سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

الأم نبع الحياة

أفين يوسف –
تُختصر مشاعر الحنان، والحب، والعطاء، والعاطفة، والاهتمام، والحماية، والكثير من المعاني في كلمةٍ واحدة ألا وهي «الأم».
تعدّ الأمومة من أهم وأبرز المراحل الإنسانية التي تمر بها المرأة، حيث تتولد لدى المرأة منذ بداية حملها للجنين داخل أحشائها مشاعر الأمومة وبشكلٍ فطري، فتنشأ بينها وبين جنينها صلة تواصل مذهلة، ويرتبطان ببعضهما ارتباطاً قوياً لا يمكن وصفه، كما أكد العلماء في بحوثهم العلمية على ذلك الرابط، إذ أن الجنين يشعر بمشاعر أمه من حزنٍ وغضبٍ وحبٍ وفرح وغيرها من المشاعر، ويؤثر ذلك عليه داخل رحمها، تلك الأم تحمي طفلها داخل رحمها لمدة تسعة أشهر ويقتات جنينها على مصادر الطاقة من جسمها، وعند اكتمال نموه واستعداده للخروج إلى هذه الحياة تمر الأم بأصعب مرحلةٍ في حياتها وربما تتعرض حياتها للخطر على إثر وضعها لمولودها، ذلك المولود الذي يحتاج عنايةً خاصة لفترةٍ طويلة حتى يكبر ويصبح قادراً على الاعتماد على نفسه، سنون طويلة من التعب يقع خلالها على كاهل الأم تربية وتنشئة طفلها بالسوية الصحيحة، ويقع على عاتقها تعليمه وتربيته وحمايته ونظافته وإلخ، يجتاز الابن مراحل الطفولة ويبدأ مرحلة الشباب ما يزيد من عبء الأم إذ يتوجب عليها مراقبة أولادها في تلك المرحلة الحساسة وحمايتهم من أصدقاء السوء، لتنشئ جيلاً سوياً منتجاً وعظيماً، فمن هذه المرحلة تبدأ المرأة الأم لعب دورها في قيام المجتمع والحضارات، فهي التي تقوم بتنشئة الجيل الجديد الذي يتأسس منه بناء المجتمع، وتقوم الأم بالاهتمام بأفراد عائلتها وحل مشاكلهم، وهي التي تمنح الدعم العاطفي والنفسي لهم وبخاصةٍ عند وقوعهم في الشدائد، فتعمل على احتوائهم وتثبيتهم، كما تقوم الأم بتربية أبنائها على المبادئ الصحيحة والقيم المجتمعية والإنسانية.
يتعدى دور الأم من كونه مجرد تربيةٍ إلى كونه إعداداً لجيلٍ واعٍ يستطيع التعامل والتأقلم مع المجتمع المحيط به على المبادئ والقيم الأخلاقية المتوارثة فيه، فتقوم المرأة برفد أبنائها بالمهارات الاجتماعية وتعلمهم أسلوب التعامل وما يترتب عليهم من واجبات وكيفية المحافظة على حقوقهم. وتحرم نفسها من كل ملذات الحياة والراحة في سبيل منحنا السعادة، إن دور الأم في هذه الحياة لا يقارن بأي شيء ولا يقدر بثمن، فهي التي تقدم وتضمن الاستقرار العاطفي والنفسي لأفراد أسرتها، وتصنع من أبنائها أفراداً ذوي قيمٍ وأخلاقٍ رفيعة لترتقي بالمجتمع وترتفع به للقمة، الأمر الذي يؤكد على أن رقي المجتمعات ونهوضها وحضارتها هي من نتاج الأم.
أمهاتنا هن قدوتنا في هذه الحياة، وهن صاحبات الفضل علينا في كل ما نصل إليه من نجاحٍ وارتقاء، وكلُّ شخص منا ذكوراً وإناثاً مدينٌ لأمه بما حققه في حياته، فهل يمكن أن ننسى دورها يوماً؟ وهل يمكن أن نفيها حقها وأن نعوضها عن أتعابها مهما فعلنا لها؟ فالأم وطنٌ شاسعٌ ينبع فيه فيضٌ من الحب والعطاء والحنان. فلا ننسى قول الشاعر حافظ ابراهيم في الأم: «الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ».