سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الاعتداء الجنسي على الأطفال يكشف غياب الوعي الأسري

يؤكد خبراء التربية على أهمية دور الأسرة في التقليص من ظاهرة التحرش بالأطفال حيث لا يجب أن تقتصر مهمتها على منع تعرض الطفل للتحرش فقط، بل يجب ألا يكون متحرشاً، ويرى خبراء علم الاجتماع أن حماية الأطفال من التحرش تتطلب تغييراً في أفكار بعض المجتمعات وخصوصاً التي تفتح المجال للأطفال للاختلاط مع شبكة واسعة من الجيران واللعب مع الأقران أو دخول منازلهم دون محاذير أو توجيه.
تعتمد وقائع التحرش بالأطفال على أسلوب متواتر يقوم على استدراج الطفل بحجة اللهو أو شراء الحلوى، ثم الاعتداء عليه في مكان معزول، وتهديده في حال إبلاغه بالأمر، ما يُلقي بتساؤلات حول دور الأسرة في توعية صغارها بكيفية حماية أنفسهم.
قال الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، لـ”العرب”، إن الإشكالية في أن التحرش بالمجتمعات المغلقة يتمّ بشكل أكبر في شبكة معارف الطفل وليس من الغرباء فحسب، فالصغار بطبيعتهم يخشون التعامل مع من لا يعرفونه، والدراسات تؤكد أن 80 في المئة من الوقائع التي تحدث تكون من الأقارب والمخالطين للأسرة أو ممّن يترددون عليها كحراس العقارات والسائقين والخدم والعاملين بمحال البقالة.
لذلك يتطلب الأمر تغييراً في أفكار بعض المجتمعات الريفية المحلية التي تفتح المجال للأطفال بالاختلاط مع شبكة واسعة من الجيران واللعب مع أقرانهم أو دخول منازلهم دون محاذير أو توجيه، بعد العديد من الوقائع التي شهدتها القرى المصرية أخيراً والمتمثلة في اعتداءات جنسية على أطفال قصّر.
في الكثير من الأحيان تساعد الأسر بالخطأ على وقوع أبنائها ضحية عبر ارتداء ملابس أو قطع من الإكسسوارات تحمل أسماءهم فتجعل المتحرشين يستغلونها لادّعاء معرفتهم بالأبوين، وكذلك عدم توضيح كيفية التصرف في المواقف الصعبة، كفقدان الطريق المؤدي إلى المنزل، أو الأشخاص الذين يمكن أن يتعامل معهم حينها.
أكد جمال فرويز أن دور الأسرة أساسي في منع التحرش وتأهيل الطفل حال تعرضه له، فيجب عليها ألا تخجل من أن توضح خطورة الدخول مع أي شخص مهما كانت قرابته إلى المراحيض أو الذهاب إلى أماكن معزولة، إضافةً إلى مطالبته بالصراخ حال الشعور بالخطر فالمتحرش دائماً جبان.
يقول خبراء تربية إن الأمر يتطلب وضع قواعد للعب الأطفال ومراقبة المضامين التي يشاهدونها وعدم منحهم هواتف متصلة بالإنترنت إلا في سن ينضج فيها الطفل، فمهمة الأسرة ليست فقط في منع تعرض الطفل للتحرش، لكن الحيلَولة دون أن يكون متحرشاً أيضاً.
وقائع التحرش بالأطفال على أسلوب متواتر يقوم على استدراج الطفل بحجة اللهو أو شراء الحلوى، ثم الاعتداء عليه في مكان معزول، وتهديده في حال إبلاغه بالأمر.
تمثل القصص المصورة إحدى الوسائل الأساسية التي يمكن توصيل أفكار خصوصية الجسد للأطفال مثل مطبوعة “خط أحمر” للكاتبة اللبنانية سمر محفوظ براج التي استطاعت توصيل تلك المعاني بسلاسة تحت شعار عريض نصه “في جسمك أجزاء خاصة بك. . لا يلمسها أحد”.
ورغم اعتبار منصات التواصل الاجتماعي وسيلة لمواجهة التحرش بفضح المتورطين، فإنها تحمل أيضاً تأثيراً سلبياً على أسرة المتهم حينما يتمّ وصمها بذنب لم ترتكبه، مع تعريض الطفل للعنف اللفظي وأحياناً البدني، إلى جانب استخدام هذه المنصات كوسيلة لاستدراج الضحايا من الأطفال عبر مواقع الألعاب الجماعية لتنشب صداقات افتراضية سرعان ما تتحول إلى المطالبة باللقاء للعب معاً في منازل الجناة ثم تكون الكارثة، خاصةً وأن النسبة الأكبر من الأطفال لا يُبلغون أحداً بتعرضهم للتحرش الجنسي، ما يتطلب من الأسرة التدقيق في سلوكياتهم.