البرلمان المصري يناقش تشريعَ حصولِ المرأة على جزء من أملاك طليقها

رغم أن مشروع القانون، الذي يناقشه مجلس النواب المصري يهدف في المقام الأول إلى الحفاظ على حقوق المرأة، التي قد تجد نفسها بعد سنوات من الزواج خارج حسابات الزوج، وبلا ضمانات، غير أنه وجدت معارضة من طرف بعض الأصوات، التي تخشى أن تستغله بعض السيدات؛ لقهر الرجل وابتزازه مادياً، ويتلخّص مشروع القانون: في تخصيص جزء من ثروة الزوج، حال قيامه بطلاق زوجته.

أحدث مشروع القانون الذي يُعرَض على البرلمان المصري، ويقضي بحصول الزوجة على نصف ممتلكات زوجها، حال وصول العلاقة إلى الطلاق، على غرار ما هو سائد في كثير من الدول الغربية، أحدث جدلاً واسعاً، لأن الفكرة نفسها تتعارض مع طبيعة مؤسسة الزواج، التي يفترض أن يتم النظر إليها بعيداً عن اختزالها في المكاسب، والخسائر المادية وقت الأزمات.

الحفاظ على حقوق المرأة

ويتلخص مشروع القانون، في تخصيص جزء من ثروة الزوج، حال قيامه بطلاق زوجته بعد فترة من زواج أثمر أطفالاً، على أن يكون الجزء، الذي يذهب إلى المطلقة محدداً، ووفق مجموعة من العوامل والشروط، منها مدة الزواج، وعدد الأبناء ومسارهم التعليمي، وذلك حماية للمطلقة ولأولادها مما يُفضي إليهم.

ووفق المدون بمشروع القانون، تقوم فلسفته على حماية حقوق المرأة عقب طلاقها من زوجها، بعلمها أو من دونه، ويهدف في المقام الأول للحفاظ على حقوق المرأة، التي قد تجد نفسها بعد سنوات من الزواج، خارج حسابات الزوج، وبلا ضمانات، وتزداد معاناتها مع تأخير حسم قضايا النفقة في المحاكم.

وقالت النائبة رانيا الجزايرلي، عضو مجلس النواب المصري، وصاحبة المقترح: إن القانون يحمي الزوجة، ويضمن حقها طوال حياتها، والتطبيق يكون وفقاً لظروف كل حالة، والمشكلات التي تتعرض لها المطلقة، بتدمير حياتها وأسرتها، للأسباب الأنفة الذكر جعلتها تقوم بتقديم مشروع القانون.

وانقسمت الآراء حول مشروع القانون، بين مؤيد، ومعارض، ومتحفظ لمبررات كثيرة، لكنه سلط الضوء على أزمات، تعيشها المرأة بعد انفصالها عن زوجها، فالرجل لم يطلقها وحدها، بل طلقها وأولادها، لتعيش حياة خالية من مقومات السعادة، حيث أن الكثير من المطلقات، لا يجدن الحد الأدنى من الموارد؛ للإنفاق على أنفسهن وأولادهن.

“التشريعات قد تسبّب انهيار العلاقات”

واعتادت بعض الأسر في المجتمع المصري، تحميل المرأة مسؤولية طلاقها دون اكتراث للأسباب، التي أوصلت علاقتها بشريكها إلى مرحلة الانهيار، أو إدراك أن المطلقات يتحملن كثيراً لتجنيب أنفسهن حمل هذا اللقب.

ويرى مؤيدون للقانون: أنه من الطبيعي أن تحصل المطلقة على جزء من ثروة زوجها، لأنها ساعدته كثيراً في تربية أولادها أو إنهاكها في المنزل، وعدم إرهاقه في أيّ شيء؛ ليركز جهده في تكوين هذه الثروة، أيا كان نوعها وقيمتها، لأنه بدون مساندة زوجته له، لم يكن قادرًا وحده، أن ينجح لأن تكون لديه ثروة.

وبررت الآراء المعارضة موقفها: أن الاستسهال في إصدار تشريعات داعمة للمرأة، بشكل مفرط، قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية على العلاقة الزوجية، التي يفترض أن تكون قائمة على المشاركة والتفاهم، فليست النساء كلها بصفات ملائكية، فربما قد توجد من تستغل مثل هذه التشريعات؛ لقهر الرجل وابتزازه.

فقد بين المواطن المصري “باسم سعيد” وهو شاب حديث الزواج، ولديه شركة خاصة في الاستيراد والتصدير، يقول لصحيفة “العرب:” إنه لا يمانع إنصاف المطلقة وإكرامها؛ بمنحها ما تستطيع من خلاله أن تعيش حياة أسرية لائقة، هي وأولادها، لكن فكرة اقتسام الثروة غير منطقية، فقد تلجأ أيّ امرأة إلى طلب الطلاق؛ لتحصل على المال؛ ثم تتزوج من آخر”.

وأضاف، أن الحد من الطلاق لا يكون بإصدار تشريعات، قد تكون محفزة على انهيار العلاقة من جانب بعض السيدات، أو محبطة للمقبلين على الزواج، فكل من لديه مقدرة مالية، ربما يخشى الإقدام على هذه الخطوة، خشية سوء اختيار شريكته، فيحصل الطلاق، وتقاسمه الثروة.

مزايا وعيوب

وهناك مطلقات، لا يستطعن إثبات الدخل الشهري الثابت للرجل؛ ليحدد القاضي قيمة النفقة، وأخريات يفشلن في الحصول على مستندات، تخص ممتلكات الزوج لتقديمها إلى المحكمة، حتى أن بعض الرجال يقدّمون شهادات، تثبت عدم قدرتهم المادية على دفع النفقة، ويحصلون عليها بطرق ملتوية؛ لقهر المطلقة والانتقام منها.

ويقول هؤلاء: إن التشريعات الموجودة حالياً، التي ترتبط بتحمل المسؤولية لإثبات دخل وممتلكات شريكها السابق؛ كوثيقة أمام القضاء، يحكم من خلالها بالنفقة، يجعلها تصاب باليأس والإحباط، ولا تستطيع وحدها الحصول على حقوقها، ولا بدّ من تدخل الدولة لإصلاح هذه التشريعات، وتكون وحدها المسؤولة عبر أجهزتها ومؤسساتها في الكشف عن المستوى المادي للزوج؛ ليحكم القاضي وفق الأوراق الرسمية، بما يحفظ للمرأة مكانتها وكرامتها، ولا يجعلها ذليلة للرجل، وتركز حياتها في تربية أولادها بعيداً عن صراعات المحاكم.

وأكدت عنان حجازي، استشارية العلاقات الزوجية بالقاهرة: أن حصول المطلقة على جزء من ممتلكات زوجها، له مزاياه وعيوبه، فقد تستثمره بعض السيدات لقهر الرجل، وتتحول العلاقة بينهما لمجرد مكسب وخسارة، لكنه ينصف المرأة، التي ألقاها زوجها في الشارع، بعدما ساعدته على أن يبني نفسه وكيانه، وتتحمل معه مسؤوليات جسام، فقد ضحّت بسعادتها من أجل راحته.

وأوضحت لـ”العرب” أنه كما هناك رجال، لا يعنيهم سوى المال، فهناك أيضاً سيدات بالمثل، ولا يجب أن تكون العلاقة قائمة على الابتزاز، وجني أكبر قدر من المكاسب، والحل أن يتم إنجاز حقوق المطلقة بعد الانفصال مباشرة على مستوى النفقة العادلة، والمسكن وغيره، لا تأخيرها لشهور وسنوات، بشكل يعرّضها وأولادها للأذى، والتنمر، والوصمة، وأحيانا التسول.

وترى بعض الأصوات المناوئة للفكرة في مجملها: أن منح المطلقة الحق في مقاسمة أملاك زوجها؛ بدعوى أنها ساعدته في تكوينها، يقتضي من العدل أن يحصل الرجل على نصف ثروة شريكته عند الانفصال، إذا كانت العلاقة معها مستحيلة، وهي من دفعته بسلوكياتها وتصرفاتها إلى الانفصال عنها، وهذا من باب المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والمكتسبات.

“ارتفاع ظاهرة الهجر”

وكان الرأي الأكثر اعتدالاً في هذه المسألة، إن إقرار قانون، يعطي للمرأة الحق في الحصول على جزء، أو نصف ممتلكات الرجل حال الطلاق، قد يقود إلى ارتفاع ظاهرة الهجر الزوجي، أو ما يعرف بترك المرأة معلقة، لا هي متزوجة ولا مطلقة، كنوع من إجبارها على طلب الطلاق والتنازل عن كامل حقوقها؛ لتنال حريتها، أو تضطر لرفع دعوى خلع لتخسر كل شيء.

ويظل الحل الوسط في إقرار تشريع، ينظّم حصول المطلقة على جزء من أملاك زوجها السابق؛ شريطة إثبات أنه كوَّن ثروته خلال علاقتهما معًا، على أن يتم تطبيق ذلك على الحالات، التي تتعرّض فيها المرأة لظلم بيّن، وإذا تعطل إصدار تشريع ينظم ذلك، فقد يكون التطبيق في صورة وثيقة مستقلة، يوقّع عليها الزوجان، ويتّفقان على بنودها، للاستناد إليها عند وصول العلاقة إلى الطلاق.