اتخذته مصدر رزق لها.. ياسمين تحيي تراث الحناء بعد اندثاره

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

زخارف مميزة، ونقوش حناء برائحة القِدَم، ترسمها ياسمين حسين على الأيدي معيدةً الرسم بالحناء على الساحة في مدينة قامشلو، متخذة هذه الحرفة مصدر رزق لها.

تمسك بأناملها الرقيقة قالباً من الكرتون، تخط به موهبتها بنقش الحناء على اليد، وهي تتنقل في المعارض والمهرجانات تكسوها ملامح الموهبة والإبداع، فتجد الفتيات يَتَحَلَّقْنَ حولها؛ كي تقوم بعمل الزينة لهنَّ بالنقش على أيديهن برسومات الورد وغيرها من الأشكال، التي تحتفظ بها داخل مخيلتها المكتظة بالكثير من هذه الرسومات.

مصدر رزق 

ياسمين حسين شابة تبلغ من العمر 24 عاماً، أم لأربعة أطفال، تمتلك موهبة الرسم منذ الصغر، وعندما كبرت طوَّرت موهبتها فاستخدمت الحناء في رسوماتها، فقد كانت ترسم للفتيات في المناسبات، إلا أنها بعد زواجها تركت الرسم، واليوم أتقنت نقش الحناء على الأيدي ليصبح مصدر رزق لها ولعائلتها.

وتتخذ ياسمين من بيتها مكاناً لنقش الحناء للزبائن بسبب ارتفاع تكاليف إيجار المحلات التجارية، أو يمكنها الذهاب إلى منازل الزبائن في حال طلبن ذلك، فيما تتجول في المهرجانات لرسم الحناء للفتيات بنقوش عصرية جميلة.

وتؤكد ياسمين أن موهبتها فتحت لها مصدر رزق من خلال النقوش، التي تستقر بداخلها منذ 15 عاماً، حيث تمارس رسم الحناء في الأعراس منذ الصغر بالمجان أما الآن تعدها مصدر رزق لها ولأسرتها، لاسيما بانقطاع عمل زوجها وعدم وجود مصدر رزق ثابت له.

وتضيف: “الحناء التي أستخدمها في النقش أقوم بإعدادها، فمنها من يبقى يوماً، ومنها من يتجاوز الأسابيع”.

تميز وإبداع

تتابع ياسمين رغم وجود مطبوعات جاهزة مزخرفة إلا أن النساء والفتيات يطلبن النقش اليدوي بالحناء أكثر، لأن النقش بالحناء يستمر أثره على اليد لأسبوعين، وحتى الشهر، أما اللاصق الجاهز فلا يبقى سوى يوم أو يومين، ولا يكون منظره جميلاً مثل نقش الحناء.

وتشرح ياسمين كيفية إعداد الحناء: “يتم خلط مسحوق الحنّاء بالزيوت من أجل منحه الليونة، ويصبغ بلون أحمر أو أسود، فالأحمر مرغوب لدى النساء الكبيرات في السن، أما الأسود فهو اللون الخاص بالفتيات، ونادراً ما تطلب الفتيات النقش باللون الأحمر، لأنّه لون قديم ولا يتماشى مع الموضة الدارجة، وبعد تجهيزه يتمّ وضع الحنّاء في حقنة خاصّة، وتصبح جاهزة للنقش”.

كما تشير إلى أن الصعوبة، التي تواجهها في عملها تكمن في عدم توفير نوعية الحناء، التي تعتمد عليها في عملها في سوريا ما يعرقل عملها فتستخدم الحناء المتوفرة في المنطقة.

وتلفت صاحبة الأنامل الرقيقة إلى أن نقش الحنّاء يمثل مصدر رزق لها، ومدخولاً مالياً شهريّا لأن الطلب على نقش الحناء يزداد خلال فصلي الربيع والصيف، حيث موسم الأفراح وحفلات الزفاف، ويدوم حتى شهر أو شهرين على أبعد تقدير من نقشه على حد قولها.

والجدير بالذكر يعد نقش الحناء جزءاً من تراث المنطقة، حيث استخدمته شعوب ميزوبوتاميا منذ آلاف السنين، كما بدأ الفينيقيّون في بلاد الشام باستخدامه في عام 1500 قبل الميلاد، وخصوصاً في لبنان وفلسطين، وكانت الحناء تصبغ باللون الأرجوانيّ لتمنح لوناً جميلاً، ومن ثمّ انتقل هذا التقليد إلى مصر والحضارات الأخرى، ولكنها اندثرت منذ عشرات السنين لتعود مجدداً تستخدم بالأفراح والمنسابات السعيدة وكنوع من أنواع الزينة.