سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

أرنولد توينبي وجيشُ المزارعين الروس

في مقاربةٍ عميقةٍ على مستوى نموذجِ التفكيرِ وأسلوبِ بناءِ المجتمعاتِ والكياناتِ السياسيّة، يرسمُ أرنولد توينبي خطوطاً فاصلةً بين جملةِ المصطلحاتِ المتداولة ليميّزَ بين المجتمعاتِ الهمجيّةِ غير المنتجةِ مقابلَ الحضاريّةِ، كما ميّز بين حضارةِ كياناً سياسيّاً واقتصاديّاً والمجتمعاتِ الحضاريّةِ، وصنّف طبيعةَ النزاعَ، فأشار للتباينِ بين هجومِ البدويّ مقابل الفلاح، وأسقط ذلك على نشأةِ المجتمعِ الأرثوذكسيّ الروسيّ والتوسّعِ على حسابِ بداوة المغولِ وردِّ الفعلِ المبكّر تجاه تأثيرِ شعوبِ الأطلسي.
حضاراتٌ مهددةٌ بالاضمحلال إحداها الروسيّة الأرثوذكسيّة
يخالفُ المؤرّخ البريطانيّ أرنولد توينبي (1889 – 1975) عدداً من الفرضيات الشائعة خطّها مؤرخون سبقوه في التدوينِ الشاملِ لتاريخِ الحضاراتِ، من بينها مخالفته لفرضية الدورَ التجديديّ الذي قامت به الشعوب الهمجيّة في الحضارة الغربيّة. والهمجيّة والبرابرة توصيف يتكررُ كثيراً لدى توينبي ومؤرّخي الحضاراتِ تجاه المجتمعاتِ غير المنظّمةِ وغير المنتجةِ لنمطِ أرقى في الإدارةِ والحكم. يقصر توينبي دورَ الشعوبِ المهاجرة، من القبائل البدائيّةِ السلافيّةِ والجرمانيّةِ والفايكنغ، بأنّها حضرت موتَ المجتمعِ الهلينيّ، وما كانوا – على حد تعبيره – إلا نسوراً تتغذى على الجيفةِ، وعصر بطولتهم إلا خاتمة للتاريخ الهلينيّ (اليونانيّ – الرومانيّ) لا فاتحةَ التاريخِ الغربيّ (مختصر دراسة للتاريخ – الفصل الثاني – ترجمة فؤاد شبل، المركز القومي للترجمة- ص 25).
إنّ منهج توينبي في تصنيفِ الحضاراتِ متداخلٌ ومربكٌ بالترتيبِ والتصنيف، وتعرضت أطروحاته للكثيرِ من الإجحافِ أيضاً على أيدي الباحثين عن سوءِ النية، وبما أنَّ هذه السطور تبغي تقييم توينبي للمجتمعِ الروسيّ في التاريخِ والحضارةِ، فإنّه صنّف المجتمعَ الأرثوذكسي الروسيّ ضمن المجتمعاتِ الحضاريّة السبعة المتبقية حالياً، حيث تعيشُ ستة منها مرحلةَ الاضمحلالِ، من بينها الأرثوذكسيّةِ الروسيّةِ، بينما أبقى البابَ مفتوحاً أمام الإجابةِ عن مصير الحضارةِ الغربيّةِ وإن أوضح الكثيرَ من مكامنِ الخللِ فيها، وشكّكَ بإمكانيّةِ أن تبقى صامدةً.

 

 

 

 

 

 

 

الحضارة كياناً سياسياً ومجتمعاً
ميّز توينبي بين الحضاراتِ ككياناتٍ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ، وبين المجتمعاتِ الحضاريّة؛ فعلى سبيل المثال، لا يوجدُ شيءٌ بالتحديدِ اسمه المجتمعُ الحضاريّ العربيّ، وإن كان يتسامحُ مع توصيفِ “الحضارةِ العربيّةِ الإسلاميّةِ” ضمن تفكيكه للظاهرة الأوسعِ وهي المجتمعِ الحضاريّ الإسلاميّ، وهذا المجتمعُ يتكونُ من توأمين حضاريين هما المجتمع الحضاريّ الإيرانيّ والمجتمع الحضاريّ العربيّ، وكلا التوأمين ينحدران من المجتمع السوريّ، النواة الأصليّةُ للفرعين الكبيرين: الإمبراطوريّةُ الأخمينيّة والدولة العباسيّة، وهذه نظرية غريبة في الطرحِ لكيفيّةِ ربطه الحضاراتِ الناشئةِ في بلاد الرافدين وإيران بمثابةٍ أبناء للأبِ السوريّ، ولم تلقَ رواجاً، غير أنَّ أطروحته ككلّ ملفتة من ناحيةِ أنّه لا يميلُ إلى نظريةِ وحدةِ الحضارةِ البشريّةِ بالمفهومِ السياسيّ الذي يتم الترويج له. في السياقِ نفسه يذهب توينبي لتشريحِ المجتمعِ الروسيّ، فهو جزءٌ من المجتمعِ المسيحيّ الأرثوذكسيّ، والأرض البديلة لتمثيلِ هذا المجتمع بعد تعرضِ الأرثوذكسيّةِ الأصليّةِ في الأناضولِ للهجمةِ الإسلاميّةِ والضغط الغربيّ.
تحدّي البيئةِ وإبداع القوزاق
يتطرق توينبي للحضارةِ الأرثوذكسيّةِ الروسيّةِ في الفصل السابع (تحدّي البيئةِ) من كتابه المعرّبِ إلى “مختصر دراسة للتاريخ”، فقد كان الحوض الأعلى لنهرِ الدنيبر (الذي يقسم أوكرانيا إلى نصفين)، هو المنطقةُ الروسيّةُ التي استقرت فيها لأولِ مرّةٍ الحضارةُ المسيحيّةُ الأرثوذكسيّةُ خارجَ الأناضول وبينزطة، ثم نقلها من هناك إلى حوضِ الفولغا الأعلى خلالِ القرن الثاني عشر، سكان الحدود الذين كانوا يوسّعون حدودهم في هذا الاتجاهِ على حساب وثنيي الغابات الشماليّةِ الغربيّة من الفنلنديين البدائيين. ولكن، ما لبث أن تراجعَ مركزُ الحيويّة إلى الدنيبر الأدنى، ليجابهَ ضغطاً ساحقاً من جانبِ بدو السهبِ الأوراسيّ، وكان هذا الضغط، والذي فرض على الروسِ فجأةً، نتيجةً لحملةِ باتو خان المغوليّ عام 1237م، متواصلاً بشدّةٍ، ومن الطريفِ أنَّ تحدّياً شديدَ الوطأةِ إلى درجةٍ خارقةٍ، قد استثار استجابةً إبداعيّةً فريدةً (أي مجموعة القوزاق المحاربة).
لم تقل هذه الاستجابة شأناً عن تطورِ أسلوبٍ جديدٍ للحياةِ وتنظيمٍ اجتماعيّ جديدٍ أتاح لمجتمعٍ مستقرٍ، للمرة الأولى في التاريخ، لا مجردَ الاحتفاظ بكيانه تجاه البدو الأوراسيين، ولا مجردَ ردعهم بحملاتٍ تأديبيّةٍ مؤقتةٍ فحسب، بل أتاح لهم (أي القوزاق) غزو أرض العدو غزواً نهائيّاً وتغيير أرضِ البدو الطبيعيّ عبر تحويلِ مراعي الماشية إلى حقولِ فلاحين، والاستعاضة عن مخيماتهم المتنقلة بقرى مستقرة.
يضيف توينبي: كان القوزاق الذين أنجزوا هذا العملَ البارعَ، سكان الحدودِ المسيحيّةِ الأرثوذكسيّةِ الروسيّة الذين صُهِروا في بوتقةِ الحدودِ ضد البدو الأوراسيين في غضون القرنين التاليين وتشكّلوا على سنداتها، ويدينون إلى أعدائهم باسمهم (القوزاق) الذي جعلوه أسطوريّاً، ولقد كانت جماعاتُ القوزاق التي انتشرت بعيداً والتي كانت -وقت إبادتها خلال ثورة 1917- تصطفُ عبر آسيا مباشرة من نهر الدون حتى نهر أوسوري، تنحدر جميعها من جماعة أمّ هي قوزاق الدنيبر. (الجزء الأول- ص 192).
وفي نفس الوقت الذي تميّز باستجابةِ القوزاق الظافرةِ لضغطِ البدو من الجنوبِ الشرقي، تلقّى حدّ آخر الضغطَ الخارجيّ الأساسيّ، فأصبح بذلك البؤرةَ الأساسيّةَ للحيويّةَ الروسيّة، إذ تعرضت روسيا في القرن السابع عشر، لأولِ مرّةٍ في تاريخها الحديثِ، إلى ضغطٍ هائلٍ مصدرُه العالمُ الغربيّ، تمثّل في احتلال جيشٍ بولونيّ موسكو فترة عامين (1610-1612). وأمكن السويد بعد ذلك بقليل إبعادُ روسيا عن البلطيق بفضل استيلائها على جميع ساحل هذا البحر الشرقي. ولكن لم يكد ينصرم القرن السابع عشر، حتى استجاب بطرس الأكبر لهذا الضغط الغربيّ بإنشائه مدينة بطرسبرغ عام 1703 على أرض استردها من السويد، ونشر على بحر البلطيق، على طريقة القوى البحريّة الغربيّة، عَلَم البحرية الروسيّة. (ص 193-194).

 

 

 

 

 

 

 

بداوة العثمانيّ مقابل حضارة المجتمعات الفلاحيّة
في الفصل التاسع، يعود توينبي إلى التطرق عَرَضاً، وعلى سبيل المقارنة، للطبيعة الاجتماعيّة الروسيّة في الحروب، ففي هذا الفصل يعرف توينبي “الحضارات المتعطّلة”، وفي تصنيفه يحدد بداية ثلاث حضارات من هذا النوع: البولينزيون (سكان جزر المحيط الهادي) والإسكيمو والبدو. هذه الحضارات الثلاث ما زالت قائمة اليوم على شكل مجتمعات متناثرة، ولم تعد تقوم بدور في حركة التقدم البشريّ، وهي نشأت استجابةً لتحدٍّ ماديّ. ثم يضيف حضارتين نشأتا نتيجة تحدٍّ بشريّ، هي العثمانيّة والإسبارطيّة.
وعلى غرابة حشره الدولةَ العثمانيّةَ ضمن الدول الحضاريّةِ المتحجّرةِ، فإنّه سرد خصائصَ عامّةً سلوكيّة لها، فبسبب أصلها البدويّ، فالإبداعُ العثمانيّ تجلّى في تجسيدها عسكريّاً لثلاثيّة البدوي الاقتصاديّة والعسكريّة، وهي نمط الراعي والقطيع وكلب الحراسة، حيث يعتبرها توينبي ثلاثيّة البدوي الثابتة، وقد أخذ الجيش الإنكشاريّ دور كلب حراسة القطيع (الرعية). في سياق المقارنةِ مع النمط البدويّ، يستحضرُ توينبي النموذجَ المضادَّ في المقارنة، وهي حضارة المجتمعات الفلاحيّة، فيقول: “تتباين طرائق العدوانِ عند كلِّ فريقٍ منهما تبايناً شديداً. فإنَّ هجومَ البدويّ مفاجئٌ مثلَ حملةِ الفرسان.
أما هجومُ الفلاحِ فإنّه كتقدّم المشاة، وهو في كلِّ خطوةٍ يثبتُ إقدامه باستخدامِ الفأسِ أو المحراثِ، ويؤمّنُ مواصلاته ببناءِ الطرقِ أو السككِ الحديديّةِ، ولعل أبرز أمثلة على هجومِ البدويّ اقتحاماتُ الأتراك والمغول التي وقعت في غضون ما يحتملُ أن يكونَ فترةَ الجفافِ قبل الأخيرة، ويعتبر توسّعَ روسيا بالتالي شرقاً أعظم مثل على اعتداءات المزارعين (..) ولعلَّ ضغطَ المُزارع الذي لا هوادةَ فيه أشدّ إيلاماً على طولِ المدى -إن حدث أو وقع أحدٌ ضحيةً له- من مجازرِ البدوِ الوحشيّة، ومصداقاً لذلك فإنَّ غزواتِ المغولِ قد انتهت في غضونِ جيلين أو ثلاثة. بينما الاستعمار الروسيّ – الذي كان بمثابةِ أخذِ الثأرِ من المغول – قد استمر أكثر من 400 سنة (..) وفي نظر البدويّ تشبهُ الدول المُزارِعة – كروسيا – الآلاتِ الطاحنةَ التي تشكلُ بها الصناعة الصلبَ الساخنَ وفق ما تشتهيه؛ فالبدوي في قبضتها إما أن يُسْحَق من الوجودِ أو يوضعَ في قالبِ الاستقرار”.
تأثير مبكر لشعوبِ الأطلسي والاستقلال الروسيّ الروحيّ
في الفصل الـ31 يعود توينبي لمسألة روسيا في التاريخ المعاصر من خلال تقييم علاقتها مع الغربِ الحديثِ:
أثناء العقدِ الثامن من القرن الخامس عشر، تمّ تشييدُ الدولةِ العالميّةِ الروسيّةِ للمسيحيّةِ الأرثوذكسيّةِ، وذلك بإدماجِ جمهوريةِ نوفغورود بدوقيةِ موسكو العظمى، واستمرَّ الصراعُ المريرُ ناشباً بين موسكو والغربِ حول ولاءِ سكانِ أوكرانيا وروسيا البيضاء الذين انفصلوا عن إخوانهم الروس الأرثوذكس الشرقيين، حتى نهايةِ الحربِ العالميّةِ الثانية، عندما سيقت بقاياهم الأخيرةُ عنوةً واقتداراً إلى داخلِ نطاقِ الحظيرةِ الروسيّةِ مرّةً أخرى. ومع ذلك؛ فإنَّ هذه الأرضَ الروسيّةَ الأصلَ الواقعةَ على الحدودِ – وقد كانت نصف غربيّة حتى عهد قريب – لم تكنِ الميدانَ الرئيسَ الذي اتخذ التلاقي بين روسيا والغربِ الحديثِ سبيله فيه؛ إذ بلغ الانعكاسُ البولنديّ للثقافةِ الغربيّةِ حدّاً من الإعتام حال بين الثقافةِ الغربيّةِ وبين أن تتمكنَ من طبعِ النفوسِ الروسيّةِ بطابعه العميقِ. وبالتالي، كانتِ الشعوبُ البحريّةُ الغربيّةُ القاطنةُ على الشاطئ الأطلسيّ، هي محورُ التلاقي الرئيسيّ (بين روسيا والغرب)، وهي شعوبٌ انتحلت لنفسها من الإيطاليين، زعامةَ العالمِ الغربيّ، وأقبلت تلك الجماعةُ المتفوقةُ لتضمَّ بين طياتها جيران روسيا الأقربين، على طول ساحلِ البلطيق الشرقيّ. ورغماً عن التأثير الذي أضفته الطبقة الأرستقراطيّة الألمانيّة والطبقة البورجوازية في البلطيق، على الحياة الروسيّة، إلا أنَّ تأثيرَ شعوبِ الأطلسي، الذي تشرّب عبر موانئ الدخولِ (إلى روسيا)، كان أعظم كثيراً من تأثير هاتين الطبقتين.
وفي هذه العلاقةِ؛ كان التفاعلُ بين الطاقةِ التكنولوجيّةِ الغربيّةِ وتصميمِ النفوسِ الروسيّة على الاحتفاظِ باستقلالها الروحيّ هو الذي صاغ حبكة الرواية، فلقد وجد الاقتناعَ الروسيّ بفكرةِ “تفرّد مصير روسيا”، وتعبيراً في الإيمان بأنَّ التراثَ الذي خلّفته القسطنطينية – وهي روما الثانية – قد ألقته المقادير على عاتق روسيا، وهكذا انتحلت موسكو لنفسها دوراً فريداً هو أنّها وحدها مستودع الكنيسة الأرثوذكسيّة وقلعتها الفريدة، وتوجّت ذلك بتشييد بطريركية موسكو عام 1589، في نفس الوقت الذي كانت انتصارات التكنولوجيا الغربيّة الحديثة تهدد منطقةَ النفوذ الروسيّ وذلك بعد أن انتقص منها الزحف الغربيّ كثيراً إبّان القرون الوسطى.
مظاهر روسيّة متباينة للتحدي الغربي
واتخذت استجابة روسيا ثلاثة مظاهر متباينة حددها توينبي على الشكل التالي:
الأول: رد فعل جماعيّ على نسق طائفة المندفعين، وجد هذا المنحى مريديه في فرقة دعيت باسم “قُدامى المؤمنين”، ويستمسكون بأن مجتمعهم يحمل بين طياته آمال البشرية.
الثاني، رد فعل يشابه تماماً النزعة الهيرودية؛ وتمثل في عبقرية بطرس الأكبر، وقد اتجهت سياسة بطرس في تحويل الإمبراطورية الروسيّة من دولة عالمية مسيحية أرثوذكسية، إلى دولة من الدول القومية الإقليمية المنتمية إلى العالم الغربي الحديث. واعتبر الروس الرضوخ لسياسة بطرس تسليماً بأنهم فعلاً كباقي الشعوب، ويعني هذا ضمناً، تجريد موسكو من ادعائها بأن القدر قد جعل منها وحدها قلعة الأرثوذكسية، أو هي وحدها – كما نادى قدامى المؤمنين- المجتمع الذي يحمل في أحشائه آمال البشر. وعلى الرغم من التوفيق البيّن الذي لاقته السياسة البطرسية طوال فترة جاوزت القرنين، إلا أنها لم تنل أبداً تأييد الشعب الروسيّ تأييداً قلبياً خالصاً. فلما حلت الكارثة العسكرية المشينة بروسيا خلال الحرب العالمية الأولى، قدّمت دليلاً أظهر أنه بعد انقضاء أكثر من 200 عام على سياسة الاقتباس من الغرب، لم تكن هذه السياسة فقط مناهضة للروح الروسيّة، بل أثبتت كذلك فشلها في إنقاذ “الأخيار”.
الثالث: رد فعل نشأ في ظل الظروف السالفة الذكر وتمثل في عودة نزعة التصميم على أن يدخر لروسيا دوراً فريداً، وهي النزعة التي مضى عليها وقت طويل محجوبة بفعل الكبت، قد قادت لتؤكد نفسها مرة أخرى عن طريق الثورة الشيوعية. فالثورة الشيوعية إذاً – وفق توينبي- محاولة لتوفيق هذا الإحساس العارم بالمصير الروسيّ، مع الضرورة التي لا غنى عنها لمجاراة التفوق التكنولوجي الغربي، وإن تبنّي الروس هذه الأيديولوجيا الغربية الحديثة (الشيوعية) طريقة متناقضة اصطنعتها روسيا لتؤكد من جديد دعواها بأنها الوريثة الوحيدة لتركة لا نظير لها.
فإن أُريد لرد الفعل الروسيّ تجاه الغرب أن ينجح، فلا مناص لروسيا من الظهور بمظهر حامي حمى عقيدة تستطيع أن تقف على قدم المساواة منابذتها للعالم الحر، وإن روسيا إذ تتسلح بهذه العقيدة، عليها أن تنافس الغرب للفوز بالولاء الروحي لجميع المجتمعات القائمة التي لا تنتمي بتراثها الثقافي الغربي، لا إلى الغرب ولا إلى روسيا، فإذا لم تقنع روسيا بهذا، يصبح عليها أن تُقْدِم على نقل الحرب إلى معسكر العدو، بالتبشير بالعقيدة الروسيّة في عقر دار الغرب.
في مقارنةً موجزة بين الخصائص السياسية والنفسية بين الروس والأمريكيين، في زمن الحرب الباردة، يلفت توينبي إلى مسألة الحد الأقصى لقدرة الروسيّ على الاحتمال، فهزيمة القيصرية أمام اليابان في حرب عام 1904 – 1905 دفعت إلى قيام الثورة الروسيّة عام 1905، ثم هزيمة روسيا في الحرب العالمية الأولى دفعت إلى الوجود ثورة 1917، ويفسر توينبي ذلك بالقول: “ثمة حدود تنهار عندها معنويات روسيا أو أي بلد زراعي آخر”. ويستدرك: “على أنه يرجح القول بأن حكومة الاتحاد السوفييتي تفضل مجابهة أهوال حرب مع الولايات المتحدة على أن تقدم لها تنازلات سياسية تبلغ بالروس مبلغ الخضوع للتفوق الأمريكي”.
المركز الكرديّ للدراسات
kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle