إلى متى أغلب الملاعب خارج الخدمة شتاءً؟

قامشلو/ جوان محمد ـ

يُشكّل عدم توفّر الملاعب المعشّبة في معظم المدن بإقليم الجزيرة معضلة كبيرة أمام استمرار البطولات الرسمية لكرة القدم خلال فصل الشتاء، وتُنقل المباريات كافة من قبل مكتب كرة القدم في المجلس الرياضي إلى ملعبي مدينة قامشلو شهداء 12 آذار والشهيد هيثم كجو، كونهما مُعشّبين، ولكن متى ستُحل هذه القضية التي أصبح عمرها سنوات؟

منذ سنوات تنشر صحيفتنا “روناهي” تقارير عن ضرورة إنشاء ملاعب مُعشّبة كبيرة لتلافي توقف النشاطات والبطولات الرسمية لكرة القدم في فصل الشتاء، وحصلت خطوات في بعض المدن، لإنشاء ملاعب معشّبة فيها، ولكن سرعان ما توقفت، ولم تكتمل بعدها إلى يومنا هذا.

وتعتبر الملاعب المعشّبة الكبيرة الشريان الحيوي للعبة كرة القدم، والتي تعتبر ذات الشعبية الأولى في العالم، ولكن في ظل افتقار أكثر المناطق لهذه الملاعب تبقى المجالس والأندية الرياضية تعاني، والسؤال الذي يطرح نفسه دوماً إلى متى؟

ففي فصل الشتاء تبدأ رحلة المعاناة للأندية والفرق في لعبة كرة القدم، مع غياب وجود ملاعب معشّبة في كل مدينة، وللعلم في تربه سبيه بإقليم الجزيرة لا يوجد لا ملعب معشّب كبير ولا صغير حتى “سداسيات” مثل ما هي موجودة في بعض مدن الأخرى، رغم أن تربه سبيه يتواجد فيها الكثير من المواهب الكروية، وخاصةً من الفئات العمرية، والتي تنتمي لمدرسة براتي الكروية.

وعود فقط

وتجد أخبار سارّة عبر صفحات المجالس الرياضية بالبدء بتعشيب الملاعب، وبعد أشهر تجد لا ملعب ولا من هم يحزنون، ولتظهر التبريرات منها “الميزانية لم تكفِ وارتفع الدولار، ومنها المواد كلها من الخارج وهناك إغلاق المعابر والمواد لم تصل وإلخ…”. وفي المحصلة الملاعب تبقى بدون تعشيب، وما صُرِف يذهب في مهب الريح.

كنا في الأعوام الماضية على يقين بأن الميزانية غير كافية لإنشاء ملاعب معشبة، ولكن بحسب ما نلاحظه الآن، بأن هناك إمكانيات لدى الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا للقيام بمشاريع كبيرة، ومنها إنشاء ملعب معشّب في كل مدينة، وذلك حتى يشعر ممارسو هذه اللعبة بالراحة والقدرة على اللعب في كامل فصول السنة. ولكن مازال رد المجالس الرياضية أنها لا تملك الميزانية الكافية لتعشيب الملاعب! ولا يتم منحها المبالغ التي تريدها بخصوص المنشآت من الإدارة الذاتية، وما بين التبريرات والكلام تضيع الطاسة، وتبقى لعبة كرة القدم مصيرها مُعلّق بالأمطار وأحوال الطقس في الشتاء.

في عام 2018 مثلاً كان من المقرر أن يتم تعشيب ملعب شرمولا بعامودا، ولكن لا تعشيب ولا هم من يحزنون إلى يومنا هذا، ودائماً الحجة لم يتم الموافقة على صرف الميزانية الكافية لتعشيب الملاعب في المدن!

وبتاريخ 25/9/2021، تحت إشراف مكتب المنشآت الرياضية في المجلس الرياضي بإقليم الجزيرة وبالتعاون والتنسيق مع نادي ديرك الرياضي بدأت أعمال تعشيب ملعب ديرك بالعشب الطبيعي. وبدأت أعمال المرحلة الأولى بتمديد شبكة المياه للقيام بعملية السقاية. ووقتها كانت الوعود بأنه خلال يومين ستبدأ أعمال التسوية ونقل العشب الطبيعي إلى أرضية الملعب.

وأكد مكتب المنشآت وقتها أن المقومات الأساسية كلها موجودة ومتوفرة ضمن مدينة ديرك لإنجاح العمل بعد دراسة ومعاينة المشروع على أرض الواقع.

وها نحن نقترب من دخول عام 2024، ولم نرَ لا ملعب مُعشّب ولا من هم يحزنون!، وحتى نادي ديرك ممثل المدينة الوحيد فهو الآخر تم حلّه هذا العام، وتغيّب عن المشاركة بالبطولات، أما المصاريف التي دُفعت كلها أين ذهبت؟ لا أحد يعلم!، ومثل العادة لا أحد يُحاسب من يقصر بعمله.

مطالب مُحقّة

في المقابل ترتفع أصوات بوقف النشاطات لسنة كاملة وصرف ميزانية البطولات على الملاعب المعشبة وبناء صالات وتأهيل الموجودة منها، ولكن هذه الأصوات لم يكن لها أيّة آذان صاغية من قبل الجهات المعنية حتى الآن.

وفي قامشلو هناك ملعبين معشبين؛ ملعب الشهيد هيثم كجو في القسم الشرقي من المدينة وملعب شهداء 12 آذار في القسم الغربي من المدينة، علماً أن ملعب شهداء 12 آذار ومنذ صيف عام 2015، وهو يخضع كل فترة لعمليات صيانة وتأهيل، ولم يصل الملعب بعد للمستوى المطلوب من التجهيز إلى الآن، والدليل حالياً يخضع أيضاً لعملية صيانة وتوقفت النشاطات والتدريبات كافة عليه.

وهناك ملعب معشب باسم كلية الآداب في الحسكة تم الاعتماد عليه في موسم 2023، أما باقي المدن الأخرى فهي محرومة من الملاعب المعشّبة، وحتى الترابية منها لا تفي بالغرض وبالكاد نستطيع أن نسميها ملاعب ترابية، فمثلاً كملعب شهداء الحسكة، وملعب تل خنزير وملعب شهداء الدرباسية، فهي ملاعب ترابية، ولكنها غير مؤهلة بالشكل المطلوب، وطوال فترة الشتاء تصبح خارج الخدمة.

من جانبها تطالب الأندية في كل مناسبة واجتماع مع الجهات المعنية بضرورة بناء ملاعب معشّبة في كل المدن، ولكن حتى الآن لم تجد لمطالبها أي تجاوب، وها نحن نقترب من شتاء آخر، ومثل كل عام ستتوقف النشاطات الرياضية لكرة القدم بكل تأكيد، وسننتظر الفرج في فصل الربيع هذا إن لم نشهد أمطاراً في ذلك الفصل أيضاً.

والجدير ذكره بأن أغلب مدن شمال وشرق سوريا تفتقر للملاعب المُعشبة الكبيرة، وحتى الآن لم نشهد غير الوعود بهذا الشأن، والبدء بالعمل لفترة والتوقف وعدم الإكمال؟، على الرغم من أن هيئة الشباب والرياضة في شمال وشرق سوريا ترفع شعارها كل عام بأنه عام المنشآت!، ولكن على أرض الواقع كملاعب كبيرة معشبة لا تحرك جدي بهذا الخصوص، ولكن بات الدور حالياً على الاتحاد الرياضي في شمال وشرق سوريا والذي تشكّل في شهر أيار الماضي بهدف تنظيم الواقع الرياضي بشكلٍ عام للأفضل، ويتطلب من هذا الاتحاد الرياضي الوقوف بجدية على قضية الملاعب والصالات الرياضية، فهل سوف يقوم الاتحاد الرياضي الجديد بمهامه كما يُتطلب أو هو الآخر سوف يبقى مردداً للعبارات الدائمة لا توجد ميزانية كافية للقيام بإنشاء الملاعب والصالات الرياضية؟