كلية العلوم الدينية بجامعة روج آفا.. خطوة فريدة على مستوى العالم

تقرير/ عادل عزيز –

روناهي/ قامشلو- نحو خطوة علمية مميزة أعلنت جامعة روج آفا بقامشلو في وقت سابق عن افتتاح كلية العلوم الدينية بأقسامها الجديدة، حيث تعتبر خطوة أولى من نوعها على مستوى العالم بضم ثلاث ديانات مختلفة بكلية واحدة

خصصت كلية العلوم الدينية بجامعة روج آفا لتدريس الطلبة علوم العقائد والتفسير والحديث والفكر والأديان مع العناية بالعلوم والشريعة، والعمل على نشر ثقافة تقبل الآخر في ظلال الأجواء العالمية المشحونة التي تمنع الإصغاء إلى الأفكار الثرية المتنوعة التي يفترض أن يتفهمها الآخرون من بعضهم، دون ضرورة تبنيها، وتقديم خطاب ديني متوازن إلى الرأي العام، يفهم منه أن العقيدة تأخذ عن يقين واقتناع لا عن تقليد واتباع وفرض، مع مراعاة منهج احترام الآخر وتقبله في عرض أفكاره، ومناقشتها سعياً للوصول إلى المعرفة الحقيقة، وتأهيل كوادر متخصصة في تدريس المواد المتعلقة بعلوم الشريعة، والسعي إلى التواصل مع المجتمعات العلمية والثقافية الأخرى عن طريق عقد المؤتمرات والندوات العلمية.

فكرة كلية العلوم الدينية جاءت بعد بداية النشاط الديني في شمال وشرق سوريا، وتأسيس المؤسسات الدينية مثل “مؤسسة ملتقى الأديان في شمال وشرق سوريا”، حيث افتتح قبل خمس سنوات في ناحية ديرك أول معهد شرعي واستمر لمدة ثلاث سنوات، قبل أن تتطور ولتتحول إلى أكاديمية الإسلام الديمقراطي في مدينة قامشلو التي افتتحت منذ ثلاث سنوات، ولكن كانت تدرس الشريعة الإسلامية فقط.

وبهذا الخصوص كان لنا لقاء مع الرئيس المشترك لكلية العلوم الدينية التابعة لجامعة روج آفا “مازن محمد” حيث أشار بأنه بعد المطالبات والحوارات والمشاورات مع جامعة روج آفا منذ حوالي سنة، جاء ردهم إيجابياً حول فكرة كلية العلوم الدينية، ليتم الإقرار بعد ذلك بتحويل أكاديمية الإسلام الديمقراطي إلى كلية العلوم الدينية، وتدرس فيها ثلاث ديانات مختلفة.

ما مدة الدراسة فيها؟

وأوضح محمد بأنهم بدؤوا بترتيب آلية التدريس في الكلية، وذلك بتحديد المكان المختص، ومناقشة المناهج، متابعاً: “وسيكون قسما الديانتين المسيحية والإيزيدية موجودان في مدينة قامشلو، بينما يقع قسم الديانة الإسلامية في الحسكة”.

واعتبر الرئيس المشترك لكلية العلوم الدينية التابعة لجامعة روج آفا “مازن محمد” هذه الخطوة بأنها الرائدة على مستوى العالم بدرجة الامتياز، مؤكداً بأن الدراسة فيها لمدة أربع سنوات، كما يمكن لجميع حاملي الشهادة الثانوية العامة وحاملي معاهد الشريعة التقدم بطلب الانتساب.

الهدف.. معرفة حقيقة الأديان

وفي السياق ذاته التقينا مع الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الإسلامي الديمقراطي “دلال خليل” حيث أكدت بأنهم كمؤتمر إسلامي ديمقراطي طرحوا فكرة فتح جامعة تضم جميع الديانات الموجودة بالمنطقة مثل الديانة الإسلامية والمسيحية والإيزيدية، كون روج آفا غنية بتعدد الديانات والثقافات، موضحةً بأن دراسة علوم الأديان لها أهمية كبيرة، منها معرفة العقائد الأخرى والتعرف على مدى التشابه والتباين فيما بينها.

الحث على السلام والأمان

ونوهت دلال بأن الهدف من هذه الخطوة هو أن يعيش الإنسان في تسامح، وخاصةً أن رسالة الأديان كلها مشتركة في قيم واحدة وهي خدمة الإنسانية جمعاء، فمن خلالها يمكن فهم الثقافات المعاصرة والمختلفة، مبينةً بأن تعدد الأديان هو واقع حي فلا يوجد بلد من بلدان العالم إلا ويعيش على أرضه طوائف ينتمون إلى ديانات مختلفة، و”روج آفا” مثال حي يضم المسلم والمسيحي والإيزيدي، على حد تعبيرها.

متمنيةً وجود بعض الديانات الأخرى للتعرف على أهم مبادئها، وقالت: “فالكل يعلم أن لكل دين مذاهبه، وفروقاته، مثال هناك المسيحي الكاثوليكي والمسيحي الأرثوذكسي وهناك من المسلمين السني والشيعي، وفتح هذه كلية بهذا الشكل هو قَبول لفكرة التعايش سواءً على اختلاف الدين والمذهب للحث على السلام والأمان من خلال فهم الأديان بالشكل الصحيح، فهذا يساعد على تطوير الفكر بشكل عام وقَبول الآخر، فعندما يجلس المسلم والمسيحي والإيزيدي على طاولة واحدة لتلقي العلوم والثقافة، هذا يدل على العيش المشترك وهو الهدف الأساسي”.

وختمت الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الإسلامي الديمقراطي “دلال خليل” بأنه عندما يتخرج الطالب من الكلية سيصل لمستوى عالٍ من الإدراك والمعرفة لأن الكلية الشاملة للديانات.

فيما أبدى رئيس قسم الديانة الإيزيدية لكلية العلوم الدينية “نسيم شمو” عن سعادتهم كشعب إيزيدي بفتح قسم لهذه الديانة للمرة الأولى على مستوى العالم في كلية تابعة لجامعة روج آفا، والتي كانت من نتائج فلسفة الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية، وأردف: “سابقاً كانت تدرس الديانة الإيزيدية في عامودا وتربه سبيه والحسكة وغيرها من المناطق في “البيت الإيزيدي” أما الآن أصبحت هذه الكلية رسمية لها”.

تجاوز الصورة النمطية

لفت شمو قائلاً: “الهدف من افتتاح هذا القسم هو أن نوضح للعالم حقيقتنا، وما هو ديننا وما هي أعيادنا ونصوصنا، وأن نتجاوز الصورة النمطية التي أخذها الكثيرون عنا، وتعتبر هذه الخطوة فرصة ذهبية لنهتم ونخدم ديننا بعيداً عن الأحزاب والسياسة، ونحتاج في القسم إلى باحثين وشيوخ وكبارنا، وكل مهتم بالديانة الإيزيدية شرط أن يكون نقياً لنصد التشويش الذي يلاحقنا من الأزل والذي تسبب بالعشرات من الإبادات الجماعية لشعبنا”.

وختم رئيس قسم الديانة الإيزيدية لكلية العلوم الدينية “نسيم شمو” حديثه بأنه سيدرس في السنة الأولى والثانية الأديان الثلاثة (الإيزيدياتي، الإسلام، المسيحية) أي بشكل مشترك وفي السنة الثالثة سيكون التخصص، وستكون هيئة المدرسين مؤلفة من أساتذة أكاديميين من روج آفا بالتنسيق مع مختصين من المناطق والبلدان الأخرى.

“نشر رسالة السلام”

فيما اعتبر رئيس القسم المسيحي لكلية العلوم الدينية بجامعة روج آفا بقامشلو “حنا صومي” هذه الخطوة بارزة لتأهيل الطلبة المسيحين بالعلم والمعرفة اللاهوتية والكتابية، وأضاف: “لإدخالهم في المستقبل لإنهاض المجتمع وبث روح القيامة والانتعاش والتقدم فيها، وتغيير العالم برسالة السيد المسيح النهضوية، فمن يخرج من هذه الكلية سيصبح مرتبطاً بالخدمة المسيحية والمشاركة بالإنجيل الذي هو بشرى والمقام الأول في خدمة الكنيسة”.

ونوه صومي إلى أن الطلبة المتخرجين سيكونون أهم عامل فعال في تغيير الأوضاع المؤلمة التي تتهاوى فيه الشعوب، ونقلهم من الظلم إلى النور، وذكر: “إن تعليم المسيحية الحقيقية في الكلية هو التربية في الإيمان، ومنهجية التعليم المسيحي هي طريقة تبليغ الطالب رسالة الدين ونشر رسالة السلام ليعطي روحاً متجدداً لبناء مجتمع موحد”.

وختم رئيس القسم المسيحي لكلية العلوم الدينية في جامعة روج آفا بقامشلو “حنا صومي” متمنياً بناء مجتمع متنور أساسه السلام والمحبة والنهوض بالواقع المظلم والانتصار على مشروع الدكتاتور أردوغان.

‏‎ويجدر الإشارة إلى أن القائد “عبدالله أوجلان” شدد في رسالته التي أرسلت إلى المؤتمر الإسلامي الديمقراطي بتاريخ 24/4/2014 أثناء عقد مؤتمرهم على ضرورة تصعيد النضال انطلاقاً من المصطلحات المتمحورة حول “المكان” و”الشعب” و”الديمقراطية” ووجوب الالتزام بالحقائق الموجودة في جوهر الدين بعينه.