شخصية عظيمة كالقائد أوجلان.
وبمرور يوم الرابع من نيسان أبارك للشعوب كافة عيد ميلاد القائد عبد الله أوجلان، وكل من اعتنق الفلسفة الأوجلانية، وأبارك للنساء وللمقاتلات كافة في صفوف حركة الحرية هذا اليوم، الذي هو ميلاد حرية المرأة.
كما أنني كامرأة عربية، أسير على نهج قائدي، ونهج شهدائنا الأبرار الذين ضحوا في سبيل حرية هذا الشعب، وأبارك لهم ميلاد القائد.
واختتم كلامي بأن الرابع من نيسان هو أيضاً يوم ميلادي كامرأة تعيش من جديد، لتبحث عن حريتها في أعماق عالم الفكر، وأيقونة الفكر الإنساني الحر، القائد الفيلسوف عبد الله أوجلان لأكون حينها وضعت أولى لبنى من لبنات مبادئ الحرية للمرأة، لمحاولة بناء شخصية المرأة الحرة المتجسدة بشخصية الشهيدة سارة.
