سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الجندي المجهول؛ الهلال الأحمر الكردي… عامٌ آخر من التفاني في العمل

تقرير/ يارا محمد

روناهي/ قامشلو- منظمة الهلال الأحمر الكردي التي تشكلت بسواعد مجموعة من المتطوعين في أواخر عام 2012 حققت قفزات نوعية منذ نشوئها وعام 2019 كان حافلاً بالمنجزات وجهدت في ظروف الحرب لتتجاوز العوائق وتُصِرُّ على النجاح في عملها.
تأسست منظمة الهلال الأحمر الكردي في أواخر عام2012، حيث لعِبت دوراً بارزاً في حماية المدنيين من تقديم يد العون إغاثياً وصحياً، بمجموعة مؤلفة من الكوادر الطبية والمتطوعين شكلوا فرق صحية لتقديم المساعدة الطبية. منذ البداية تمكن الهلال من إثبات دوره الفعال في مناطق الصراع، وتطور عمله فيما بعد وفتح المزيد من المراكز، إلى أن أصبح معروفاً وبدأت أعماله  تتوسع لتشمل جميع مناطق شمال وشرق سوريا. الهلال الأحمر الكردي يعمل كجسر يربط بين مناطق الإدارة الذاتية في الشمال والشرق السوري والعالم، ويشارك بمكافحة الأوبئة وتحسين الصحة العامّة من حيث رفع مستوى الوعي من خلال تقديم الخدمات والبرامج الاجتماعية ,التنموية والإنسانية، ونقل الجرحى والمصابين وتبادل أسرى الحرب وتوصيل وصاياهم بأمانة، ولم شمل الأُّسَر المنكوبة والعناية به، وتأهيل الكوادر في وقت السلم للاستفادة منهم زمن الحرب في مجال الإسعاف الأولي وإدارة الكوارث.
مشاريع لم تُنفذ بسبب الغزو التركي
في أوج العام 2019 أقدمت منظمة الهلال الأحمر الكردي على عدة مشاريع أهمها، إنشاء وترميم نقطة طبية مؤلفة من ثلاث طوابق في مدينة سري كانيه بالمشاركة مع أربع منظمات، وكان المستوصف يحتوي على قسم: الرعاية الصحية الأولية- مخبر- غرفة للولادة- إسعاف، أما الأقسام الأخرى فقد تتألف من “عيادات للأطفال- النسائية- الداخلية، وقسم للتثقيف الصحي، وقسم الدعم النفسي”. ومن المشاريع الأخرى التي تم تنفيذها من قبل الهلال الأحمر الكردي مشروع ارتباط النقاط الطبية الصغيرة الموجودة في الأرياف والقرى بالمناطق والمدن الكبيرة ليتسنى لفرق الإسعاف الوصول إليهم، وإنشاء نظام طبي متكامل، وكان من المفترض تفعيل 22 نقطة طبية في كل من الدرباسية، ديرك، سري كانيه، منبج، كوباني، الرقة، وأبو قلقل، إلا إن البعض من هذه النقاط لم تدخل في الخدمة بسبب الغزو التركي الذي حال دون فتحها، وكان هذا المشروع يهدف إلى إنشاء سياسة صحية في شمال وشرق سوريا وكيفية بدئها من القرى والأرياف، بإرسال مجموعات من قسم التثقيف الطبي وسيارة إسعاف لنشر الوعي بين المواطنين في حال حدوث طارئ، ومكان تواجد النقاط الطبية القريبة.
مشروع التخلص من النفايات الطبية
ومن المشاريع الأخرى التي نفذها الهلال الأحمر الكردي مشروع التخلص من النفايات الطبية، بالتعاون مع بلدية إيطاليا وإحدى المنظمات وبلديات مدينتي الحسكة وقامشلو أنشأ مركزين للتخلص من النفايات الطبية، فهي تعد نوع من النفايات الخطرة المتولدة عن المستشفيات والعيادات ومراكز الرعاية الصحيّة والمختبرات وما إلى ذلك، فيجب معالجتها بشكل صحيح والتخلص منها لتجنّب التلوث، حيث بلغت تكلفة هذين المشروعين  150ألف دولار، واعدين على تنفيذه في جميع مناطق شمال وشرق سوريا.
كما أقدم الهلال الأحمر الكردي على تقديم المساعدة للمخيمات، بإنشاء مشفى مصغر في مخيم روج بريف ديرك والمؤلفة من 22 كرفانة تضم عيادة لطب الأسنان والعيون، وقد طالبت منظمة الصحة العالمية WHOعلى المساعدة بهذا الشأن.
بالنسبة إلى مخيم الهول الموجود في الحسكة، والذي يضم قرابة 75 إلى 80 ألف نسمة بين لاجئ ونازح وعوائل لمرتزقة داعش، أُنشأ الهلال الأحمر الكردي بالتعاون مع منظمة كادوس نقاط طبية فيه لمعالجة الجرحى وإرسال الحلات المستعصية منها إلى مشافي ذات إمكانات عالية، بالإضافة إلى الفرق الإسعافية التي كانت متواجدة على مدار الساعة من أجل الحالات الطارئة، ومن ثم تطورت هذه النقاط لتتحول إلى مشفى تجري فيها العمليات الجراحية، وحالات الحروق وذلك بهدف تقديم الرعاية الصحية للقاطنين في المخيم وتجاوباً مع الحالات الجراحية والإسعافية التي تصل إلى نقاط الهلال الأحمر في المخيم.
تجهيز أقبية ونقاط طبية تحسباً لأي طارئ
ومع تهديدات المحتل التركي بدأ الهلال الأحمر الكردي على أخذ التدابير تحسباً لأي طارئ فجهزت أقبية ونقاط طبية في الكثير من مناطق روج آفا والشمال السوري لتكون ملاجئ ومراكز طبية للجرحى، وتفعيل سيارات الطوارئ والإسعاف في الخدمة على مدار الساعة.
وبعد  الغزو التركي ومرتزقته المواليين له من الجيش الوطني السوري وداعش والنصرة على مدينة سري كانيه/ رأس العين، كري سبي/ تل أبيض، دخلت جميع النقاط في شمال شرق سوريا بحالة استنفار، وفي بداية الهجمات تم سحب سيارات الإسعاف في الكثير من النقاط البعيدة وإرسالها إلى الجبهة برفقة فرق طبية من الهلال الأحمر الكردي لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الجرحى والمصابين، حيث لبى مشفى الشهيدة ليكرين الواقع في مدينة تل تمر جميع الخدمات والاحتياجات اللازمة للجرحى والمصابين نتيجة القصف من قِبل المحتل التركي، وبسبب قصف الطائرات المستمر خرجت النقاط الطبية في كل من سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض وعين عيسى عن الخدمة، لكن بقيت سيارات الإسعاف والعيادات المتنقلة فيها حتى احتلها المستعمر التركي الفاشي.
إجلاء جرحى سري كانيه
وفي 18/10/2019 تم إرسال قافلة مكونة من 33 سيارة إسعاف وفرق طبية من قبل الهلال الأحمر الكردي ومنظمة أخرى أمريكية للدخول إلى سري كانيه لإجلاء الجرحى لكن لم تستطع القافلة الدخول وتم حصارها لمدة 48 ساعة حتى تم تأمين طريق الدخول، وتم عملية إجلاء الجرحى ونقلهم للمشافي في الحسكة، تل تمر، قامشلو ومن ثم تم إرسال قافلة أخرى بتاريخ 20/10/2019 مؤلفة من 50 سيارة إسعاف لتخليص ما تبقى من الجرحى هناك.
أما بالنسبة للمناطق التي لم تحدث فيها اشتباكات وتَعرُض بعضها لقذائف عشوائية وانفجارات كانت سيارات الإسعاف والنقاط الطبية بحالة تأهب دائم للتدخل السريع وإسعاف الجرحى وتقديم الإسعافات الأولية، كما برز دور فريق مكتب المراقبة والتقييم، حيث كانوا على تواصل دائم مع النقاط الطبية لتوثيق وإحصاء الحالات والإصابات وإصدار التقارير بشكلٍ يومي.
وزاد الهلال الأحمر الكردي في العام 2019 عدد سيارات الإسعاف بالتعاون مع إحدى المنظمات التي نسقت مع الاتحاد الأوربي بإرسال ثلاث سيارات من نوع مرسيدس ذات جودة عالية ومتطورة.
تقديم الخدمات لمهجري سري كانيه..
وفي الإطار ذاته عمل الهلال الأحمر الكردي على ترميم مشفى الرقة ليسع 65سريراً، والذي كان قد دُمر سقفه بسبب القذيفة التي استهدفته، ولكن توقف المشروع فيما بعد بسبب هجمات المحتل التركي على مناطق شمال وشرق سوريا.
وكان تركيز الهلال الأحمر الكردي في الأشهر الأخيرة من العام 2019 على مخيمي واشو كاني ونوروز، نتيجة الهجرة القسرية والقصف العشوائي، حيث عمل على إرسال عيادة متنقلة لتقديم الخدمات الطبية في مجال النسائية وكرفانة لتقديم الخدمات الطبية في مجالي الداخلية والأطفال وإرسال سيارتي إسعاف للعمل ضمن المخيم  على مدار اليوم، كما تم تقديم كرفانات للحمامات ودورات المياه الصحية من 100 – 150 كرفانة, وتم منح بطاقة لكل عائلة ليتم تسليم المساعدات عن طريقها للمهجرين قسراً, وتم توزيع خيم, بطانيات, اسفنج, سلال لأدوات المطبخ كما تم توزيع 200 أسطوانة غاز صغيرة (باسم إقليم الجزيرة)، ويتم العمل على تفريش الأرض بحجر مكسر وتمديد خطوط صرف صحي لكامل المخيم.
أما في مخيم النوروز أنشأ الهلال نقطة طبية وتم إرسال سيارة إسعاف للعمل ضمن المخيم ووزعت الحليب والحفاضات على الأطفال وتم تصليح 40 دورة مياه صحية و40 حمام و36 مطبخ ضمن المخيم، وتم إرسال ورشة صحية وورشة كهرباء للقيام بأعمال الصيانة.
ويذكر أن المساعدات التي تم استلامها من قِبل الهلال الأحمر الكردي والمرسلة من قِبل عدة جهات حكومية وغير حكومية يتم تسليمها لمنظمة روج آفا عدا المواد الطبية منها، حيث يتم وضعها في مستودعات الهلال لتقديمها للنقاط الطبية في المخيمات والمناطق القريبة من الاشتباكات.
وفي مخيم المحمودلي أيضاً أنشأت الهلال نقطة طبية صحية، وأرفقت
 بسيارة إسعاف بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصاديECO، لدعم المواطنين الموجودين ضمنها.
المشاريع والحملات التي قدمها قسم الدعم النفسي
ويقدم الهلال أيضاً الدعم النفسي، لأن أهم ما يحتاجه الإنسان في الأزمات هو الدعم النفسي الاجتماعي سواءً كان الدعم معنوياً عاطفياً كالحنان أو دعماً مادياً، تكمن أهمية نجاح هذا الدعم من خلال الشعور بالانتماء لدى الشخص المدعوم نفسياً. بسبب الأوضاع الراهنة والأزمة الأمنية والسياسية أدت إلى نزوح ولجوء الأهالي من مناطقهم إلى المخيمات والمناطق المجاورة وهذا النزوح بالنتيجة أدى إلى ضغوطات نفسية كبيرة، وإيماناً بذلك يعمل مكتب الدعم النفسي في الهلال الأحمر الكردي ذو الغالبية النسائية في المجالات التالية: “مشروع مناهضة العنف ضد المرأة؛ ويضمن المشروع توزيع بروشورات بهدف شرح خدمات الحماية بالإضافة لجلسات توعوية فردية وجماعية أقيمت في مستوصفات (قامشلو , سري كانيه, كركي لكي, منبج, كوباني) والقرى والبلدات التابعة لها.
وشملت الجلسات مواضيع مختلفة تتعلق (بالعنف المبني على النوع الاجتماعي- الصحة الإنجابية- النظافة الشخصية- إزالة الضغوط النفسية- الرضاعة الطبيعية- آفات الثدي- مشاكل المراهقة- استشارات نسائية- سرطان الثدي).
وبمناسبة يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار من العام الجاري أقام مكتب الحماية والدعم النفسي احتفالاً بهذا اليوم بإشعال الشموع في شوارع قامشلو، وتوزيع الورود والهدايا على المارة.
وبمناسبة الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة من 25 تشرين الثاني ولغاية 10كانون الأول من هذا العام قام مكتب الحماية والدعم النفسي بحملة مناهضة العنف ضد المرأة تحت عنوان (شجرة الحياة) التي استمرت ستة عشر يوماً في كل من (قامشلو, الحسكة،  شدادي، مخيم عريشة وكركي لكي)، استهدفت الحملة النساء والشابات والرجال والشبان من خلال نشاطات تمنح الفتيات اليافعات فرصة كي يتأملن قصصهن, والتحديات التي خضنها وقدرتهن على الصمود وحث الرجال على التفكير في العنف والإساءة التي تتعرض لها النساء والفتيات, لالتزامهم بما يمكنهم القيام به بصورة أفضل أو مغايرة لإحداث تغيير في هذه البيئة المسيئة, والتي تقع النساء والفتيات ضحيتها بصورة يومية.
وأيضاً بينت مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق مكتب الحماية والدعم النفسي حملة في شهر كانون الثاني وشباط من هذا العام بعنوان؛ “مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي” استهدفت هذه الحملة المراهقين والكادر التدريسي في مدارس المرحلة الإعدادية في مدينة قامشلو، تضمنت محاضرات توعوية لمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي من جميع الجوانب ولا سيما (الصحية-  النفسية- السلوكية والأخلاقية).
كما نظم المكتب خلال العام الجاري حفلة لأطفال الشهداء في المركز الثقافي بالتعاون مع منظمة حقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال بتاريخ 7/6/2019، وتضمنت الحفلة قراءة بيان وفقرات فلكلور شعبي وفقرات غنائية ومسابقات للأطفال، وفي نهاية الحفلة تم توزيع هدايا وألعاب على الأطفال الموجودين.
ولأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي في إنقاذ حياة الآلاف من النساء أطلقت الهلال ب”حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي” حيث قام مكتب الحماية والدعم النفسي بحملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي في شهر تشرين الأول الوردي من خلال محاضرات دعم نفسي أقيمت في كل من وقف المرأة الحرة ومركز مموغراف التابع للهلال الأحمر الكردي، وغيرها من المراكز والمؤسسات بالإضافة إلى توزيع البروشورات التوعوية.
وفي مخيم واشو كاني قيم ورصد مكتب الحماية والدعم النفسي تقييم مشاكل الحماية في المخيم ومعرفة احتياجات النازحين بالإضافة لتقديم نشاط دعم نفسي للأطفال ضمن العام الجاري.
وقام مكتب الدعم النفسي في الهلال بمخيم النوروز بالعديد من النشاطات في المخيم وذلك بعد استقبال المخيم للمهجرين قسراً من أهالي سري كانيه الذي كان يستقبل سابقاً أهالي شنكال الفارين من مرتزقة داعش وعودتهم إلى بيوتهم، وتضمنت النشاطات جلسات توعوية للنساء والأطفال وتوزيع الألعاب والألبسة.
كما ونظم فريق الدعم النفسي حفلة دعم نفسي لأطفال التلاسيميا في 6/10/2019، وفي يوم الطفل العالمي 20/11/2019، نظم مكتب الحماية بهذه المناسبة حفل في دار الأيتام في مدينتي رميلان وتل معروف، وتضمن الحفل فقرات موسيقية وغناء ورقص ومسابقات وتوزيع الحلوى والألعاب على الأطفال.
العمل على مشروع دور الأيتام في كوباني ورميلان
يعمل مكتب الحماية والدعم النفسي حالياً على مشروع دور الأيتام في مجال الترفيه عن الأطفال حيث أن فريق الدعم النفسي يقدم أنشطة ترفيهية للأطفال (رسم- موسيقا- رياضة- أعمال يدوية- تنمية- مواهب الأطفال) ويقدم تدريبات للكادر المسؤول عن الدار من مربيات ومشرفات وميسرات.
شارك الهلال الأحمر الكردي في كافة النشاطات في الشهباء سواءً من خلال التواجد مع الإسعاف أو الانضمام إلى مسيرات شبابية أو الحفلات المقامة في المناسبات الوطنية أو مراسيم الشهداء، وعقدت الرئاسة المشتركة سلسلة من العلاقات مع مؤسسات ومنظمات محلية وإقليمية ودولية، بالإضافة إلى شخصيات وطنية وطبية كثيرة مدت يد العون للنازحين سواءً من داخل سورية أو خارجها.
بالإضافة إلى أنه منذ مدة وجيزة تم إعداد مشاريع عن طلاب المدارس وحاجاتهم الأساسية مثل؛ الحدائق للأطفال- الأجهزة الطبية اللازمة ومشروع دعم النساء اللواتي يقمن بإعالة أسرهن بسبب غياب الزوج، ومن الملفات الكثيرة والترجمات التي ساهمت في إيصال جزء من معاناة المهجرين قسراً من عفرين ولازال العمل مستمراً، وبالتنسيق مع اتحاد الشبيبة الثورية ولجنة المجتمع الديمقراطي والهلال الأحمر الكردي تم البدء بجلسات العلاج السلوكي النفسي للشباب والشابات والطلاب والطالبات في مخيم سردم من قبل عضوة الهلال المختصة بالإرشاد النفسي، حيث بلغ عددهم /46/ شاباً وشابة.