ليست ممارسة الفن التشكيلي في قطاع غزة بالأمر الهيّن، فالفنان هناك يقاوم ظروفاً عامة وخاصة في سبيل مواصلة الإنتاج رغم شحّ المواد الفنية في الأسواق وحالة الحصار العامة التي تحبسه داخل مساحة إبداعية ضيّقة لن يتمكن من تحريرها لولا التكنولوجيا التي تجعله مطّلعاً على تجارب ومدارس تشكيلية أخرى.
افتتحت صالة “محترف شبابيك” في غزة معرضاً للفنانة الفلسطينية ميساء يوسف بعنوان “أليس في فلسطين” تضمّن مجموعة لوحات مشغولة بمواد مختلفة تتالت كما تتتالى صفحات من رواية “أليس في بلاد العجائب” للكاتب لويس كارول.
وأرادت الفنانة من هذا المعرض أن يعطي: “أملاً في الحرية والتحرر، وإيصال رسالةَ الشعب الفلسطيني المظلوم إلى كل العالم”.
واستخدام الفنانة الفلسطينية ميساء يوسف مواد مختلفة في بناء لوحاتها ليس اختيارياً، كما تفعل الأكثرية الساحقة من الفنانين حول العالم، بل قسرياً وذلك لشّح المواد الفنية وغلاء أسعارها في غزة. ولعل صعوبة الحصول على تلك المواد مكّن الفنانة من أن تبني نصاً فنياً خاصاً. فقد تلاءمت تقنية الكولاج التي استخدمتها بشدة مع فكرة معرضها الذي هو في الأساس كما في رواية لويس كارول عبارة عن بصريات مُستحضرة من مكامن الخيال والحقيقة، ومن عوالم الأحلام والكوابيس.
مستقاة من فلسطين
وجاء محيط الفنانة الغزاوي مُضاعفاً لجمالية نصها الفني إذ شحنه فعل “الترميم”، ترميم القلب الفلسطيني بأبهى الألوان المُستقاة من الطبيعة الفلسطينية لاسيما شاطئ غزة الذي اختلط أزرقه بالفرح البسيط وبأفكار مُضمّدة تربت على كتف مُشاهدها قائلة “كل شيء سيكون على ما يرام”.
وحول مضمون لوحاتها التي حوّرت فيها معاني القصة الأصلية دون أن تخرج عن منطقها العام بيَّنت الفنانة: “أنا لاجئة فلسطينية، وهنا تبدأ القضية، أركّز على قضية اللجوء وحقّي في العيش بكرامة في وطن يحتويني، حقّي في العودة، حقّي في الحياة، حرة طليقة بعيدة عن الأسر والقيد، النكبة والعودة، الأرض وما يعني لنا غصن الزيتون، بعيدة عن الحصار براً وبحراً وجواً بكل أشكاله وأنواعه، وفي النهاية أركز على نفسي وعلى أنوثتي وكينونتي وحقي في الحياة والحرية والكرامة والتعلم والعمل والميراث والسفر وممارسة هوايتي، حيث كان معرضي الأخير بعنوان “خارج الدائرة” يركز على رفض أسر المرأة في قوالب اجتماعية جاهزة تمحو شخصيتها”.