سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الاجتماعُ… ما بين تحسين نوعيّة العمل وتعطيله

رامان آزاد_

يراجعُ مواطنٌ مؤسسةً لإنجازِ معاملةٍ أو مراجعةٍ ضروريّةٍ، فيسألُ عن المسؤولِ، فيأتي الجوابُ إنّه في اجتماعٍ، ومن غير المعلوم متى يخرجُ منه، فيقضي شطرَ يومه في بهوِ المؤسسةِ يذرعُ المكانِ جيئةً وذهاباً، ولعله يعودُ بعد طولِ انتظارٍ خاليَ الوفاضِ، والمفارقةُ أنّ السببَ في تعطيلِ العملِ كان اجتماعاً لمناقشةِ سبلِ تحسينِ العملِ! وقد لا تتوفرُ للمواطنِ الفرصةُ للمراجعةِ في يوم ثانٍ، وبذلك يُطرحُ السؤالُ حول مجملِ حجمِ الهدرِ من زمنِ الإنتاج في كلّ المؤسسات، وضرورة إيجادِ سبلِ تقنينِ الوقتِ، وتنظيمِ الخدمة المجتمعيّة، بعدما أضحت ظاهرةُ الاجتماعاتِ المطوّلةِ آفةً تصيبُ المؤسساتِ بحالةِ شللٍ وظيفيّ.
الاجتماع يؤكد المسؤوليّة الجماعيّة
يُنظر إلى الاجتماعات على أنّها مواقيت مقدّسة لا ينبغي مقاطعتها بدعوى أنّها ضرورة تنظيميّة في كلِّ مؤسسةٍ أو هيئةٍ، ولكن هذا التقييم مؤسساتيّ، ولكن لا ينسحب على المواطن العادي الذي بالكاد استطاع الحصول على فرصةٍ مراجعةِ مؤسسة لإنجاز معاملة، ولا يسعه الحضور في موعدٍ آخر في سياق المعاملةِ نفسها، لما يترتب على ذلك من نتائج سلبيّة، وربما خسائر مباشرة.
الاجتماع بالمجمل هو تجمع شخصين أو أكثر في مكانٍ معيّن لمناقشة وتبادل الرأي حول موضوع معيّن، ويُعقد ضمن الإطار التنظيميّ لمختلف المؤسسات والكيانات الخدميّة والفعاليات الاقتصاديّة والهيئات السياسيّة وحتى الجمعيات والاتحادات المهنيّة، وتتعدد وظائفه وأهدافه، إلا أنّ تحسين الأداء العام يأتي في مقدمة الأهداف.
يفترض أن تكون اجتماعاتُ العمل محطاتٍ لحشدِ الأفكار والتشاركِ الفعّال، والحوارات الغنية بالمعرفة والخبرات، طرح الاقتراحاتِ لتحسين أداء العمل بناءً على تقييمٍ متعدد الجوانب للعمل في مرحلةٍ سابقةٍ، وهي الإطار المباشر الذي يجسّدُ التعاون بين أفراد المؤسسة الواحدة، والوصولِ إلى قراراتٍ عمليّة تكسر قوالبَ الجمود في العملِ وتضفي عليه مزيداً من المرونةِ، وإذا كان لكلِ مؤسسة نظام داخليّ وقواعد عملٍ ثابتة، فإنّ الاجتماعات الدوريّة علامة حيويّة المؤسسة وتطوير عملها وفقاً للتجربة وتراكم الخبرات على مستوياتٍ مختلفةٍ في تأكيدٍ على التواصلِ بين العاملين.
المسؤولية الجماعيّة هي العنوانُ الأبرزُ في الاجتماع، باعتبار أنّ المؤسسات شخصيات اعتباريّة، يتم تقييمها والتعامل معها على أساسٍ وظيفيّ من وجهةِ نظر مجتمعيّة، وهذا لا ينفي المسؤوليّة الاسميّة المباشرة والفرديّة ضمن نطاق المؤسسة، وبعبارةٍ أخرى فالاجتماع هو سبيلُ تجاوز التسلسل الهرميّ للمسؤولية في المؤسسة، لتكون أفقيّة، وتكون الإدارة تشاركيّة، ويُشعر كلّ فردٍ بأهميته في اتخاذ القرارِ، إذ لا يتسنى لمن يشغل منصب الإدارة الإحاطة بكلّ تفاصيلِ العملِ والمشكلات التي تُصادف فيه والسبل العمليّة لحلّها.
رغم كلّ ذلك، يبقى الاجتماعُ إطاراً تنظيريّاً، ومحكُّ الاختبار الحقيقيّ لنجاحه هو الآثار المباشرة على العمل، وهذا يتوقف على نوعيّة الأفكار المطروحة وجودة الاجتماع نفسه، ومدى إيجابيّة الأشخاص الذي يحضرونه، ومستوى تحضيرهم له، وإلا غدا الاجتماعُ طقساً إداريّاً روتينيّاً وعبئاً على العملِ، بل وظاهرة معطلة له.

الاجتماع له هدفٌ
لا يتسم عملُ المؤسسات بالثباتِ على مستوى واحدٍ من المثاليّة، وقد لا تلحظ قواعدُ العملِ بعض الظواهر السلبيّة، أو التنبؤ بكلِّ السلبيات والمعوقات أو المشكلات الطارئة، ولا سبيلَ لتجاوزها إلا بعقدِ الاجتماعات وتبادلِ الرأي حولها، بافتراضِ أنّ العاملين قد اكتسبوا خبراتٍ وراكموا المعارفَ، وبذلك فالاجتماع هو الإطار الطبيعيّ للإبداع الفكريّ، والذي ينعكس على إبداع في العملِ، وتُناقشُ في الاجتماع خطة العمل القادمة وفق أولويات الضرورة والإمكانات المتاحة والمستلزمات.
لا تعد إدارة أيّ اجتماع عملية علميّة معقّدة، ويفترض أنّ المجتمعين يدركون مسبقاً ما الذي يجب عليك فعله. ومن الطبيعيّ أنّ يكون لاجتماع برنامج عملٍ، وفي هذا الأمر يأخذ سمة الثبات في الاجتماعات الدوريّة، ولكن لا توجد ضمانات في إبقاء الاجتماع وفق المخطط المحدد له سلفاً، وقد يخرج عن قواعد الانضباط وتتعدد مسارات النقاش وتصل إلى الحدة، وبذلك يجب بذل الجهد لضبطه لتحقيقِ الأهدافِ المرجوةِ منه، وهناك قاعدةٌ جوهريّةٌ لمجملِ الاجتماعات “إذا لم تكن تعرفُ الغايةَ من الاجتماعِ، لا ينبغي عليك أن تبدأ به”، فالغايةُ ليست مجردَ جمعِ أفرادٍ في مكانٍ محددٍ في توقيتٍ محددٍ، بل يجبُ تحقيقُ هدفٍ.
مسألة العدد لها أهميتها وحساسيتها، فمع الأعداد الكبيرة يصعب ضبط إيقاع الاجتماع، ويعرض للفوضى، وبالمقابل فإنّ الإفراط في تقليل عدد الحاضرين، قد يحرم من تعدد الأفكار ولا تصل إلى حد الكفاية، ولذلك يجب الحرص على حضور كلِّ الأشخاصِ المعنيين بشكلٍ أساسيّ، وبذلك يضمن طرح الأفكار ذات الصلة بعيداً عن المشاغلة.
يمكن صياغة جدول الأعمال على نحو أقرب لطرح الأسئلة، ويفترض الإجابة عليه في سياق الحوارِ، فتحسين العمل والمشكلات التي تعترضه عبارة أسئلة مفتوحة، وعل هذا الأساس يجب تجنب المشاركاتِ التي تأتي من قبيل إلقاء الخطبِ وطرح الأفكار على أنّها مسلمات وحقائق ثابتة، أو الكلام الإنشائيّ، إذ ليس سهلاً مقاطعة الأشخاص الميالين للخطاب، إلا أنّ ذلك قد يكون ضروريّاً أحياناً لإعادة التوازن الاجتماع وتصويبه مساره. من الممكن توجيه شخصٍ كهذا بالقول: أنت محقٌّ لدرجة ما، ولكن يمكن الحديث حول الأمر في وقتٍ لاحقٍّ.
اجتماع العمل الرسميّ ليس المناسبة لتقديم الشكاوى الشخصيّة التي لا تتصل مباشرةً بالعمل أو المواضيع الجانبيّة، وبالوسع التنبيه إلى أنّ الشكوى ستلقى الاهتمام اللازم بطرحها على الإدارةِ مباشرةً لتتخذ بشأنها القرار اللازم في حدود الصلاحية الممنوحة لها أو إحالتها إلى جهة مختصة عند الضرورة.
بغضِّ النظر عن نشاط المؤسسة أو طريقة إدارتها للعمل، فإنّ المزاج العام للعاملين فيها لا يتوافق عادةً مع الاجتماعاتِ، وبخاصةٍ عندما تسقط في هوّة الروتين وتنفذ لمجرد تدوين محاضر شكليّة.
يعكس الاجتماع بالمجمل ثقافة الأفراد وكذلك المجتمع، في نموذج لغة الحوار وإبداء الملاحظات والنقد مع تجنب الإساءة الشخصيّة، وكذلك تقديم المقترحات، على أنّها رؤية لتحسين العمل، وكلّ ذلك عوامل أساسيّة لإضفاء الطابع العملانيّ والجديّة على الاجتماعِ.

الوقت عاملٌ حاسم في الاجتماع
عاملُ الوقتِ أساسيّ جداً في تقييمِ نجاحِ الاجتماعِ سواءً في توقيته أو المدة التي يستغرقها، ومن المهم جداً تقدير وقت الآخرين، وأحد أهم مشاكلنا إساءة تقدير وقت الآخرين، ويجب حساب التكلفة الحقيقيّة للاجتماع، إذ من المعلومِ أنّ العملَ يتوقفُ خلال الزمنِ الذي يستغرقه الاجتماع، ويجب التقليل من حجم خسارة الإنتاجيّة بالنظر إلى الوقت يستغرقه الاجتماع.
يجب أن يبدأ الاجتماع في الوقت المحدد له، وقد يتسبب تأخر انعقاده في مشكلات إداريّة أو إنتاجيّة أو آثار سلبيّة، ويؤدي أيضاً إلى خسارة الأشخاص الذين حضروا في الموعدِ المحدد لوقتهم، أو أنّ المتأخرين سيفوتهم قسمٌ مهمٌ من الحوارات والنقاش، ومع تكرار هذه الظاهرة سيصبح التأخر عادةً لدى الجميع في قادم الأيام. ولتلافي هذه الظاهرة يجب البدء بالاجتماع في موعده المحدد، كي يشعر الأفرادُ المتأخرون بالحرجِ، أمام زملائهم، ما سيدفعهم للالتزام بتوقيت الاجتماع في المرات القادمة.
وفي سياق حساب الوقت أيضاً ينبغي الانتباه، إلى أنّ مقاطعة عمل أحد العاملين بدعوته إلى حضور اجتماع، قد يستغرقُ منه بعض الوقت، لاستعادة نسقِ عمله. كما تُحسب المسألة وفق مستويين الأول بالنسبة للمؤسسات الخدميّة، إذ تتوقف الخدمة طيلة زمن الاجتماع، أما بالنسبة للشركات والمصانع فالإنتاج يتوقف، وبالمجمل فإنّ الوقت المستهلك مأجور، وبذلك يجب التقنين في الوقت، إذ أنّه في الحدِّ الأدنى يُصنّف واحداً من وجوه الهدر العام، وعلى هذا الأساس تُحسب تكلفة الاجتماعِ.
كما هي بداية الاجتماع، فإنّ النهايةَ يجب أنّ تُحدد أيضاً بدرجة نسبيّة، وفق للوقتِ المتفق عليه، فالإطالة المبالغ فيها، تُفقد العاملين الرغبة في إكمال العمل اليوميّ، وتُشعرهم بالإرهاقِ، والنهاية المبكرة تتيح لهم استعادة نسق عملهم السابق قبل الاجتماع أو لأخذ فاصلاً للاستراحةِ.
فعاليّة الاجتماع 
كثيرٌ من الاجتماعات تفتقر إلى الفعاليّة ولا تحقق الفائدة المرجوة، ولذلك لا بد من تحضير برنامج خطيّ للاجتماع، ورغم أنّ العديد من المدراء يتجنبون وضع برنامج معيّن للاجتماع، على أساسِ أنّ الاجتماعَ مفتوحٌ على احتمالاتِ طرح مواضيع متنوعة، إلا أنّ ذلك غير صحيح، إذ أنّ الهدف المعلن للاجتماع هو الذي يحدد مساراته مسبقاً، وهذا من شأنه المساعدة على الالتزام بإنهاءِ الاجتماعِ في الوقتِ المحدد، ويساهم عل اطلاع المشاركين فيه على المهام التي يجب عليهم القيام بها.
بالإمكان القيام ببعض الأعمال التحضيريّة للاجتماع، من قبيل عقد اجتماع مصغر، على شرط عدم المبالغة فيها وإعداد التقارير اللازمة، على أن تكون بدرجة من الكثافة المطلوبة، وتتضمن تقييماً للعمل والمشكلات المصادفة والمقترحات لحلها.
أكثر الظواهر السلبيّة في الاجتماع هو الارتجال، وطرح الأفكار في عجالة دون تحضيرٍ مسبق، فالبعض يحضر ولا يعرف عن الاجتماع إلا موعده، ومن المهم التمييز بين الاجتماع الموسّع والمصغّر.
تتوقف فعالية الاجتماع ونجاحه بدرجة كبيرةٍ على طبيعة الحوار، لجهة اللغة المستخدمة فيها، فهو بالمطلق ليس مناسبة للمجاملات والإطراء الشخصيّ، بل لتقييم العمل، وبذلك يتم الثناء على العمل الجيد مباشرةً باعتباره نموذجاً قابلاً للتعميم، وبالمقابل انتقاد الخطأ باعتباره سلبيّة لا ينبغي تكرارها، ولكن دون الإساءة إلى من ارتكبها، وكذلك دون تبريرٍ مبالغٍ فيه، لرفعِ المسؤوليّةِ عنه، لأنّ المسؤوليّة هي جوهر الاجتماع.
الاجتماع الناجح هو الذي تم الإعداد له بواقعيّةٍ وعنايةٍ وفقاً لحجمه ونوعه والهدف منه، وينبغي الدعوة لأيّ اجتماعٍ بطريقةٍ تمكّنُ المعنيين من الحضور والمشاركة الفاعلة، وحضور الاجتماع يعني الوجود الفعليّ للعضو بشخصه، ومن الظواهر السلبيّة التي يجب التقليل منها أن البعض يحضر شطراً من الاجتماع ثم ينسحب، أو يكون حضوره سلبيّاً، لا يتجاوز مجرد الحضور دون مشاركة فعليّة في المداولات.
يجب النظر إلى الاجتماع على أنّه عمليّة إبداعيّة لا تنفصلُ عن سياقِ العملِ، وأن تكونَ قيمةً مضافةً، يكتسبُ ويتشاركُ خلالها العاملون الخبرات وقناة لكسب خبراتِ الآخرين. وأن يعوا تماماً أنهم يحضرون بمستوى متساوٍ من المسؤوليّة، وأن ما يقومن به هو تحديدٌ للأدوار على نحوٍ من التكاملِ، وأنّهم فعليّاً يتشاركون النجاحَ والفشلَ بالنتيجةِ. وهذا لا ينفصل أبداً عن الشخصيةِ الاعتباريّةِ للمؤسسةِ، ولذلك فإنّ تحسين كفاءة العاملين الجدد يجب أن يكون أولويةً.

تشاركيّة المسؤولية وتحسين علاقات العمل
تلتزم كثيرٌ من المؤسسات بعقدِ الاجتماعاتِ الدوريّة الأسبوعيّة أو الشهريّة أو السنويّة، وتهدفُ إلى تقييم العملِ خلال فترة سابقة والاطلاع على التطورات ونتائج العمل والملاحظات النهائيّة بشأنها. هذه الأنماط من الاجتماع ضرورةً تنظيميّة ويجب ألا تتحول إلى جلساتٍ ترفيهيّة لتبادلِ الأخبار والأحاديث، ويجب تذكّر تكلفة الاجتماع.
قد تدعو الحاجة لعقد اجتماعٍ عملٍ طارئٍ، عندما تستدعي الحاجة، إلا ليس من الممكن على الدوامِ إحالةُ المشكلاتِ إلى الاجتماعاتِ الدوريّةِ، واستمرار حالةٍ سلبيّةٍ طارئة، ولكن ذلك لا يعني أبداً عقد اجتماعٍ ارتجاليّ وعشوائيّ مفاجئ، فهذا النمط من الاجتماع لن يحقق النتيجة المرجوة منه، ولذلك يجب أن تُتاحَ الفرصةُ للمجتمعين للاطلاعِ وتحديد الأفكار المناسبة مسبقاً لإغناء الاجتماع وإلا سيكونُ حضورهم سلبيّاً، وفي الحدِّ الأدنى يجب أن يطّلعوا مسبقاً على غايةِ الاجتماعِ ومضمونه.
صحيحٌ أنّ العاملين يحتاجون إلى نصائح وإرشادات للعمل، ولكنهم يحتاجون بقدر أكبر إلى عواملِ التحفيز وتحريضِ الإمكاناتِ واستثمارها بالشكلِ الأمثلِ لتحسينِ نوعيّةِ العملِ، ويجب التركيزُ على تعريفِ الاجتماعُ على أنّه ضرورة تنظيميّة، ولذلك يفقد قيمته وينعكس سلباً عندما لا يلبّي الضرورة والحاجة العمليّة.
بالمجمل الاجتماع هو قناةُ التواصلِ بين الإدارةِ والعاملين، وتأكيدِ شعورهم بأهميتهم، وليس مناسبةً فقط لقراءةِ التعليماتِ والأوامر الإداريّة، والتي يمكن تبليغها لهم دون الحاجةِ لاجتماعٍ، بل المهم الغاية دفعهم إلى التركيزِ وتأكيد تشاركيّة المسؤوليّة وإيجادِ الحلولِ ليس بطرح أفكارٍ جديدةٍ، تطوّر العملَ وحسب، بل تسهمُ أيضاً في تحسينِ علاقات العملِ وتكريسِ فكرةِ العملِ بروحيّةِ الفريقِ الواحدِ.
وتقع مسؤوليّة نوعيّة الاجتماع وجودته على عاتقِ من يقوم بإدارته، لجهةِ ضبطِ مساره، وإشراكِ كلّ الحاضرين بشكلٍ عادلٍ في إبداءِ رأيهم، وبخاصةٍ الأفراد الذين يبدون شيئاً من التحفظِ في التواصلِ الاجتماعيّ أو العناصر الميّالة للشغبِ وإثارةِ الجدلِ.
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle