حملة تحرير منبج ملحمة إرادة وطنية.. وأبو ليلى يكلل شهيداً

الأول من حزيران 2016 كان موعد أطلق مجلس منبج العسكريّ حملة باسم حملة تحرير مدينة منبج وريفها من مرتزقة داعش، وانضوى تحت راية المجلس كلٌّ من (كتائب شمس الشمال، ثوار منبج، تجمع ألوية الفرات، لواء جند الحرمين، تجمع كتائب شهداء الفرات، لواء القوصي، كتيبة تركمان منبج)، وفي 5 حزيران 2016، انطلقت الحملة فعليّاً على جبهتين (جسر قرقوازق وسد تشرين) وعلى أربعة محاور لتقدّم القوات. وقُسمت الحملة على مرحلتين، الأولى لتحرير قرى وريف منبج والثانية لتحرير كامل المدينة.
لم يكن التفكير في منبج بعد، فكانت الأولوية لتحرير الرقة من قبضة مرتزقة داعش. وبعد ارتكاب مرتزقة داعش الانتهاكات بحق أهالي منبج وممارسة سياسته التعسفية عليهم، استنجد الأهالي بمجلس منبج العسكري لتخليصهم من المرتزقة وتحرير المدينة منهم، فأطلق مجلس منبج العسكري الذي يتألف من” كتائب شمس الشمال، ثوار منبج، تجمع ألوية الفرات، لواء جند الحرمين، تجمع كتائب شهداء الفرات، لواء القوصي، كتيبة تركمان منبج” حملة باسم حملة تحرير مدينة منبج وريفها من مرتزقة داعش بتاريخ 1/6/2016م، وفي 5 حزيران 2016 وإبان استشهاد القائد العام لكتائب شمس الشمال فيصل أبو ليلى، تحول اسم الحملة إلى حملة الشهيد القائد فيصل أبو ليلى إكراماً واحتراماً لبطولاته التي قدمها خلال الثورة.
كانت الخطة تقتضي شن الحملة على محورين اثنين، حيث سينطلق المحور الأول من سد تشرين باتجاه منبج، أما بالنسبة للمحور الآخر فيبدأ من جسر قرقوزاق، مروراً بخط الساجور، وانتهاء بمشارف مدينة منبج.
كان أبو ليلى ورفاقه المقاتلون، على علم بصعوبة المعركة وشعر أولئك أنهم بالفعل مؤتمنون على حياة كافة المنبجيين، الذي أرهقهم سواد داعش الطويل. فكان أن وقعت إشتباكات، أقل حدّة منها في المدينة التي كانت تعتبر سجناً بالنسبة للأهالي الذين لم يلوذوا بالفرار. صوت العيارات الناريّة، يُسمع بوضوح في الريف، حينها يستطيع الأهالي الاستفادة من سماع صوت أزيزها للتنقل ما بين المناطق التي تتساقط أمام استبسال أبي ليلى ورفاقه. وبالمقابل كانت استماتة داعش في المدينة قوية، حيث قام عناصره؛ بتجهيز التحصينات؛ ووضع الأتربة على مفارق الطرق، لشل تقدّم أبي ليلى. كما عمدوا لحفر الأنفاق؛ تحت الأرض؛ للاختباء من وطأة، ضربات التحالف المركّزة بعد مضي شهر من القتال في الريف، وتطويق المدينة بالكامل، زاد من تصميم أبي ليلى ورفاقه على متابعة الطريق، كانت تتراءى لهم صور رؤوس المدنيين الأبرياء التي ملأت 17 دواراً (ساحة) وصور جلد النساء، وصور المنفيين، وإذلال كبار السن، وتساقطت الخطوط الأماميّة لداعش الواحد تلو الآخر. وهذا ما يعني أنّ موعد الحسم الأخير قد اقترب من نهايته. أما أهالي منبج الذين بقوا في المدينة، فقد كانوا يشعرون أنهم أمام لحظة واحدة؛ قد تفصلهم ما بين والموت والحياة. وقلة منهم هرب خارجها، وتوجّه صوب الريف المحرَّر. وكثر من هم بقوا، ليستخدمهم المرتزقة دروعاً بشريّة. فيما الألغام المزروعة تحاكم الأهالي ميدانياً وتحصد الأرواح البريئة.
ورأي أبو ليلى ضرورة حماية المدنيين وإخراجهم من أرض المعركة ومن مناطق الاشتباكات تحديداً، فقاموا بمهمة توصيل الحاجيات الضرورية للمدنيين؛ الفارين من قبضة مرتزقة داعش الوحشيّة. روزنامة الأيام تتساقط في معركة تساقط المناطق التي اقتربت من نهاية سباتها المرير، حيث بات داعش داخل المدينة يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ مذعنة بذيل الهزيمة. إذ تحصن في مطاحن الحبوب جنوب المدينة؛ حيث أضحت جيباً قوياً، دام أيام طوال. مستفيداً من ارتفاعها الشاهق. كان حيّا السرب والحزاونة؛ آخر الأحياء المتبقية في منبج. في حي الحزوانة كان مرتقى فيصل أبو ليلى ورفاقه إلى مرتبة الشهادة، كانت معارك هذا الحي الأكثر شراسةً ودمويّة والعدد الأكبر من الشهداء ارتقوا في هذا الحي بسبب لجوء مرتزقة داعش للاحتماء بالأنفاق والألغام ليباغت الرفاق كلّ حين.
عين واحدة لأبي ليلى؛ قد غفت والأخرى تنتظر حي السرب، لتعلن النهاية، صحيحٌ هي بالفعل النهاية، نهاية وجود داعش في منبج، ونهاية حياة الشهيد البطل «فيصل خلدون أبي ليلى».وقد قال مبعوث الرئيس باراك أوباما الخاص للتحالف الدوليّ، بريت ما كغورك، في تغريدته: «إنَّنا سنصلي لروح الشهيد أبي ليلى، الذي ضحّى بنفسه من أجل تحرير وطنه».
وبعد 73 يوماً من التقدم المستمر وتدمير تحصينات داعش واقتحام صفوفه، وبتمام الساعة الـ 12.00 من يوم الـ12 من آب قام مقاتلو مجلس منبج العسكري بالهجوم الأخير على فلول مرتزقة داعش المتواجدين في شوارع حي السرب، الذين كانوا يستخدمون المدنيين الذين تم اسرهم كدروع بشرية، وتمكن مقاتلو المجلس من كسر خطوط المرتزقة الأمامية وتحرير كامل المدنيين، والقضاء على المرتزقة.
عم الفرح أرجاء منبج بتخليصهم من ظلم داعش، حيث شوهدت النسوة وهن ينزعن النقاب الأسود ويضرمن فيه النيران، والرجال وهم يحلقون ذقونهم، والتعبيرات المختلفة عن الفرحة والسعادة بالتخلص من نير السوّاد والظلام، على يد قوات مجلس منبج العسكري حيث الحرية في القول والعيش.
وفور سماع الخبر بدأ نازحو منبج بالعودة إلى مناطقهم وتفقد دورهم، بينما عادت الحياة إلى بعض أحياء المدينة وفتحت المتاجر أبواب وتمّ الإعلان عن تحرير منبح من رجس المرتزقة بتاريخ 12/٨/2017م.