أعراف عشائرية… ضحيتها المرأة

قامشلو/ دعاء يوسف –

عادات وتقاليد عشائرية بالية صنعها الفكر الذكوري لتصبح مقبرة للنساء في أحكامها. ليس الدين إنما العادات والتقاليد من تلعب الدور الأكبر في الضغط الاجتماعي على المرأة، سيطرة فكرة العادات والتقاليد على فكر الإنسان منذ الأزل هل كانت مُنصِفة للمرأة؟ هل احترمتها أم جعلتها عرضة للتمييز أو المعاملة الدونية وسط سيطرة الفكر الذكوري، من المعروف أن العادات هي الأبطأ في التغيير والتبديل ومن هنا يمكننا فهم عدم توقف تلك العادات المتعلقة بالمرأة.

جرائم الشرف

تلك التقاليد البالية ما زالت تنتشر في الوطن العربي، ما تسمى بجريمة الشرف يقع ذنبها على كِلا الطرفين إلا أن المجتمع  يضع الذنب كله على المرأة فقط والرجل يخرج من دائرة المحاسبة، فجريمة الشرف مثلها مثل أي جريمة أخرى، أنها جريمة قتل يقوم بها أحد الأعضاء الذكور في أسرة أو قريبه بحق أنثى من العائلة ويزعمون أن جريمتهم حصلت للحفاظ على شرف الأسرة أو ما يوصف في أوساط قبلية “غسل العار”، وقد لقبه الكثير بُعرف سائد على دم النساء فأصبح قتل المرأة في سوريا أسهل من قتل حمامة، ومن هذه الجرائم طفلة الحسكة “عيدة البدر” فتاة قاصر في مرحلة الطفولة رفضت الزواج من ابن عمها فقُتلت رمياً بالرصاص، وغيرها كثيرات قُتِلن تحت اسم الشرف، ولكن الجريمة تبقى جريمة مهما حرفتها العادات والتقاليد.

اسم المرأة عورة

وأغرب هذه العادات والتقاليد ما يفعله الرجل بإخفاء اسم نساء بيته ظناً منه أنها عورة، وقد لا نستغرب أن وصلك يوماً بطاقة دعوة لزفاف أحدهم كتب عليها اسم الزوج بخط عريض بينما أخفى اسم العروس ووضع مكانه “وكريمته”، ويسود في المناطق الريفية منادات النساء بأم فلان أو زوجة فلان أو شقيقة فلان، ونادراً ما تُنادى باسمها ويسيطر الخوف على أحدهم من معرفة اسم أمه أو أن يقول له ابن فلانة.

والشيء المضحك في الأمر أنه عندما تولد فتاة جديدة في العائلة تتهافت الأسرة على تسميتها وانتقاء اسم جميل ومميز لها، وعندما تصبح في سن الزواج يصبح اسمها عورة.

سبي بطريقة حديثة 

زواج الفصيلة هذا العُرف ينص على تزويج إحدى بنات العشيرة المعتدية إلى الشخص المعتدى عليه أو أحد أقاربه بعنوان “الثأر” في أغلب الأحيان، فتعيش المرأة في هذا الزواج أشبه بالخادمة تحت ضغط نفسي صعب جداً.

ليس تقليد الفصيلة يجعل من حياة النساء جحيماً فقط، بل يحولها إلى سلعة تبت بها النزاعات وعمليات الثأر، وأكثر ما أثار الضجة ونوه عن هذا العُرف هو أن إحدى عشائر محافظة البصرة قامت بفصل (وهب) خمسين امرأة في عام 2015 لعشيرة أخرى لحقن الدماء، فلا مشكلة بنزيف النساء الصامت.

زواج الأرملة من شقيق زوجها

من مخلّفات الحروب ترمل الكثير من النساء وتهجيرهن مع أطفالهن وحدهن بلا معيل، انتشر زواج الأرامل بكثرة فبانتهاء عدتها تُزوج لشقيق زوجها، بذريعة بقائها مع أطفالها وعنايتهم بها تحت جناح العم، خوفاً من تربية أطفال ابنهم في ظل رجل غريب، فتوافق الكثير من النساء مرغمات على هذا الزواج لعدم أخذ أطفالهن بعيداً عنهن.

وتنتهي الكثير من هذه الزيجات بتزوج الزوج من امرأة أخرى، وتدمير حياة الزوجة الأرملة.

“البنت لابن عمها رغم أنفها” 

زواج “الحيار” الذي يتم بموجبه “حجز” الفتاة لابن عمها منذ طفولتها أو عندما تبلغ سن الزواج ليتم تزويجها منه قسراً، بمقولة: “البنت لابن عمها شاءت أو رغم أنفها” ما زال منتشراً في سوريا تحت مبررات عدة منها رغبة العشائر بالحفاظ على روابط الدم ويزيد من حدة المشكلة اعتقاد بعض العشائر أن أصولهم أعرق من أصول غيرهم ويجب المحافظة عليها وعلى نقاء دمها.

فمن وقفت ضد هذه الزواج ورفضت أصبح مصيرها الموت، فهي تصبح عديمة الشرف ويوجب قتلها وبعض العائلات تتعاطف مع بناتها ولكنها لا تزوج حتى يفك ابن عمها حيارها، في انتظار تغيير رأيها وقبول ابن عمها فبمعتقداتهم “ابن العم أولى من الغريب”.

زواج القاصرات

زواج الأطفال “طفلة لم تبلغ عامها الثامن عشر تحمل بين يديها طفلها”، فتاة صغيرة لا تعرف من الحياة سوى عنوانها

تستيقظ لتجد نفسها مسؤولة عن بيت وعائلة، انتشرت هذه الظاهرة بكثرة في سوريا بذريعة الأزمة والحروب، كقول أحدهم: “في بيت زوجها آمن لها”، أو بسبب الظروف المعيشية الصعبة يُقدم الأب على قتل ابنته ببيعها لرجل يكبرها بسنوات مرفقاً بكلمة: “تتربى على أيدو أو يربيها بكيفو”

زواج القاصرات اغتصاب الطفولة ورحلة دموية من الألم والمعاناة التي كانت جريمتها: “إنني خلقت امرأة في مجتمع ذكوري بالي”.

يوجد الكثير من الأعراف والعادات التي جعلت من المرأة شيئاً مملوكاً لا مشاعر له، لكن في وقتنا الحالي ومع ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا أصبحت تتحرر من قيودها العشائرية مطالبة بحقوقها، ويبقى السؤال لماذا يحرم العالم نفسه من ثمار مشاركة المرأة الكاملة فيه؟