No Result
View All Result
المشاهدات 2
جل آغا/ غزال العمر ـ
موجة غلاء الأسعار التي تتزامن مع ارتفاع صرف الدولار مقابل الليرة السورية تطال حليب الأطفال الصناعي بريف ناحية جل آغا في شمال وشرق سوريا، مما يثير مخاوف المواطنين.
تضطر أمهات مرضعات لا يشبعن أطفالهن من خلال الإرضاع الطبيعي، لاستبدال الرضاعة الطبيعية بالحليب الطبي الذي يصفه الطبيب بأنواع من الأطعمة تؤثر سلباً على صحة ونمو الطفل.

استياء الأهل من غلاء الحليب
تخرج الجدة الستينية “سناء السيد” من سكان ريف ناحية جل آغا الغربي (٦٥ عاماً) من عيادة أحد الأطباء في الناحية، تحمل حفيدتها هيفي الأحمد ذات التسعة أشهر وعلامات الاستياء بدت واضحة عليها، وقالت لنا سناء: “وصف لها الطبيب حليباً، فالطفلة لا تشبع مما سبب لها جفافاً، شعرنا بجوعها بدايةً لنستعين بالتفاح المسلوق وبحليب البقر ولبنه مع وجبة من سامي بالرز”.
لتتابع جدة الطفلة هيفي قائلة عبر لقاء مع صحيفتنا: “لقد كنا مجبورين لتجريب كلّ هذه الأنواع من الأطعمة، فالحليب الطبي غالٍ والعُلبة لا تكفي أكثر من يومين”. غلاء الأسعار أثر على أكل الأمهات، وبالتالي شح حليبهن، فالطفل يتغذى من غذاء أمه.
وفيما إذا كانت ستستمر بشراء الحليب لحفيدتها تقول الجدة: “والدها من ذوي الدخل المحدود وليس لديه القدرة على شراء الحليب بشكل مستمر، لكن مرض الطفلة وتدهور وضعها الصحي يجبرنا على شراء الحليب وتأمينه لها بالوقت الحالي”.
وتابعت بأنّهم يعتبرون علبة الحليب نوعاً من أنواع العقاقير الطبية التي تساعد صغيرتهم على تجاوز وعكتها لتتحسن حالتها الصحية، لأنّهم لا يستطيعون الاستمرار به مع تخوفها وخشيتها من انتكاس حالة الطفلة، مما سيضطرها لدخول المستشفى.
“أمهات حائرات”
تقول شمسة الخلف، أم لطفلين من سكان ريف بلدة جل آغا الغربي (30 عاماً)، “ارتفاع الدولار يتسبب بحَيرة الأمهات المرضعات ذوات الدخل المحدود بين شراء علبة الحليب بسعر مرتفع وبين صحة الطفل، التي من الممكن أن تتدهور في حال عدم إعطائه الحليب المناسب لسنه”.
تشكو شمسة من عدم إشباعها لأطفالها من حليبها غير الدسم، ومعاناتها من القنينة والحرص على نظافتها: “حليب الأم نظيف ومؤمن وصحي”، بينما يستهلك طفلها ستة علب شهرياً من الحليب الصناعي، تكفيه العلبة لمدة خمسة أيام بسعر 5500 ليصل الإجمالي إلى 33000 شهرياً وذلك على مدى ستة أشهر، تزيد الكمية مع نمو الطفل وازدياد حاجته للغذاء، حيث يصل سعر العلبة الواحدة في المرحلة الأخيرة من عمر الإرضاع لـ13500.
وأعربت الأم عن استيائها من ارتفاع أسعار الحليب مناشدة الجهات المعنية والمنظمات التي تعنى بحقوق الطفل بتأمين أبسط حقوقه، أو مساعدة الأهل في توفير الحليب له.
وأضافت شمسة الخلف أن: “الظروف تجبر الآباء على العمل الإضافي لتغطية احتياجات الطفل خلال فترة الإرضاع”.
تحذيرات طبية
تكتظ عيادات أطباء الأطفال بالمرضى الذين تتراوح أعمارهم من أسبوع لسنتين، ممن يعانون من التهاب الأمعاء الحاد ومشاكل هضمية وسوء الامتصاص والجفاف، وغيرها من الأمراض الناتجة عن التخليط غير المستحب بالأطعمة “بمعدل أربعة أطفال من بين كلّ عشر حالات”.
في حين يحذر طبيب الأطفال الدكتور أحمد حمدو من بلدة كركي لكي، الذي يمارس مهنته منذ أكثر من عشر سنوات من هذه المعضلة الشائكة، والتي راح كثير من الأطفال ضحية لها: “يرتاد العيادة يومياً كمعدل وسطي بين 15 – 20 طفلاً مراجعاً ومريضاً يعاني 5- 7 منهم من سوء التغذية”.
كما أردف الطبيب الأخصائي بالقول: “اللبن وخلطه بالشاي وحليب البقر والماعز والحليب المجفف رخيص الثمن، من غير وصفة طبيب أغذية تتسبب بفشل عمل الزغابات المعوية المسؤولة عن امتصاص الأطعمة، وذلك عند إعطاء الطفل حليب البقر أو الماعز مما يخفض مساحة سطح الامتصاص، الذي يؤدي إلى نقص امتصاص الحديد، وفقر دم شديد يرافقه نقص بكريات الدم الحمراء التي تقوم بنقل المواد الغذائية والأوكسجين التي يحتاجها الجسم”.
ويؤكد الطبيب حمدو أن من أشد أنواع فقر الدم التي يصعب علاجها: “يحتاج لفترة من العلاج والمراقبة للكلس وعوز الحديد”، وينصح بالخضار المسلوقة والابتعاد عن الملح والسكر والزيت والعادات الغذائية الموروثة كخلط الشاي باللبن.

حليب الأم مناعة
ونوه حمدو إلى أن غلاء سعر الحليب لا يعد السبب الرئيس لمرض الأطفال، بل تتحمل بعض الأمهات مسؤولية كبيرة لفطامهن لأطفالهن قبل عمر السنتين، الذي حدده الشرع كحق طبيعي للطفل ولراحة الأم: “الإرضاع يؤخر الحمل، لذا تلجأ بعض النساء لحرمان طفل من حليبها لتحظى بطفل آخر، علماً أنّ الإرضاع الطبيعي أفضل من أيّ نوع غذائي آخر، ونوصي به كأطباء”.
ركود حركة المبيع
وللصيدلي أحمد الأحمد من سكان ناحية جل آغا (43عاماً) مداخلة يقول فيها بأنّ: “رفوف الصيدلية ملت من ركود حركة مبيع علب الحليب، والتي اقتصرت على شريحة معينة من الناس، بينما يكتفي أصحاب الدخل المحدود بالسؤال عن السعر أو فيما إذا كان باستطاعته استبداله بنوع آخر ويمضي”.
وأوضح الأحمد بأنّ “الحليب سلعة أجنبية مستوردة ولا مرابح مادية كبيرة منها، ولكلّ طفل نوع معين حسب عمر الطفل، ابن الأسبوع يختلف حليبه عن ابن الأشهر والسنة”.
وأكد بأنّ أسعار الحليب متفاوتة تتراوح بين الـ 5500 إلى 13500 ليرة: “نان واحد يختلف عن الكيكوز وغيرها من الأنواع، ولا تكفي الرضيع أكثر من ثلاثة أيام عندما يكون أساسياً وليس معيناً لحليب الأم”.
نسب مرعبة
هذا وتشير حقائق متعلقة بحقوق الطفل إلى أنّ لكلّ طفل الحق في تغذية جيدة، ويقف نقص التغذية وراء 45 بالمئة من وفيات الأطفال حيث يفقد 1.3 مليون حالة سنوياً حياتهم بسبب نقص التغذية.
كما توصي المنظمات التي تعنى بحقوق الطفل بالإرضاع الطبيعي والمتمم الغذائي المناسب، “800000” طفل سينقذ سنوياً في حال تغذى الطفل من الحليب الطبيعي.
No Result
View All Result