أردوغان يفشل في نسج ثوب آخر للكذب بعد الزلزال

 بيريفان خليل

لم تكتفِ دولة الاحتلال التركي بترك الشعب تحت الأنقاض على مدى أيام دون القيام بواجباتها ومسؤولياتها، بل تعدى ذلك بإزالة الركام والأنقاض غير مكترثة لجثث يمكن أن تكون تحت الأنقاض، وزادت على إهمالها قيامها بسرقة المساعدات المقدمة لها من دول عربية وأوروبية، ونسبتها لدولة أردوغان الفاشلة في مواجهة الأزمات، كفعل لتبيض وجهه إلا أن الدلائل كانت أكثر لتنكشف أكاذيبه، وتزييفاته ويظهر ما يخفيه علناً.

وتكشفت الأقنعة، التي يخفي النظام التركي نفسه وراءها، في ظل الكارثة الإنسانية، التي خلفها الزلزال، الذي ضرب باكور كردستان وتركيا في السادس من شباط، حيث استغلها أردوغان لمصلحته ومصلحة حزبه تاركاً الشعب عرضة لظروف أكثر قساوة.

ما تدعيه تركيا وما تخفيه متناقض تماماً

وكشف بعض الصحفيين بكتاباتهم ادعاءات دولة الاحتلال التركي بدعمها لشعبها، ففي ظل الظروف الصعبة، التي كان يعيشها الشعب في ظل الزلزال وفي كهرمان مرعش، التي نالت نصيبها الأكبر من الزلزال بالذات، فقد ظهرت بعض التأكيدات على أن الهلال الأحمر التركي باع مستلزمات غذائية بعد أن باع الخيام بمخازنه إلى جمعية أحباب الإغاثية، بدلاً من إرسالها لضحايا الزلزال.

وضمن هذا السياق أفاد الصحفي التركي مراد أغيرل، أن تقرير نشاطات الهلال الأحمر لعام 2021 كشف عن بيع مليون قطعة مستعملة من التبرعات المقدمة خلال عام 2019 ونحو 759 ألف قطعة مستعملة خلال عام 2020.

وتعمق الصحفي في كتاباته حول عملية البيع، وما قام به الهلال من أفعال تعادي الإنسانية، والتفرد بالموجود لمصالحها دون النظر إلى المصلحة الشعبية: “الهلال الأحمر يتولى إدارته مدير عام يحصل على راتب بقيمة 98 ألف ليرة، ونواب يحصلون على راتب بقيمة 76 ألف ليرة. لو لم تبحث جمعية أحباب، أو أي هيئة إغاثية أخرى عن خيام، ولم تمنح المال لأجلها لكانت الخيام بحوزة الهلال الأحمر فظلت داخل المخازن لحين بيعها. الأمر لا يقتصر على الهلال الأحمر، لم أكن أمزح عندما قلت إنكم ستُحاسبون”.

وليزداد الجرح الشعبي أكثر، في عدم النظر إلى قضيته، ودعمهم بالمساعدات المقدمة لهم من قبل دول أخرى، اتجه الهلال الأحمر التركي إلى موقع آخر تضرر من الزلزال خارج تركيا، محاولاً الإظهار بطابع الإنسانية، حيث أرسل الهلال 200 ألف خيمة إلى إدلب شمال سوريا، التي تضررت هي الأخرى من زلزال كهرمان مرعش،

وأقام الهلال الأحمر منذ عامين مستودعًا لوجستيًّا في ولاية هاتاي التركية المتضررة من الزلزال، لإرسال الخيام والمساعدات إلى إدلب، التي تعرف أيضا بأنها قاعدة للمرتزقة في سوريا.

في هاتاي، التي عانت أكثر من غيرها من الزلزال، لم يتمكن المستودع اللوجستي للهلال الأحمر، الذي أُعلن عن امتلائه بنسبة 95 في المائة قبل عامين، من تسليم الخيام، أو البطانيات، أو المساعدات الغذائية لضحايا الزلزال خلال الأيام الثلاثة الأولى.

وسبق أن شيد الهلال الأحمر التركي خيماً ومنازل لمرتزقتها في سوريا، 200 ألف خيمة، وسبعة آلاف و 50 منزل من قوالب فحم حجري، ومدارس بها 222 فصلاً دراسيًّا ومركزًا صحيًّا في شمال سوريا.

ومن خلال تصريح المنسق الميداني للهلال الأحمر التركي فاتح كوكان تبينت فضيحتهم، بأنه تم إرسال ما لا يقل عن ست شاحنات مساعدات إلى سوريا يوميًّا في إشارة منه إلى المناطق، التي تحتلها مرتزقة المحتل التركي في سوريا، وأن قدرة المركز اللوجستي في هاتاي، وصلت إلى 95 بالمائة مع التبرعات، وواجهت هذه الفضيحة انتقادات كثيرة لحكومة الاحتلال التركي بضعف الاستجابة مقارنة مع حجم كارثة الزلزال في المناطق المتضررة في باكور كردستان وتركيا.

ومن جانب آخر ووفق ما نشرته وسائل إعلامية فإن الهلال الأحمر أقدم على بيع أكياس الدم المتبرع بها من المواطنين للمستشفيات الحكومية عبر مناقصات في حين تطالب المستشفيات الخاصة المواطنين بشراء أكياس الدم.

وليس بالإمكان بيع أكياس الدم بموجب قانون الدم والمنتجات الدموية رقم 5624، غير أن المستشفيات الحكومية تطرح مناقصات للحصول على احتياجاتها من أكياس الدم بموجب قانون المناقصات الحكومية رقم 4734 لتحصل على أكياس الدم من الهلال الأحمر.

وبهذا يتم الحصول على أكياس الدم ومشتقات الدم من الهلال الأحمر بطريقة مباشرة بموجب البند 22-b من قانون المناقصات.

وتأكيداً على ما درج في الآونة الأخيرة بحصول المستشفيات الحكومية على أكياس الدم عبر مناقصات أفاد المدير العام لخدمات الدم بالهلال الأحمر التركي، سام كرمان، أن المستشفيات تعد مؤسسات تجارية نظرا لتمتعها بإدارة حسابات وأن المستشفيات الحكومية تتبع إجراءات المشتريات الحكومية في الأعمال التي تجريها باسم الدولة”.

أضاف قائلا: “بالإمكان فتح بند آخر لأجل الدم، ووضع الأمر بموضع مختلف عن النقاط الواردة ضمن بند قانون المناقصات. يمكن للدولة أن تقرر هذا والهلال الأحمر ينفذ ما تقره الدولة”.

في الحادي والثلاثين من كانون الثاني هذا العام أجرى مشفى بيلاجيك للبحث العلمي مناقصة للحصول مباشرة على أكياس الدم والمنتجات الدموية لاستخدامها في معمل المشفى.

وتفيد السجلات، أن الهلال الأحمر قام ببيع أكياس الدم والمنتجات الدموية إلى المشفى في الحادي والعشرين من شباط مقابل 110 آلاف و43 ليرة و73 قرشا.

وبالطريقة عينها أجرى مشفى قسطمونو للبحث العلمي مناقصة للحصول أيضا على أكياس الدم والمنتجات الدموية ليحصل عليها مقابل 433 ألف و570 ليرة و76 قرشا.

وأجريت تلك المناقضة في الحادي والثلاثين من كانون الثاني من عام 2022،  وحصلت أيضا المستشفيات الحكومية في قيصري، ودنيزلي، وأنقرة، وبيلاجيك، وشرناق، وقسطمونو، وإسطنبول على أكياس الدم من الهلال الأحمر عبر مناقصات، كل هذه الإحصائيات والثبوتيات نشرتها صحيفة الزمان في تقرير لها تفضح فيها الهلال الأحمر على فعلته على الرغم من أنها مؤسسة إنسانية كمبدأ جوهري، أنشئت على أساسه كما تضمن الحساب الشخصي لرئيس الهلال الأحمر بموقع تويتر تغريدة يعود تاريخها إلى عام 2019 تنص على أن نشاط الترع بالدم غير تجاري، حيث توضح التغريدة، أن الدم هو نسيج بشري ولا يمكن استخدامه لأغراض تجارية، وأن الهلال الأحمر التركي يتولى أنشطة التبرع بالدم كواجب وطني دون أي دافع للربح، وأن هيئة الضمان الاجتماعي تتكفل بتكاليف جميع التعاملات المتعلقة بالدم.

وكدليل أصح، نقل كاتب موقع Halk TV، إسماعيل سايماز، أن أكياس الدم تُباع نظير المال داخل المستشفيات الخاصة، وأوضح في تقريره تفاصيل ما تعرض له والد مواطن يدعى ألبر سركان سويترك، الذي أصيب بسرطان الدم قبل ثلاث سنوات مع بلوغه 88 من سنة، وكان يتلقى العلاج داخل قسم أمراض الدم بمشفى مديجانا شامليجا الخاص الذي يتمتع باتفاقية مع هيئة الضمان الاجتماعي.

وأسرد سايماز التفاصيل على النحو التالي:”وفقًا للائحة الممارسات الطبية يتولى الهلال الأحمر إرسال فواتير لتكاليف أكياس الدم المقدمة وتكاليف نقلها وتتولى هيئة الضمان الاجتماعي سدادها للمشفى. لذا يتوجب عدم الحصول على أية نقود من المشفى، لكن ما حدث مع ألبر أنه فوجئ بالمشفى يقدم له عددا من الفواتير نظير أكياس الدم التي حصل عليها والده. وعندما أبلغهم أن هذا الأمر محظور بموجب القانون وأن هذا يندرج تحت بند تجارة الأعضاء، أخبرته المشفى أن هذا الأمر يأتي ضمن برنامج التعبئة.

 الدعم المقدم لحكومته

ولم يكن الهلال الأحمر التركي الجهة الوحيدة في عدم إعطاء المساعدات لمستحقيها أو كما ذكرنا آنفاً بسرقة حصة المستحقين وبيعها لجهة ثانية أو حتى نسب الدعم المقدم للمتضررين للحكومة الفاشلة، فقد كانت لهيئة الكوارث التركية أيضاً سيناريو آخر شبيه بسيناريو الهلال، وذلك بوضع شعارها على الخيام المرسلة كمساعدات لمتضررين الزلزال.

وأكدت الصحيفة الألمانية (FAZ) بأن دولة الاحتلال التركي وضعت شعار إدارة الكوارث والطوارئ “AFAD” وحزب العدالة والتنمية “AKP” على الخيام القادمة من الخارج لضحايا الزلزال.

وأوضحت الصحيفة، أن إدارة الكوارث والطوارئ، التابعة لوزارة الداخلية، تحاول جعل بعض شحنات المساعدات الخارجية تبدو وكأنها خاصة بها.

وأكدت الصحيفة، أن محاولات إدارة الكوارث والطوارئ، لإظهار المساعدات من المنظمات الأخرى على أنها جهود خاصة بها، تزيد من حالة الاستياء.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أنه تم تداول العديد من مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر أن شعار حزب العدالة والتنمية الحاكم مثبت على شحنات المساعدات من مدن لأحزاب المعارضة نفوذ بها.

دموع التماسيح

وأمام الانتقادات، التي وجهت لرأس النظام التركي أردوغان نتيجة إهماله عمداً وعدم القيام بواجباته تجاه متضرري الزلزال، وجد أردوغان نفسه بأن طلب المسامحة من الشعب ربما يقلل من تلك الانتقادات “ويخلص حالو متل الشعرة من العجين”؛ الهروب من الموقف بقطرات من دموعه “دموع التماسيح” والخروج على المنصات بملامح حزينة من وجهة نظره كافلة في أن يخدع الشعب هناك، لكن ما ظهر كان العكس فقد تضاعفت ردود الفعل المنددة بما قام به من تقصير وإهمال، خاصة بعد اعترافاته، التي كررها مراراً معبراً عن وجود ثغرات في الاستجابة للزلزال الذي ضرب بلاده وسوريا.

وكانت حملة هاشتاغ تحت وسم “#helaletmiyorum” الذي يعني “لا أسامحك” التي دشنت على مواقع التواصل الاجتماعي، هي الرد على مطلبه بمسامحته على فعله.

الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، كتب على حسابه في تويتر: “أنت مسؤول عن وفاة 100 ألف شخص وما زلت تفكر في الترشح. أنت لا تخجل على الإطلاق. لا أسامحك”.

وقال المحامي التركي، علي دفريم، عبر حسابه على تويتر: “لا أسامحك على أي لحظة واحدة من 21 عامًا مرت على حياتي، والتي حكمت البلاد فيها. سنراك في صندوق الاقتراع”.

ومن جانب استشهد المدون التركي “جوكهان” ببعض المواقف التي حصلت في الكارثة الإنسانية: “مجددًا يطلب المسامحة، لقد انتظر هذا الرجل المساعدة ممسكًا بيد ابنته لساعات، وهي تحت الأنقاض، لا أسامحك”.

وفي إشارة واضحة لعادة أردوغان في أن يكون المستلم دوماً غرد حساب يسمى “بير غريب أجافيت”: “يريد الأصوات، يريد المال، يريد الصلاة، يريد المساعدة، يريد الصبر، يريد الحلال ..ليس عنده عادة العطاء .. يريد دائمًا! لا أسامحك”.

أما حسن أرسلان فمن وجه نظره، فإنه من الأنسب أن يستقيل أردوغان من ثم النظر في محاسبته فكتب عبر حسابه: “في الديمقراطيات، لا يُطلب العفو، فيستقيل أحدهم ثم يحاسب”.

واتفق رئيس حزب المستقبل، أحمد داود أوغلو، مع أرسلان لا بل زاد عليه بأنه “على جميع من في السلطة حاليا التفكير في الاستقالة بما في ذلك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان”.