الاستزراعُ السمكيُّ… مشروعٌ اقتصاديٌّ صغيرٌ يعلنُ نجاحَه في الرقّة

الرقة/ المهند عبد الله –

---

تعدّ تربية الأسماك، أو الاستزراع السمكي من أكثر المشاريع النامية في العالم حاليًا، بسبب زيادة الطلب على المكونات الغذائية الموجودة في الأسماك، ما سبب زيادة الضغط على التجمعات البرية للأسماك في الأنهار والبحيرات، فشكلت المزارع الحل الأمثل للعاملين بهذا المجال من الناحية الاقتصادية والمعيشية.

 ويتزايد الطلب على السمك ومنتجاته، إضافة إلى سعره وتسارع النمو السكاني، وهذا هو السبب الرئيسي لازدياد هذا النوع من النشاط التجاري حول العالم، وتشكل تربية الأسماك في العديد من المناطق السبيل الوحيد لكسب العيش للكثير من السكان، فما أنواعها؟ وما اساسيات نجاح تربية الأسماك في مدينة الرقة؟

مشروع تفريخ الأسماك وتحدياته

وحول هذا الموضوع التقت صحيفتنا “روناهي” بمربي إصبعيات الأسماك أحمد حمادي أبو حسن، وهو رجل ستيني، وافد من قلعة المضيق من منطقة الغاب ويعمل في مزرعة لتربية واستزراع إصبعيات الأسماك في منطقة السباهية في الريف الغربي لمدينة الرقة.

وأستهل أحمد حمادي أبو حسن حديثه عن مهنته قائلاً: “أعمل في هذه المهنة منذ “43 سنة” وكانت بداية عملي في قلعة المضيق بمشروع صغير، وخبرة بسيطة، وتشاركت مع أصحاب خبرة وأطباء بيطريين، وبدأت تتطور الخبرة مع العمل، واكتسبت الكثير من الخبرات التي جعلتني أعمل على تفريخ أي نوع من الأسماك إن كانت للاستهلاك البشري أو أسماك الزينة”.

وأضاف أحمد حمادي: “نعمل على تفريخ الأسماك بمجرد توفر الذكر والأنثى البالغين من أي نوع من الأسماك، ولأجل تفريخ الأسماك يجب أن تكون قد أتمت عمر سنة ونصف ومنها سنتين، ومنها ثلاث سنوات، وحتى ست سنوات، ليصل الذكر والأنثى فترة النضوج الكافية ونحصل على البيض واللقاح بدرجة جيدة”.

وتابع أحمد حمادي أبو حسن” بسبب آلة الحرب والأوضاع الأمنية السيئة، اضطررنا للنزوح عن أراضينا تاركين أملاكنا وأرزاقنا وبيوتنا، فقدمنا إلى مدينة الرقة التي وجدنا فيها الأمن والاستقرار، ولم نجد من يعمل على تفريخ الأسماك، وبدأنا العمل على إنشاء هذا المشروع من خلال تصنيع أحواض خاصة، لتفريخ واستزراع إصبعيات الأسماك”.

وأردف: “في الأعوام السابقة كانت تعتمد مناطق شمال وشرق سوريا على استيراد إصبعيات السمك من مناطق الغاب، لتوفر مزارع لتفريخ الأسماك، وبسبب نوعية الأراضي في الرقة، لا يمكن تفريخ الأسماك في الأحواض الموجودة إلا ضمن شروط معينة”.

وعن أنواع الأسماك التي يتم تفريخها واستزراعها بين أبو حسن “نعمل على تفريخ أي نوع من الأسماك المتوفرة في منطقة حوض الفرات، مثل الكرب، والسلور، والفضي، والعاشب وأسماك الزينة الذهبية الملونة، وسمك المشط”.

وعن بداية عمله أوضح أحمد حمادي أبو حسن: “انطلقت بمشروعي في منطقة السباهية غربي المدينة بسبب ملائمة التربة لأحواض تربية السمك، وكانت بداية العمل في العام الماضي بسيطة بحوضين فقط لعدم توفر إناث السمك، وهذه السنة بدأنا عملنا بتحضير ثلاثة أحواض إضافية لمتابعة العمل بشكل أوسع”. 

تصميم الأحواض المائية وإنشاؤها 

وتابع “يمكن إنشاء الأحواض المائية بمساحة غير محددة بتوفر المكان من طول وعرض، وعمق مناسب وتسمى أحواض عائمة ونعمل على تربية الأسماك بهذه الأحواض لسهولة تجفيفها، وتجديد المياه لكل دورة إنتاج، وتوجد في مدينة الرقة أحواض لتربية الأسماك بمحاذاة نهر الفرات، يصل عمق هذه الأحواض “من ثلاثة أمتار إلى خمسة أمتار” ولا يمكن تجفيف هذه الأحواض وتوجد صعوبة بتنظيفها”.

مراحل تفريخ الأسماك

وعن آلية تفريخ واستزراع إصبعيات الأسماك أوضح لنا أبو حسن: “يجب توفر المواد الأولية لتفريخ السمك من مواد فرز البيض، وتوفر مادة (الغدة النخامية من سمكة الكرب أثناء موسم الصيد) وهذه المادة بديلة عن الهرمون إذا لم يتوفر، ويتم حفض الغدة مع مواد حافظة لبداية موسم التفريخ، وتعطى للأنثى حسب حجمها ووزنها وللذكر بنسبة أقل”.

وأوضح أبو حسن” بعد (12 ساعة) من إعطاء الذكر والأنثى مادة الغدة أو الهرمون، وحسب درجة حرارة الماء يكون الذكر جاهز لتلقيح البيوض المستخرجة من الأنثى بشكل يدوي، يتم وضع البيض بوعاء لخلطه مع لقاح الذكر، ويقلب البيض مع اللقاح مدة من (20_40) دقيقة يكون البيض قد تلقح، وتوضع مادة بعد اللقاح لفرز الشوائب عن البيض”.

وأشار أبو حسن “بعد عملية الفرز ينقل البيض إلى حاضنة على شكل قمع مخروطي، مخصص لتفقيس البيض ضمن مياه متحركة لمدة (90 ساعة) ودرجة حرارة متوسطة “24” مئوية، وبعد عملية التفقيس ينقل فراخ السمك إلى حوض منظف ومعقم قبل يوم واحد من عملية النقل لتلافي تكاثر الحشرات، وبعد حضانة الفرخ من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر يكون الفرخ جاهز للبيع للمربين”.

تغذية الأسماك وتسمينها

وعن الأعلاف المستخدمة لتغذية الأسماك، أوضح أحمد أبو حسن “نستخدم لتغذية الأسماك الاعلاف المركزة والأعلاف المركبة، ويبلغ سعر كيس العلف المركز (20 كيلو 100 دولار أمريكي)، ويكون أغلى من العلف المركب، ونضطر بسبب غلاء الأعلاف لشراء الأعلاف المركبة الارخص سعراً”.

وعن مرحلة ما بعد بيع الفرخ للمربي أضاف “بعد عملية الحضن لثلاثة أشهر يتابع المربي عملية تغذية الفرخ، لمدة سنة كاملة، وبعد السنة تبدأ عملية تسمين فرخ السمك وتكون ما بين الشهر الخامس، والشهر التاسع تكون أوج عملية تسمين الأسماك وتعادل تغذية هذه الأشهر عن السنة كاملة “.

 وحول المشاكل والصعوبات التي يوجهونها في هذه المهنة اختتم أحمد حمادي أبو حسن حديثه قائلاً “نواجه صعوبات كثيرة في تربية الأسماك خصوصاً في الأعوام الماضية، أبرزها ارتفاع أسعار الوقود والأعلاف مع انقطاع التيار الكهربائي، وانخفاض سعر الأسماك مقارنة بكلفة الإنتاج وبالتالي ضعف الجدوى الاقتصادية، وارتفاع كلفة الصيانة العامة في المزرعة من تجريف الأحواض، وصيانة المحركات ومضخات المياه”.