الإرهاب الإعلامي … بعد شهود عيان بدأت مشاهد التمثيل

مصطفى بالي/ خبر 24 –

 تداولت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخراً مشهداً تمثيلياً جديداً من تلك المشاهد الرديئة تمثيلاً وإخراجاً والتي تعبّر عما تعيشه تركيا والجماعات الإرهابية المتحالفة معها من يأس وعجز وصل لدرجة تصوير وإخراج مشاهد سمجة لا تعبر إلا عن غباء من يقف وراءها سواء أصحاب الفكرة أو فريق الإخراج أو الممثلين، عداك عن الأخطاء المكشوفة التي تفضح زيف هذه الافتراءات. المشهد التمثيلي الذي تداولته بعض وسائل الإعلام الداعمة للإرهاب، تؤكد مرة أخرى أن الإرهاب ليس مجرد سيف بتار، أو سيارة مفخخة، أو نصل في يد مجرم يقطع رؤوس المخطوفين، إنما هو منظومة متكاملة، تحت يدها دول داعمة وممولة ووسائل إعلام بدأت بضخ الأكاذيب عبر ما كان يعرف بالشهود عيان، و مؤسسات لها صفات اعتبارية وشبكات تنظيمية بينها أحزاب من مختلف القوميات منتشرة في مختلف دول العالم تعمل ليلاً نهاراً لضرب عوامل الاستقرار والضخ الإعلامي لإعادة إنتاج نفسها في كل مرة عبر الضرب على الوترين الطائفي والعرقي بغية إشعال الفتن والحروب والاقتتال بين مكونات سوريا، ذلك إن الإرهاب لا يستطيع التعايش مع مشاريع السلام والحل السياسي وعوامل الإنماء والاستقرار.

هذا الإرهاب الإعلامي والفكري والتضليل الممنهج، ليس فعلاً اعتباطياً، ولا كان في يوم عملاً فوضوياً، إنما هو توزيع للأدوار في مختلف مراحل المعركة التي تخوضها الشعوب ضده، وعمل منظم لكل مفصل من مفاصله دور منوط به، يقوم بأداءه حسب طبيعة المرحلة، وعليه فقد بدأت آلة الضخ الإعلامي الإرهابية بمختلف مستوياتها ولغاتها العمل على إنتاج مشاهد قصيرة وسمجة للتسويق لفكرة المظلمة القومية هنا أو هناك في محاولة يائسة لنسف السلام الاجتماعي وإعادة إنتاج المعركة من مدخل جديد بعد أن أسدلت الستارة على حرب المواجهة في الباغوز مؤخراً والتي شكلت منعطفاً حاسماً في هذه الحرب التي شاركت فيها كل شعوب شمال سوريا كتفاً إلى كتف لدحر المجرمين القتلة.

هذا المشهد التي تروجه آلة الإعلام الإرهابي، لا تنطلي على كل ذي بصر وبصيرة لملاحظات مكشوفة مفضوحة في المشهد ذاته، ولاختلاطات معرفية في بنية الفكرة المراد التسويق لها من ذلك، أن واجب الدفاع الذاتي في كل مناطق شمال سوريا، مخصوص بالذكور دون الإناث، فكيف يمكن إجبار امرأة على الالتحاق بهذا الواجب، بالإضافة لذلك ظهور علم قوات سوريا الديمقراطية في سياق المشهد يدل على غباء منتج هذا المشهد، حيث لا وجود لهذا العلم في منبج، كذلك لا تستخدم قوات سوريا الديمقراطية أو مجلس منبج العسكري سيارات قوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى أن الجهة المكلفة بمتابعة أمور الدفاع الذاتي هي الشرطة العسكرية وليس قوات سوريا الديمقراطية أو قوى الأمن الداخلي، وإذا ما أضفنا إلى ذلك رداءة الممثلين في الاندماج مع دورهم، يظهر لدينا بالنتيجة أن الفكرة التي تنطوي عليها التمثيلية لم تصل إلا لأولئك الذين وصفوا بأنهم صم بكم عمي لا يفقهون.

الملاحظات التي أوردناها أعلاه، ليس الغاية منها كشف المكشوف وفضح المفضوح بقدر ما هي همسة في آذان منتجي هذه المشاهد بأن التمثيل التركي في العموم معروف بالرداءة والأفلام والمسلسلات التركية مليئة بهذه المشاهد السطحية رديئة التمثيل التي لا تخاطب إلا الجمهور الشعبوي المحروم من ملكات التفكير والتحليل والمأخوذ بالعاطفة السطحية البليدة، وبالتالي ملاحظاتنا تأتي في إطار النصيحة للمنتجين بأن لا يعتمدوا في المستقبل على ميراث الدراما التركية، ويتلافوا مثل هذه الأخطاء الكارثية في إنتاج مشهد بالٍ يتجاوز الدقيقتين.  في العموم، إن قوات سوريا الديمقراطية تتكئ على ميراث من العيش المشترك بين كل شعوب سوريا، عميقة في التاريخ ضاربة بجذورها في عمق المجتمع، ونحن على يقين، أن الأزمة السورية وأي أزمة كانت، هي حالة طارئة وسحابة صيف عابرة، ولن تكون قادرة على التحول إلى شكل للحياة، فسيرورة التاريخ وجدليته تؤكد أن الحالة الشاذة تذهب أدراج رياح الحالة الطبيعية.