إعلاميات وصحفيات: الصحافة الكردية حضور ورؤية مميزة بجهود المرأة الإعلامية

جل آغا / أمل محمد –

أفادت إعلاميات وصحفيات من إقليم شمال وشرق سوريا، أن المرأة بخبرتها وقدراتها أثبت قدرتها على تحمل المسؤولية، في نقل الخبر، وبيان الحقيقة للرأي العام المحلي والعالمي، وتمكنها في المجال الصحفي بمهنية عالية الدقة، والمهارة، رغم التعقيدات والعوائق، التي تعتري عمل المرأة الصحفي.

الصحافة والإعلام، هما صوت المجتمع ومرآته، وهما الأداة الرئيسية، التي تعبر عن ثقافة الشعب، والكشف عن مشاكله، والصحافة الكردية لم تكن وليدة اللحظة، وفي الوقت ذاته كافحت، ومرت بمراحل عديدة حتى وصلت إلى هذه المرحلة الهامة.

يصادف 22 من شهر نيسان الذكرى 126 يوم الصحافة الكردية لإصدار أول جريدة كردية “كردستان”، التي أصدرها الأمير مقداد مدحت بدرخان في العاصمة المصرية القاهرة في 22 نيسان عام 1898، وكان إصدار هذه الجريدة شيئاً ملفتاً وغريباً؛ لأنها أول جريدة كردية كان للمرأة دور هام في إصدارها، فقامت روشن بدرخان بالنشر والكتابة فيها، وهنا مهدت هذه الصحيفة الطريق أمام النساء الكرديات للانخراط في مجال الإعلام، لأن حضورهنَّ كان خجولاً.

عمل المرأة في مجال الإعلام

وبصدد هذا الموضوع؛ التقت صحيفتنا “روناهي” عدداً من الصحفيات في إقليم شمال وشرق سوريا، اللواتي تحدثن عن أهمية ودور المرأة في الإعلام وتجربتهنَّ الشخصية في ذلك، الإعلامية والمذيعة في قناة Aryen Tv  “أفين إبراهيم” بدأت حديثها: “أحمل إجازة في كلية التجارة والاقتصاد، وعملت في مجال التدريس، فشدني الإعلام، وبدأت العمل فيه عام 2018، وقد واجهت صعوبات في البداية، ومنها نظرة المجتمع السلبية للمرأة في المجال الإعلامي إلى جانب بعض الظروف الشخصية، فبدأت مع فضائية روناهي، بالتدريب والعمل لتنمية موهبتي، وما دفعني للاستمرار شغفي لهذه المهنة والرسالة، التي أريد إيصالها، يجب أن يكون لك هدف، حتى يمكنك الاستمرار، وهدفي كان المرأة وتغيير نظرة المجتمع لها، فوضعت على عاتقي أن أبين ما تعانيه المرأة عموما، عملي لم يكن أداء واجب فحسب، بل لهدف كنت أتوق إليه لسنوات، وهو تغيير واقع المرأة”.

لم تمنع المعوقات والظروف أفين من اتمام طريقها في هذا المجال، حيث اقتدت بعدد من الإعلاميات والصحفيات من أمثال ساكينة جانسيز، التي ناضلت من أجل حرية المرأة، والشهيدة غربتلي أرسوز وغيرهنَّ من المناضلات الصحفيات، وإلى اليوم تتعلم من إصرار وإرادة الصحفيات المعاصرات. وتضيف: “كان لفكر القائد عبد الله أوجلان وفلسفته بصمة مهمة لنجاح مهمتي في العمل الصحفي فقد تعلمنا منه حب المغامرة والتفوق، وكانت إرادتي نقطة القوة والتحول، التي تدفعني للاستمرار، فمهدت لنا الصحفيات والشهيدات أمثال سارة وغربتلي، ودينيز فرات الطريق أمامنا، ونحن اليوم نحمل رسالتهنَّ، ونريد تحقيق أهدافهنَّ، وقد تحررت من القيود، التي كانت تقيدني، ومن ثم حاربت لتحرير باقي النساء من الذهنية الذكورية والفكر السلطوي، التي ما فتئنا نعمل من أجل ذلك الهدف، وأن بعدستنا وبأقلامنا وبفكرنا سنحقق ما تصبو إليه المرأة الصحفية في هذا الزمان”.

لا محطة للوصول وليس هناك نهاية لشيء، فعليك الاستمرار ومواصلة النضال للرسالة، التي آمنت بها: “ستة أعوام، وأنا في هذا المجال، ومع ذلك في كل مرة أعمل لزيادة خبرتي، وتنميتها لأنه لا حدود للمعرفة”.

تفوقت المرأة في مجال الإعلام على الرجل وقد بلغت نسبة النساء في المؤسسات الإعلامية 70% حسب اتحاد الإعلام الحر في إقليم شمال وشرق سوريا.

حب وشغف بالمهنة

وفي السياق ذاته، حدثتنا الصحفية في قناة Jin Tv “خديجة ميرزا“: “تمكن الصحفيون والصحفيات الكرد من لعب دور هام في المرحلة الحساسة، التي كانت تمر بها المنطقة، فالتحقت بمجال الإعلام في عام 2013 وبدأت مع راديو أوركيش، وكنت من المؤسسين له، لم أعمل في هذا المجال من باب الصدفة، بل جاء عملي لحبي لهذه المهنة، واجهنا صعوبات عدة، ومنها الهجمات التركية، التي كانت تستهدف الصحفيين على وجه الخصوص، وتعرضنا لعدة محاولات من إغلاق الراديو، ولكن في كل مرة نزداد إرادة وإصراراً، الإعلام هو صوت المجتمع، ونحن نحارب من أجل مجتمعنا وثورتنا، المرأة تفوقت في هذا المجال، وإن الإيمان بالقضية هو من أهم أسباب استمرارنا في المجال الصحفي”.

وتزيد: “بدأت قصة نجاح الصحافة الكردية مع صحيفة كردستان، ومن بعدها قناة ميديا، واليوم وبفضل عزيمة وإصرار الإعلاميين، نمتلك فضائيات كردية مثل روناهي، ووكالات رسمية، وصحف ومجلات، هذا لم يأتِ على طبق من ذهب، فقد جاء نتيجة عمل ونضال وتدريب وإيمان، نحن نعمل في مختلف المناطق؛ لأن الألم ينقل الحقيقة، وهناك الكثيرون ممن يحاربون هذه الحقيقة، هناك المئات من الصحفيين خلف القضبان في السجون التركية وكذلك في باشور كردستان”.

كما وتمنت خديجة ميرزا من أن تصل المرأة الصحفية لمراتب أعلى، ولمراحل متقدمة لتتمكن من الرفع من واقع وشأن المرأة في مختلف المجالات.

فتحت ثورة روج آفا الآفاق للمرأة في الانخراط في مجال الإعلام، وكان للمرأة دور مهم في ذلك، نتيجة شغفها بهذه المهنة من جهة، والرسالة التي ترد إيصالها من جهة أخرى، وقد لعبت المرأة وتألقت في هذا المجال، وأصبح لها قنوات ووكالات وكذلك مجلات خاصة بها، وكان لها الدور الأميز في تقدم المجتمع وتطوره من خلال قنوات العمل الصحفي.

حضور وتألق المرأة في الصحافة

هذا وحدثتنا الإعلامية والصحفية في فضائية روناهي مزكين حسن: “عملت مدة سبعة أعوام في إذاعة خابور، واليوم أعمل في فضائية روناهي، خلال هذه الفترة وفي البدايات كان حضور المرأة الإعلامية شبه قليل، وكان تقبل المجتمع لها من أكبر العوائق، التي واجهتنا، وكذلك قلة التكنيك، والمرأة كان لها دور بارز في مختلف مجالات الحياة بعد ثورة 19 تموز، وكذلك في مجال الإعلام، و كان لها حضور متألق استطاعت بذلك فرض شخصيتها، ولعب دور جوهري في مجال الإعلام، التي استمر إلى يومنا هذا؛ بفضل نضال المرأة وجهودها، فالصحفيات اللواتي سبقننا في هذا المجال، كان لهن الفضل فيما وصل إليه إعلامنا اليوم، ونحن نسير على النهج ذاته، وسنسلم الراية لصحفيات أخريات يشاركننا الشغف نفسه”.

استهداف المرأة الإعلامية

وتتابع: “استُهدفت الصحفيات والإعلاميات في مناطق مختلفة، وكذلك حوربت المرأة الصحفية في إقليم شمال وشرق سوريا من مرتزقة داعش، الإعلام مهنة صعبة وشاقة، ولا يستمر فيها سوى صاحب إرادة وعزيمة ثابتة.

هذا وتمنت مزكين أن يبقى الإعلام يسير على الوتيرة نفسها، ويعمل على نقل الحقيقة، وأن تستمر المرأة الإعلامية بالإصرار والجسارة ذاتها لمتابعة نضالها في هذا المجال.

وقد مرت الصحافة الكردية بمراحل عدة، نتيجة الأوضاع السياسية، التي كانت تعمل على إبادة الثقافة، واللغة الكردية، وكان الكتاب والصحفيون الكرد يكتبون بلغات أخرى غير لغتهم، وجاءت الانطلاقة الأولى للصحافة الكردية من عائلة بدرخان، حيث أصدرت هذه العائلة أول صحيفة باللغة الكردية تحت اسم “كردستان” في عام 1898، وكانت هذه الصحيفة تعتني بأوضاع الكرد وحقوقهم، وتتحدث عن مطالبهم ولغتهم، وكانت تحثهم دوماً على المطالبة بحقوقهم، وحُوربت الصحيفة من العثمانيين، وبدؤوا يلاحقون القائمين عليها، وكان العدد 31 هو العدد الأخير منها في جنيف عام 1902، ولكنها مهدت الطريق أمام الصحافة الكردية للانتعاش وإبصار النور.