روناهي/ عين عيسى ـ
شهد مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث الثالث عدة فعاليات وعروض فلكلورية وتراثية تعبر عن الهوية الثقافية لشعوب شمال وشرق سوريا بشكل عام، والعشائر المتواجدة في منطقة تل أبيض/ كري سبي بشكل خاص، ودليلاً لتمسك بالإرث الثقافي والحضاري للشعوب السورية… ومنها العرضة البدوية ( الدحة).
وبمشاركة شعبية واسعة انتهت فعاليات مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث الثالث الذي استمر ليومين متتالين (14ـ 15/ أيلول الجاري)، حيث قدمت فرق التراث والغناء الشعبي عدة عروض تعبر عن موروثها الثقافي، ومنها العرضة البدوية ( الدحة).
حركات وأهازيج حماسية “للدحة”
وتعد “الدحة” البدوية من أهم العروض الفلكورية التراثية التي يختص بها المكون البدوي، حيث قُدمت بشكل رائع، وبمشاركة واسعة من قبل المشاركين في المهرجان، وتمتاز الدحة بالتراص بين الأفراد المشاركين بشكل صف متناسق جنباً الى جنب، وإطلاق أبيات شعر منظومة على الطريقة البدوية يرددها أحد أفرادها ثم يقوم ” الدحيحة” بترديدها، وبحركات قوية يقوم بها البدوي من خلال تحريك الأيدي بطريقة التصفيق على اليدين، والتمايل يميناً ويساراً ….ثم إطلاق أصوات غريبة تبدأ بشكل تدريجي بالتصاعد رويداً رويداً الى أن تصل الى الذروة.
ويشارك أمام الصف أيضاً عدد من أفراد القبيلة أو العشيرة متقنعين بـ ( الشماغ ) والعقال، وحاملين الأسلحة المتنوعة منها السيف، أو البندقية التقليدية، ومهمتهم هي إضفاء الحماسة على المشاركين من خلال الرقص مع السيف أو البندقية، والتجول في الصف لحض المشاركين على رفع وتيرة أدائهم في العرض للوصول الى ذروة الحماس.
“الأهزوجة التاريخية” المتناقلة عبر الأجيال…!
وبهذا الصدد أجرت صحيفتنا لقاء مع الإداري بلجنة الثقافة والفن بمقاطعة تل أبيض/ كري سبي فواز العلي الذي بينَّ بأن العرضة البدوية شاركت في مهرجان تل أبيض للثقافة والتراث الأول والثاني، ولا زالت مستمرة الآن بعد انقطاع لمدة أربع سنوات تقريباً بعد الاحتلال التركي للمقاطعة في 9/ تشرين الأول 2019، لذلك هي دلالة على الاستمرار بالحفاظ على الموروث الثقافي وهوية الشعوب الأصيلة.
وعن العرضة… يقول العلي:” العرضة البدوية ( الدحة)هي تاريخ عريق بحد ذاته ولها جذور عميقة، فهي باختصار الأهزوجة التاريخية التي استخدمها أجدادنا في معاركهم لإخافة المعتدين، واستطاعوا من خلالها اختراع تكتيك انتصروا من خلالهم على إعدائهم، لذلك نرى الأصوات الغريبة التي تشبه الى حدٍ ما زئير الأسود، وأصوات بعثت بالرعب في نفوس المعتدين وردهم على أعقابهم خائبين”
وأردف” لذلك الشعوب متمسكة بإرثها الثقافي، وتتناقله الأجيال، ونريد أيضاً من خلال المهرجان أن نعرف الجيل الناشئ بتاريخه ومورثه الثقافي والحضاري الغني، ليعتز بهويته وثقافته في ظل الظروف الحالية العاصفة، التي تُحاول سلخ شعوبنا الأصيلة لتلك الهوية ليسهل عليها السيطرة عليها، واحتلالها بسهولة”.
