سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التفكيكُ هو الحلُّ والتفجيرُ أيضًا…

بشّار جرّار/ واشنطن_

أما وقد “قدّر ولطف”، فنحمده تعالى على بطولة الأهالي، والمقاتلين الأحرار في الحسكة، الذين دحروا عدوانا إرهابيا آخر لمرتزقة داعش الإرهابية.
لن أستفيض، فلا كلام، ولا صوت، يعلو فوق جباه الأحرار من مدنيين وعسكريين، لكن واجب المحبة والاحترام يفرض الإجابة على تساؤلات طال تسويف حلها، على سبيل الاختصار أتجاوز التساؤلات تلك، وقد عفا عليها الزمن إلى ما نحن فيه من حال، ما نحن فاعلون في قنابل داعش الموقوتة؟ نفككها أم نفجرها ذاتيا وعن بعد؟
كما التعامل مع المتفجرات، الخيار الأول هو التفكيك، لكن في حال تعذر الوصول الآمن إلى الصاعق حتى يتم انتزاعه بأمان، لا انفكاك من التفجير الذاتي، طبعا عن بعد.
تعلم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، كما تعلم الاستخبارات العسكرية السورية، وأي جهاز معني بمحاربة الإرهاب -عدونا المشترك، أن حروب مكافحة الإرهاب استباقية بالضرورة وأفضلها تلك التي تكون خاطفة، من هنا – وهذا ليس سرا بل شائعا في العالم كله وتاريخيا – ثمة خطوط تبقى مفتوحة بين أبطال هذا النوع من الحروب، وهم من المعرفة والدراية والأخلاق المهنية التي تقيهم شر الغرور، أو الانجرار وراء كثير مما يردده السياسيون والإعلاميون، فلكل حرب أدواتها وميدانها.
أقول هذا على أمل ترجيح العقلاء الغيارى على الأهالي والأوطان، ترجيح لغة المصالح ولا عيب فيها، ثمة مصالح مشتركة، وأخرى متقاطعة لا ضير من ترتيب تحالفات ولو مرحلية من أجل تحقيقها.
ليس بخاف على أحد أن شريراً أو هيئة أشرار، اختارت نهجاً جاوز الخطأ القاتل إلى الخطيئة المميتة، وهو نهج التحالف مع تنظيمات إرهابية بغية استخدامها بعلمها، أو دون علمها لتنفيذ أجندات، وأهداف تعود لمصالح الممول، لكن ما أحدثته تلك التنظيمات المجرمة، أيقظ الضمير من سباته في تلك الدول الكبرى، عندما اكتوت مقاهيها وأسواقها وميادينها العامة، وحتى شواطؤها من لوثة الإرهاب الأسود، انقلب السحر على الساحر، والكل الآن لا يريد لهذه “النفايات البشرية” إعادة التدوير، يريدون كما النفايات النووية والصناعية أن تخزن، أو تفنى في دول “العالم الثالث”.
ولأن شعاعيتها أخطر من التلوث الشعاعي للنفايات النووية، لا بد من التعامل بمنتهى البراغماتية مع القنابل، التي ألقاها ممولو ومشغلو الإرهاب في أحضاننا، البضاعة في الأصل بضاعتنا، وقد ردت إلينا، علينا أن نمتلك شجاعة الاعتراف، ونجهر بأن هذه الحرب العالمية الثالثة، هي في الأصل حربنا الأهلية التي لم نخضها منذ قرون.
لا مصالحات ولا تفاهمات مع (داعش، ولا النصرة، ولا طالبان، ولا بوكو حرام)، فملتهم واحدة، هم على دين سيد قطب، ومن سبقه من الذين شوهوا الدين والدنيا بفكرهم المتطرف، وبذاءة خطابهم الديني والسياسي، سبي الأمس صار جهاد نكاح اليوم.
المعركة في الأصل أخلاقية روحية فكرية، فليطلق العنان وبأسلوب هجومي لا دفاعي على أركان هذا المرض اللعين، يذكرنا الطب أن السرطان واجب الاستئصال، وأي علاج غير مكتمل أو ضعيف يعمل على تنشيطه واستفحاله.
والمعركة أيضا اقتصادية، فلتنظر “مسد” مجلس سوريا الديمقراطية، ودمشق كيف تعاملت مثلاً واشنطن – الجمهورية والديمقراطية -مع إرهابيي القاعدة، لم تضعهم على أراضيها رغم وجود سجون ذات إجراءات أمنية بالغة الشدة وإنما شحنوهم إلى “غوانتنامو” هناك صوب كوبا كاسترو! ليس سرا أيضا تلك السجون السرية، التي أقامتها أو تعاقدت عليها وكالة الاستخبارات المركزية في أوروبا والشرق الأوسط.
فبصريح العبارة، إن كانت المشكلة مشكلتنا وحدنا، فلا يملك أيا كان حق التنظير، فنحن لا نملك ترفاً ولا رفاهية ما حدث وما كان يعد له في الحسكة.
المحاكمة العلنية هي البداية، غير السوري يتم ترحيله على الفور بشتى الطرق، لن أخوض فيها، فلن يعدم صاحب الحاجة حيلة، أما السوري، فيتم تسليمه وعلانية للدولة السورية، نعم يتم تسليمه إلى دمشق، ولعلها تكون بداية اختراق دبلوماسي يفتح آفاق الحل السياسي المنشود.
وللحديث بقية، حديث مكرس للأهالي الأبطال في الحسكة، فهي الشوكة في حلق كل من أراد بنا سوءاً..