معرض القاهرة للكتاب…الاهتمام بثقافة الطفل وذَوي الاحتياجات الخاصة

حاورها/ عبدالرحمن محمد

روناهي/ قامشلو: أكثر من نصف قرن مرَّ على انطلاقة معرض القاهرة للكتاب وما زال المعرض في كل عام يرتدي حِلة جديدة ويأتي بأطيب ثِمار ونِتاج الفكر في الثقافة والأدب والعلوم الإنسانية، هذا وكان للكاتبة المتألقة “إخلاص فرانسيس” أثر الفراشة في المعرض.

وفي هذا العام شارك ما يناهز الـ900 دار نشر مشاركة، و255 ناشر عربي، ومشاركة لافتة من قبل كل من الأردن سوريا فلسطين لبنان إفريقيا اليمن ليبيا العراق السودان، موريتانيا المغرب العربيّ الإمارات الكويت، كما شاركت دول إفريقية وأوروبية وأمريكية ليصل مجموعها إلى ثماني وثلاثين دولة، فيما كانت السنغال ضيف الشرف للدورة الحادية والخمسين، واختيار المفكّر والجغرافيّ الراحل الدكتور جمال حمدان ليكون شخصيّة عام المعرض.

وحول أهمية المعرض وبعض من جوانب فعالياته ومشاركتها كان لنا حوار مع الكاتبة اللبنانية إخلاص فرنسيس، التي شاركت بكتابين وعقدت عدة ندوات حول مجموعتها القصصية المشاركة “على مرمى  قبلة”:

ـ معرض القاهرة من المعارض الكبرى والمهمّة، وله صداه الثّقافيّ المميّز. كيف ترين أهمّية هذا المعرض في هذا الوقت؟

تميّز معرض القاهرة بدورته الحادية والخمسين بإقبال شديد سواء من دور النشر المحلية أو العالمّية التي كانت بازدياد لهذا العام، لِمّا لمعرض الكتاب من دورٍ كبيرٍ في هذه الآونة حيث إنّ المنطقة تتخبّط في صراعات دامية ومشاكل عويصة، وما رأيته أنّ دور النشر قد عقدت العزم وبأكثر إصرار على المشاركة نسبة لأهمّية الكتاب.

 يعتبر معرض الكتاب في القاهرة من أكبر وأهمّ المعارض في المنطقة لموقع مصر الجغرافيّ الذي يتوسّط شمال إفريقيا وحوض البحر المتوسط، وقد تميّز هذا العام بإقبال شديد من فئة الشباب، وله دور كبير في نشر الثقافة وتوصيل رسالة معينة للمجتمع في المواضيع التي يقدّمها، وتطرح في المعرض لتكون في متناول أكبر شريحة من القرّاء، من شباب المستقبل، وبأسعار تشجيعية.

– الكثير من المفاهيم والكثير من الجوانب تتضمّنها نِتاجات الكتاب. ما هي الجوانب والعناوين التي لفتت انتباهك بالمعرض؟

ما لفت نظري، واسترعى انتباهي أنّ هناك نشاطات ثقافية وفنّية إلى جانب الكتاب الورقيّ والكتاب المسموع والمرئيّ، أيضًا مشاركة عدد كبير من الدور المختصّة والمهتمّة بالطفل وثقافته، وذوي الاحتياجات الخاصّة، وهذا له أثر إيجابيّ كبير على مستقبل المجتمع ونهضته بشكل عامّ، إضافة إلى الكتب المتداولة والمتعارف عليها من روايات وشعر وكتب دينيّة وسياسيّة، وقد كان على هامش المعرض لقاءات وندوات فنّية من مختلف البلدان المشاركة.

– لكِ مشاركة بكتابين في المعرض، ونال كتابكَ الأخير الكثير من الصدى الإعلامي.. لو نتعرّف على الكتاب الثاني “على مرمى قبلة“؟

“على مرمى قُبلة”، مجموعة قصصية حصيلة سفر في النفس الإنسانية وفي الأحداث التي تنتاب عالمنا الذي تتضاءل فيه فرص الحياة الحرة الكريمة، واختبارات من أرض الواقع. كتبت فيها عن الحبّ والموت والحياة، ومعاناة الإنسان ووجعه.  بعضها كان عزلة وحديثًا مع النفس، وبعضها الآخر تأمّل وإعادة نظر فيما يجري من حولي. قصص كتبتها هنا وهناك  في حلي وترحالي، نقلتها دمعة دمعة، أردت من خلالها تسليط الضوء على المعاناة التي يعيشها الإنسان بعيدًا عن الحبّ، ورفض الآخر وعلى خباياه حين يقف أمام المرآة يرى ذاته، كاشفًا أعماقه بكلّ صدق.

أنها مزيج من قضايا الوطن داخل دراما الشخصيّات المتعدّدة، وهي قصص زاخرة بالمشاعر الإنسانية والقضايا الحياتيّة التي يمكن حلّها جميعًا بسلاح قويّ غاب عنّا وسط الزحام، هو سلاح الحبّ،  فكلّ منّا يدور في داخله وفكره صراع ما بين الموروث والواقع، ما يؤدّي بالإنسان في بعض الأحيان إلى أن يعيش ازدواجية، تؤثّر سلباً على الشخص وعلى محيطه.

لكن بالحبّ الجليل النبيل، نكسر التقاليد والأعراف البالية، ونحتضن الحياة بكلّ ما أوتينا من قوة. فالحبّ قوة شفاء لوجع الإنسانيّة، وهو القوّة الكامنة وراء كلّ مداركنا ومشاعرنا، الحبّ ولادة، والابتعاد عنه موت.

– الكثير من القراءات والنّدوات والحوارات الأدبيّة دارت حول كتابك الأخير.. ما مردّ ذلك؟

إنّ الندوات الأدبيّة والحوارات التي تُقام على هامش المعرض لها أهمّية كبرى في تقييم ما يُنشر، وقد كان لي الشّرف أن تُقام ندوة خاصّة في المعرض، ناقشت فيها الدكتورة والأديبة والناقدة هويدا صالح المجموعة القصصيّة “على مرمى قُبلة”، بحضورِ حشدٍ كبير من المثقفين ومن الشباب أيضًا، إضافة الى ندوات أخرى كانت على هامش المعرض في مختلف المناطق في القاهرة، منها جمعية الشبان المسيحية، وأتليه القاهرة، وجمعيّة المحافظة على التّراث المصريّ، حيث ناقش المجموعة نخبة من المثقفين والصحفيين، وقد لفت نظري حضور فئة الشّباب في الندوات، ومشاركتهم في النقاش، ما يدلّ على أنّ مستقبل الكتاب يستعيد دوره بين فئة الشباب الذين هم نواة المستقبل.

– سوريا عامّة وشمال شرق سوريا.-مناطق الإدارة الذاتية- تشهد ثورة من جهة، واحتلال وعدوان من جهة أخرى. هل من مشاركات بالكتب أو في النشاطات الموازية لما يخصّ شمال شرق سوريا؟

من الملاحظ وبرغم الأزمات التي تتعرّض لها سوريا إلا أنّها شاركت بحضور ملحوظ في المعرض مبينة أهمّية التبادل الثقافيّ، خصوصاً أنّ الناشر السوريّ يعمل على ترسيخ القيّم الحضاريّة والثقافيّة من خلال مشاركته، بين مشاركة فردية ووكيل أصيل، وتعدّ هذهِ المشاركة الأقوى والأكثر تأثيرًا في المعرض، سوريا جرحنا النازف، أتمنّى لها بكل قوميّاتها وطوائفها الحياة الحرّة الكريمة.

أما الكرد فلهم جذورهم الممتدّة في أعماق الحضارة والتاريخ ، وقد قدموا الكثير من التضحيات في سبيل رفع النير التاريخيّ المزمن عنهم، “إنه شعب عظيم يستحقّ أعظم حياة، على هذهِ الأرض ما يستحقّ الحياة”؟

ـ إخلاص فرنسيس تجوب رياض الأدب والفكر.. ما هي مجالات قراءاتك، وإلى أين تسير بك مراكب الكتابة، وفي أيّ مرافئ سترسو بعد كتابيكِ المميّزين؟

إنّ القراءة محيط واسع لا تحدّه أطراف، كلما تنوّعت القراءات توسّعتِ الثقافة الفكرية والأدبية. القراءة هي الوقود لفكر الكاتب وخياله وروحه، لذلك تراني فراشة أقطف من كلّ بلد زهرة، اليوم في روسيا، وغدًا مصر، وبعد غد لا أعلم أين يحطّ بي الترحال، وكما القراءة كذلك الكتابة أترك القلم يقودني حيث يريد، ممكن إلى واحة الشعر، أو إلى مجموعة قصصية أخرى. القراءة والكتابة هما جناحا الكاتب للتحليق في عالم الحلم من خلال الواقع الذي نسعى إلى تغييره نحو الأفضل والأجمل.

– أيّة أبواب على الكاتب والشّاعر أن يطرق ليصل إلى قرّائه في ظلّ شبه العزوف عن القراءة، والتكلفة الباهظة للطّبع والنّشر؟

إنّ مشكلة النشر في التكلفة الباهظة والاتجار بالمادة، فبعض دور النشر تجاريّة لا يهمّها نوعية المنشور بقدر ما يعود إليهم من مردود ماديّ، لهذا ترى معظم الكتّاب عزفوا عن النشر في تلك الدور، أو نشروا على نفقتهم الخاصّة.

 كي يصل الكاتب إلى قُرّائه عليه أن يشدّ انتباههم بما يكتب من مواضيع تلامس حياتهم اليوميّة، ومشاكلهم الخاصّة بأسلوب شائق يجذبهم إليه، مع طرحه الحلّ للمشكلات التي يعانون منها.