التسول.. بين الحاجة والمهنة

 تقرير/ آلان محمد –

روناهي/ الحسكة ـ انتشرت ظاهرة التسول بشكلٍ كبير مؤخراً في المنطقة، ولا سيما في مقاطعة الحسكة؛ ولا شك بأنّ هذه الظاهرة السلبية, فهي أصبحت مهنةً للبعض من المتسولين وحاجة للبعض الآخر

أصبحت المظاهر المنتشرة بكثرة للمتسولين في العديد من الأحياء والأسواق ظاهرة مزعجة للعديد من المواطنين, وبات الإلحاح المزعج والخارج عن المألوف لتصرفات المتسولين يشكل هاجس قلق للعديد من الناس, خصوصاً في الأسواق التي تشهد حركةً كبيرة، مما أدى لتساؤل البعض عن غياب المسؤولية لبعض الجهات المختصة في مكافحة هذه الظاهرة ووضع حد لها.

وفي متابعةٍ لهذا الموضوع التقت صحيفتنا “روناهي”, بالناطقة باسم لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مقاطعة الحسكة “ميرفت عبيد” لتحدثنا عن انتشار مآلات هذه الظاهرة السلبية في مقاطعة الحسكة.

السبب في تفشي ظاهرة التسول

ظاهرة التسول ليست جديدة في مجتمعنا, فقد كانت موجودة وبكثرة قبل نشوب الأزمة في سوريا, ولكنها أخذت بالازدياد خلال السنوات الماضية, لأسباب عدة، أهمها: ما أفرزته حالة الحرب من تشرد ونزوح واضطرابات نفسية واجتماعية, إضافةً للفقر المدقع وقلة المدخول للبعض والغلاء المعيشي, وهذا ينطبق على فئة دخلت هذا المجال حديثاً نتيجةً للظروف التي ذكرناها, أما عند البعض الآخر فتعتبر هذه المهنة من الأعمال المتوارثة, فهم اعتادوا على سهولة التسول في تحصيل المال, فالكثير منهم يرون أنّ هذا الطريق في تحصيل المال لا يحتاج إلى جهدٍ بدني, وهذا ما أغرى كثيراً من المتسولين, ومن الأسباب التي تشجع على نمو مثل هذه الظاهرة بحسب ميرفت عبيد, هو غياب الرقابة والمتابعة من بعض الجهات المختصة والمعنية بمثل هذه الأمور, وأيضاً عدم وجود مظلة أمان اجتماعي تحمي الفقراء وتسد احتياجاتهم.

استخدام الأطفال للقيام بأعمال التسول

ومن ناحيةٍ أخرى قالت ميرفت عبيد أنه من المؤلم أنّ ظاهرة التسول انتشرت بشكلٍ خاص بين الأطفال, لكونهم أكثر فئات المجتمع هشاشةً وضعفاً, وهم معرضون للكثير من المشاكل والمخاطر النفسية والعلمية مستقبلاً, ولها تبعات خطيرة عليهم, وللأسف لم تقم الإدارة الذاتية بمتابعة هذا الموضوع والبحث عن الحلول المثالية لمكافحة هذه الظاهرة, خصوصاً مع الأطفال.

أين يكمن الحل؟

وبسؤالنا عن الحلول التي من شأنها القضاء على هذه الظاهرة والتخلص منها, قالت ميرفت: “هذه الظاهرة أصبحت متجذرة في مجتمعنا, ولها العديد من التبعات والمخاطر إذا ما استمرت, وينبغي مكافحتها بتضافر الجهود بين كل الجهات المعنية, وعلى رأس القائمة لجنة الشؤون الاجتماعية, وبعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى, بالتنسيق مع الجهات الأمنية مثل قوى الأمن الداخلي, وقد سبق لنا كلجنة شؤون بمقاطعة الحسكة وأن طالبنا في عدة اجتماعات رسمية بمعالجة ظاهرة التسول, ولكن الرد كان دائماً هو ضعف الإمكانات المالية والتخصصية”.

ومن منبر صحيفتنا طالبت ميرفت عبيد بمعالجة ظاهرة التسول, لأنها ظاهرة غير حضارية ولا تُعبر عن روح الإدارة الذاتية التي دائماً ما تضع في أول اعتباراتها الاعتناء بالمواطنين وتأمين حاجياتهم, وأضافت الناطقة باسم لجنة الشؤون الاجتماعية بمقاطعة الحسكة ميرفت عبيد بقولها: “ندعو جميع الجهات ذات الصلة في الإدارة الذاتية لمعالجة هذه الظاهرة على عدة مستويات، وهي:

ـ إنشاء دور خاصة لرعاية المسنين والمشردين, والأطفال غير المصحوبين, ومن ذوي الاحتياجات الخاصة لعدم استغلال حالتهم الصحية واستخدامها في التسول.

ـ معالجة وضع المخيمات العشوائية للغجر في أطراف المدن, لأنها قد تكون من المساهمين في إدارة هذه الظاهرة وخصوصاً عند الأطفال والنساء, ولما تمثله هذه المخيمات من مخاطر محتملة.

ـ إصدار تشريع خاص يعتبر التسول مخالفة قانونية تستوجب المساءلة والمحاسبة أصولاً.

ـ التعاون مع المجتمعات المحلية لرصد هذه الظاهرة ومعالجتها, فقد نعثر على مشغلين لهؤلاء المتسولين, يستغلون ضعف وحاجة الأطفال.

وفيما يخص كل ما سبق ذكره تابعت صحيفتنا الواقع المؤلم لهذه الظاهرة, ولاحظنا بأن أغلب المتسولين حقيقة هم الأطفال, وعند سؤالنا لأحدهم لمَ يتسول, أجاب بأنه يتيم الاب ولا يوجد من يصرف على عائلته, ومن هذا المنطلق ومن خلال ما ذكرته الناطقة باسم لجنة الشؤون الاجتماعية, نطالب الجهات المعنية بوضع الحلول المناسبة للتخلص من هذه الظاهرة وتوجيه منظمات العمل الإنساني لتقوم بعملها على أكمل وجه, فالطفولة مسؤولية الجميع ويجب على الجميع التحلي بالمسؤولية”.