سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التنمية المستدامة

أرسل لي أحد الأصدقاء بحثاً عن الاستدامة البيئية، فنبهني ذلك إلى ضرورة تسليط الضوء على واقع الاستدامة البيئية إقليمياً ومحلياً، إذ أننا نفتقد هذه الاستدامة، لأننا من الأساس لم نركز على هذا الموضوع الذي يعدّ موضوعاً مصيرياً يخص كل مجتمع من المجتمعات، أو أي بلد من بلدان العالم،  فمختلف بلدان العالم الحديث، تولي أهمية خاصة لمبدأ الاستدامة البيئية؛ لأنها تعرف حق المعرفة أن موضوع استدامة الموارد، وتجددها موضوع مصيري، يؤثر في المستقبل على حياتها، ومجتمعها، وسياساتها، واقتصادها، وأمنها الوطني، أو القومي، أو كما شئت سمه.
 ففقدان أي مورد من موارد الطبيعة المختلفة، سيخلف حتماً أضراراً جسيمة على البيئة بشكل عام، وعلى أمن هذه البلدان بشكل خاص، حيث أن شح المياه العذبة مثلاً، سيؤدي إلى كارثة غذائية، واقتصادية في أي بلد كان، حيث سيكون هناك انخفاض في حصة الفرد الواحد من كمية مياه الشرب، والمياه العذبة، التي يحتاج إليها في حياته اليومية من طهي وري مزروعاته، وماء الشرب اللازم لماشيته، وهذا الأمر لن يتوقف عند حد انخفاض حصة الفرد من المياه، بل سينتج عنها مشاكل اجتماعية كثيرة، تظهر لاحقاً من نزاعات على منابع الموارد المائية الصالحة للشرب، والاستهلاك البشري؛ ما يؤدي إلى ضرب استقرار المجتمع، وينتج فوضى تؤدي إلى تدهور الأمن؛ ويفاقم مشاكل الاقتصاد؛ ذلك أن انعدام الأمن يؤدي إلى انعدام البيئة الاقتصادية الملائمة للاستثمار في البلد؛ وبالتالي يؤدي إلى زيادة نسب البطالة، وارتفاع في مستوى خط الفقر، الذي سيشجع انتشار الجريمة أيضاً، ونقص الموارد المائية، وكذلك انعدام الأمن الغذائي وضعف الإنتاج الزراعي، وتراجعه ما يخلق أزمة غذائية بسبب قلة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية الضرورية لغذاء الإنسان، وارتفاع أسعارها بشكل كبير، ليس بمقدور الفقراء من امتلاك ثمنها وبالتالي عدم الحصول عليها، وبالمحصلة نعود إلى ما ذكرناه سابقاً، انتشار الفوضى، والجريمة في المجتمع وانعدام الأمن.
ونستطيع أن نضيف انقراض أنواع كثيرة من الأحياء؛ نتيجة شح المياه؛ سيؤثر على سلسلة الكائنان الحية المتواجدة ضمن النطاق الجغرافي المحدد؛ ما سيؤدي بشكل حتمي إلى تدهور الحياة الطبيعية، ضمن النطاق الجغرافي هذا؛ الأمر الذي سينعكس بشكل سلبي على حياة المجتمعات، التي تقطن هذه المنطقة، وقد يدفعا هذا إلى التمدن، أي التجمع السكاني ضمن مدن مكتظة، وغير آمنة، وذات خدمات رديئة، أو شبه معدومة، وتكون بيئة صالحة لانتشار الجريمة.
 كان هذا مثالاً واحداً، ولم نستفض بالمخاطر الناجمة عن شح المورد المذكور بشكل وافٍ، ورأينا مدى خطورة هذا الشح، فما بالك بموارد طبيعية أخرى مهددة من قبل التجاوزات البشرية الكثيرة، والجائرة بحق هذه الموارد، والبيئة وبحق السكان أنفسهم، لذلك سنسلط الضوء أكثر على أهمية التنمية المستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية في مقالاتنا القادمة، لعل وعسى أن نكون ساهمنا في رفع الوعي البيئي، لدى السكان بما يسهم في الحفاظ على مواردنا الطبيعية، والاستفادة منها بشكل منظم ومدروس.