سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

آستانا عشرون تأكيد على محاربة الإدارة الذاتية وشعوبها

رفيق إبراهيم_

عُقدت في العشرين، والحادي والعشرين من شهر حزيران الماضي، الجولة العشرون من اجتماعات آستانا، بين دولة الاحتلال التركي، وروسيا، وإيران، وسوريا، بالإضافة إلى وفد ما تُسمى بالمعارضة، وعدد من الدول بصفة مراقب، وحضور غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، وهذه المرة كانت هناك متغيرات كبيرة على المشهد السوري بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام، فإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية كان حدثاً بارزاً، وأيضاً فوز أردوغان بولاية رئاسية ثالثة في تركيا.
وعلى وقع هذه الأحداث استضافت كازاخستان، اجتماع آستانا بجولتها العشرين، واستمرت النقاشات على مدار يومين متتاليين، هذا الاجتماع، الذي سُمِّي بالاستثنائي، نظراً للتغيرات، التي طرأت في المنطقة، وبخاصة أن روسيا كانت قد أطلقت مساراً للتطبيع بين حكومة دمشق، وأنقرة، وحتى الآن لم تنجح بعقد لقاء بين الرئيس السوري والتركي، مع العلم أن العلاقات الأمنية بين سوريا وتركيا لم تنقطع خلال سنين الأزمة حتى في ذروة توتر العلاقات بينهم.
آستانا عداء لشعوب شمال وشرق سوريا
ما يهمنا نحن، شعوب شمال وشرق سوريا من هذا الاجتماع هو مدى تأثير نتائجه على الأوضاع في مناطقنا، ونحن ندرك مدى العداء الصريح والواضح تجاهنا، وكان الحدث الأبرز في هذه الجولة التركيز بشكل خاص على مناطق الإدارة الذاتية، وكيفية التعامل معها، وجاء ذلك صراحة في البيان الختامي للاجتماع، وتم توجيه الاتهام للإدارة بأنها تحاول تقسيم سوريا، حيث أكد البيان، على أن هناك محاولات لإحداث حقائق جديدة على الأرض، وتبجح البيان، بأن هناك محاولات لتحقيق حكم ذاتي، كما تم توجيه الاتهامات الباطلة للإدارة بالاستيلاء على النفط وعائداته، وأعربت الدول الأربعة عن محاربتها الإدارة الذاتية على أنها تهدد وحدة الأراضي السورية، وتهدد الأمن القومي للجوار.
إذا ما عدنا لهذه البنود الرئيسية في البيان الختامي، نستنتج بأن نتائج آستانا جاءت تحقيقاً لمصالح الدول الراعية له، وفي مقدمتها دولة الاحتلال التركي، حيث حصلت على كل ما أرادات من خلال الاتفاق الصريح على محاربة الإدارة الذاتية، وبشتى الوسائل الممكنة، وهذا وإن دل، إنما يدل على بعد المجتمعين في آستانا عن مطالب الشعب السوري، في حل الأزمة السورية سلمياً، وتطبيق القرارات الدولية في هذا الشأن.
الإدارة الذاتية سباقة في وضع الحلول
الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، كانت ولا زالت تؤكد على وحدة الأراضي السورية أرضاً وشعباً، وأكدت في مبادرتها، التي قدمتها في نيسان الماضي، بأنها منفتحة على الجميع في الداخل والخارج، والمبادرة شددت على أن الثروات في مناطقها هي للسوريين كلهم، ودائما تنادي بالانفتاح على دول الجوار، ومن ضمنها تركيا، وأعلنت ذلك علناً، وهي مستمرة في الدعوة للحوار السوري – السوري لحل الأزمة السورية، وعلى أساس القرارات الدولية وبخاصة القرار 2254، ولكن محور آستانا يفصل الأمور على مقاسه، ولخدمة أجنداته، واتهامات الاجتماع للإدارة الذاتية مبنية على عدائها للمشروع الديمقراطي، الذي يمكن التأسيس عليه لإنهاء معاناة السوريين.
إن رفض مبادرة الإدارة الذاتية، وعدم إشراك ممثلي مناطق شمال وشرق سوريا، في المباحثات والاجتماعات، التي تخص الوضع السوري، سيزيد المعضلة السورية تعقيداً، لأن تهميش وإقصاء شعوب المنطقة من المشاركة في وضع الحلول لسوريا، لن يأتي بأي حل، فالمجتمعون في آستانا لا يهمهم إنهاء معاناة السوريين، ولا حتى السعي لإيجاد الحل المستدام في سوريا، لأنهم يسعون دائماً لتحقيق مصالحهم على حساب الشعب السوري، فرباعي آستانا يحاولون دائماً عقد الصفقات، التي تهدد وحدة الأراضي السورية، وتزيد من مخاطر الإرهاب في المنطقة والعالم.
وخلاصة القول: إن اجتماعات آستانا حتى لو استمرت لعقد مئات من حلقاتها، فلن تؤدي إلى الانفراج، وحلحلة الأمور المعقدة في سوريا، بل مع كل بيان ختامي لآستانا سابقاً وحالياً وآنفاً، فإن هناك المزيد من الهجمات والتصعيد واستهداف الأمن والأمان في شمال وشرق سوريا، والسؤال هنا كيف باجتماعات تدور حول الحلول في سوريا، وتكون نتائجها سلبية دائماً على الشعب السوري؟ وبعد كل آستانا لسان حال السوريين يقول بكل تأكيد ستكون هناك مصيبة جديدة، وهذه مفارقة عجيبة وغريبة.