الأيديولوجيا ودورها على الطَبَقَة الناشئة

عزيز سليمان –

كثيراً ما يدور في فلك العولمة أو الحداثة الرأسمالية، أو حتى الشيوعية والاشتراكية مصطلحات تثير الجدل بين أوساط الشباب، وأغلبية شرائح المجتمع مثل “الأيديولوجيا”.

بالطبع هناك تفسيرات عديدة أو أشياء كثيرة تقال، لكن في الحقيقة في إطار مصطلح الأيديولوجيا ليست شيئاً مطلقاً، بل هي عبارة عن نظام فكري منظم يتناول هذا الفكر المنظم الأخلاق، العقيدة، الثقافة، الفكر، الإدراك، العلم، أي إدراك الأشياء ومعرفتها، أي أن الأيديولوجيا هي نظام فكري.

 الكثير من الدول النامية ودول العالم الثالث كانت ضحية الأيديولوجيا الفكرية والنفسية وحتى المادية ممثلاً أمريكا الجنوبية والشمالية، أغلب هذه الدول كانت حكوماتها ترزح تحت الوصاية الأمريكية وقيادة الاستخبارات حكومات مأجورة، وعندما كان ينشط اليسار ويستلم دفة الحكم؛ كانت الرأسمالية تنتقم منهم بانقلابات عسكرية، كما حصل في تشيلي حكومة سلفادور التي وضعت شخصاً مستبداً (بينوشي)، وفي نيكاراغوا كان هناك سموزا، وكانت الجبهة السانديانية تقاومهم بقيادة دانيل أورتيغا، وحتى الضغوط على حكومة تشافيز وبوليفيا أيضاً، خاصةً تجربة انتخابية أفضت إلى فوز هيكو موراليس من السكان الأصليين، أي أن هذه الشعوب الفقيرة والغنية والموارد ومواد الخام والنفط وكل ذلك، لكنها أحياناً تتأثر بالأيديولوجيا والأفكار الرأسمالية عن طريق؛ رجال الأعمال وأصحاب المصانع والمعامل خاصةً، لتغيّر الشباب عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي.

وحتى اليوم نحن في سوريا كان النظام يسير وفق أيديولوجيا وشعارات قومية واشتراكية حتى في الدستور السوري، فقد كان هناك فقرة هي أن البلاد تتجه نحو الاشتراكية ولكن لم يكن هناك شيء اسمه الاشتراكية في سوريا، علاقات الإنتاج كانت مشوهة يطغى عليه طابع طفيلي وبيروقراطي ليزيد الفقراء فقراً والأغنياء غنىً، وهذه الأيديولوجيا أرادت أن تُهجّر العقول والأيدي العاملة والفقراء للسفر إلى الخارج طلباً للعمل، فقد كان أهالي الجزيرة؛ المركز الحيوي لتغذية سوريا كان شعبها يهاجر إلى دمشق وبيروت وعمان بحثاً عن العمل.

ويقول رستم جودي في إحدى محاضراته، الاتحاد السوفييتي كان قوة عظمى في العالم، حيث كان لديه جيش جرار ومخزون عظيم من الأسلحة النووية، وقد أثبت جدارته في الحرب وكان قد انتصر في الحرب العالمية الثانية ضد الفاشية أي جيش هتلر بعتاده، وبأقماره الصناعية بسكانه وإمكاناته الخارقة، الذي كان يتحدى العالم. ولكن فجأةً رأى أن نظامه ينهار وإن أسلحته غير قادرة على حماية نظامه فلم يطلق طلقةً واحدةً من الدبابة، ولم يطلق صاروخاً واحداً لينهار نظامه، إذاً ماذا كان سبب الانهيار؟؟؟، ذلك النظام الاشتراكي كان يعاني فقراً معنوياً، ولم يكن هناك إرادة، فقد كان يمتلك مختلف الأسلحة ولكن عقلية النظام كانت مفتوحة على الخارج، أي لم يكن هناك نظام حماية العقل، كانت هناك قوات حماية تحمي الحدود والإنسان بشكلٍ جيد،  لكن لم تحمِ عقولهم.

 فما هي قوة حماية العقل؟، قوة حماية العقل هي الهوية الأيديولوجية، بالطبع اليوم نحن شعوب روج آفا أيضاً لدينا أيديولوجيا وقناعة وإيمان، ولكن أرضنا هشة وغير صلبة نتأثر أيضاً بأفكار الآخرين وثقافتهم، وهناك من يتربص بنا، أعدائنا كثيرون في الداخل والخارج ويعملون ليلاً نهاراً لتشويش وتغيير هذه الأفكار والأيديولوجية، يتطلب منا لا أن ننجر، وأن نتمسك باليقظة الثورية والأفكار الثورية والقيم والمبادئ التي عاش شعبنا من أجلها، وناضل لسنوات عديدة للتخلص من احتلال الأرض واللغة والثقافة، وأن نعيش بسلام على هذه الأرض مع جميع الشعوب، وكم من الحروب والمجازر حصلت على تراب كردستان، وكم من الدماء سقطت على هذه الأرض الطاهرة ونهبت ثرواتنا وقيمنا وثقافتنا، يجب أن نحافظ على أيديولوجيتنا وعدم السماح لأحد بخرقها لأنها سلاحنا للتعايش السلمي.