وتحرص كل أم على تربية شَعر ابنتها منذ نعومة أظفارها فتقوم بتمشيطها وضفرها ثم تربط كل ضفيرة بشرائط قد تكون من قماش تختاره بلون الشعر أو بخيط مبروم من الصوف وهو ما يطلق عليه حسب لهجة أهل الطبقة اسم “الخبوب” والحكمة برأيها من ذلك أن الشَعر الذي تلعب به الريح لا يُربَّى ولا يطول.
ولجمالية الشعر وانسجامه مع اللباس الشعبي لنساء الطبقة استرعى ذلك اهتمام شعراء المنطقة إذ لم تكد تقع عينا شاعرٍ على شَعر إحداهن حتى تتفجر قريحته الشعرية فيضمنها قصائده ومثالاً على ذلك قولهم:
“أبو الخديـد الوردتـين العـاوي/ الـطول من ثكـل الجديلـه لاوي”
وهناك تسريحة خاصة للمرأة وخاصة الشابات إذ تختزل خصلة منه ثم تفتلها وتقوم بعد ذلك بضمها إلى الضفيرة وهي ما تعرف حسب لهجة أهل الطبقة العامية “بالكُذْلَة” وبذلك تصبح على يمين الوجه وعلى يساره “كذلتان” وهي مثنى “كُذله” بحيث تبرز نهاية الأذن بينها وبين بقية الشعر وتغطي ذلك الفراغ بما يعرف “بالتراجي” وهي نوع من الحلي الخاصة بالزينة وتعرف بالعربية بالأقراط، أو الحَلق، فيبدو الوجه لوحةً تشكيليةً مؤلفةً من “العصبة” في أعلى الرأس “فـالكذلتين” ثم “التراجي” و”الملفع” الشفاف وهذه إحدى اللوحات الجمالية التي تتميز بها المرأة الطبقاوية عن مثيلاتها.
وتحرص المرأة الطبقاوية بالمحافظة على شعرها حتى آخر العمر وتقوم بوضع “الحنِّة” عليه من وقت إلى آخر وتمزج معها بعض النباتات العطرة كجوزة الطيب والقرنفل الذي يعمّر الشعر برائحة عطرة وتضيف إليها أيضاً قشور ثمرة الجوز لاعتقادها أنها تقوي جذور الشعر وتضفي عليه لوناً غامقاً وفي هذه الحالة تحصل على فائدتين الأولى طبية والثانية جمالية بما يخص لون الشعر ولا تقصه إلا في حالات الحزن فقط وهي عادة انقرضت خلال العقود الماضية.
والجدير ذكره أن النساء اللواتي يلتزمن بالتسريحة القديمة للشعر في الطبقة حالياً هن من كبيرات العمر فقط بينما فقد وجوده لدى اليافعات نتيجة لما تعرضت له المنطقة من غزو ثقافي متعدد الأوجه إلا في المناسبات التي تخص التذكير بتراث هذه المنطقة فقط.
