الكل يعمل على هواه، هذا هو الحال في مدينة قامشلو وربما العديد من مناطق شمال وشرق سوريا، فالجهات الرسمية تصدر القوانين وتتناسى متابعتها، ليقع المواطن في فراغ “اللا تطبيق” للقانون، حال المرضى والأطباء اليوم أشبه بذاك التاجر الشاطر الذي ينسى مبادئ مهنته، فتعرفة المعاينة كيفية ولا حول لمنْ يشكو ولا قوة!
يستطيع المواطن التخلي عن بعض المستلزمات المعيشية، ولكنه مجبر على مراجعة الأطباء عند المرض وليس له أي مفر من ذلك، فكل شخص منا معرض للمرض وزيارة الأطباء، وفي ظل التدهور الاقتصادي التي تشهدها المنطقة مارس بعض الأطباء مهنتهم الإنسانية بعيداً عن الاستغلال المادي، والبعض منهم لعب دور تجار الأزمات بكل إتقان، وتزامناً مع فقدان الليرة السورية قيمتها الشرائية مقابل الدولار الأمريكي، ارتفعت الأسعار كثيراً، وكانت للمعاينات الطبية حصة منها، حيث شهدت ارتفاعاً كبيراً وبشكلٍ كيفي، مقارنةً بأسعارها قبل الأزمة التي عصفت بسوريا.
الفروق في أجور المعاينات
وحول هذا الموضوع التقت صحيفتنا “روناهي” مع العديد من المواطنين المعنيين الذين يقصدون الأطباء على الدوام بهدف المعالجة، ومن بينهم المواطن “علي إبراهيم علي” البالغ من العمر 75 عاماً، يعاني من مرض السكري منذ فترة طويلة، وفي كل فترة يذهب إلى الطبيب لمراقبة وضعه الصحي، فقال: “قبل عشرة أيام ذهبت إلى الطبيب، فأخذ مني سبعة آلاف ليرة مقابل معاينته، منذ مدة ليست ببعيدة كنت أدفع له ثلاثة آلاف، وهذا مبلغ مقبول، هناك فرق كبير في أجور المعاينة”. ويتساءل علي “فيما إذا كان من المنطقي أن نحاسب الأطباء على عدم الالتزام بهذه التسعيرة؟”
يرى علي أن “هذا الواقع يتسبب بفوضى دون إمكانية محاسبة الأطباء الذين يتقاضون مبالغ عالية، ولا يوجد أسس متوافقة مع الواقع المعيشي، وهذا الأمر يجعل كل الأطباء مخالفين”.
الولادة .. من فرحة إلى عبء
تكاليف عمليات الولادة (القيصرية) لم تسلم من الارتفاع الجنوني في الأجور، حيث قالت إحدى العاملات ضمن مؤسسات الإدارة الذاتية، والتي رفضت الإفصاح عن اسمها، وهي من سكان مدينة قامشلو: “تكاليف إجراء عملية الولادة في مناطقنا باتت مكلفة جداً، على سبيل المثال تكلفة عملية القيصرية أكثر من ثلاثمئة ألف، والطبيعية أيضاً مكلفة”.
وأوضحت لنا بأن هذه الأسعار لا تتناسب أبداً مع دخل المواطنين ورواتبهم الشهرية، وقالت: “بعد عدة أيام موعد ولادتي وراتبي الشهري لا يسد تكاليف عمليتي القيصرية، ناهيك عن أسعار التحاليل والأدوية”.
الطبيب وما يهوى
أما المواطنة “رفعت خلف العلي” البالغة من العمر 62 عاماً من ناحية “الجوادية”، تعيش اليوم مع مرض القلب، تقصد رفعت الطبيب كل شهرين لإجراء الفحوصات الطبية، اليوم هي الأخرى تشتكي من التفاوت بين أجور معاينات الأطباء، وتُشير إلى أن الوضع بات “غير مقبول”.
وأكدت رفعت “أنا مريضة قلب وأجريت عملية، وقبل شهر أتيت لزيارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة، كانت المعاينة سبعة آلاف ليرة سورية، نجد اختلافاً بين معاينات الأطباء فكل طبيب يأخذ حسب هواه”.
وعن التزام الأطباء بالتعرفة الطبية
وبخصوص موضوع المعاينات زرنا عدداً من الأطباء في مدينة قامشلو، لمعرفة مدى التزامهم بالتعرفة الطبية المحددة من قبل هيئة الصحة، وما هي أسباب اختلاف أجور المعاينات من طبيب لآخر.
وكان جواب الأطباء على أسئلتنا بقولهم “نحن أيضاً مواطنون، طالبنا برفع أجور المعاينة الطبية نتيجة تدني قيمة الليرة السورية مقابل الدولار وغلاء جميع الأسعار، من أجور العيادات وأسعار الأجهزة الطبية وجميع المستلزمات الطبية والخدمية”. وهذا السبب دفعهم بعدم الالتزام بالتعرفة الرسمية بحسب قولهم.
أما عن اختلاف سعر التعرفة الطبية من طبيب إلى آخر، فهناك أطباء قدماء لم يرفعوا تعرفة المعاينة إلا قليلاً، وهناك أطباء يقبلون أعداداً محددة من المرضى في اليوم الواحد، وهناك من يلجأ لرفع قيمة المعاينة لكسب أكبر عدد من المرضى بهدف إبراز اسمه في الساحة وأغلبهم من الأطباء الجدد، وذلك ما يسمى بـ”المنافسة غير الشريفة” على حد قول أحدهم.
وعن تقيد الأطباء بالأسعار المحددة من هيئة الصحة فهناك من يلتزم وهناك من لا يلتزم، ويقول أحد الأطباء لكنه فضل عدم الإفصاح عن اسمه “نحمل رسالة إنسانية بحتة، والكل مجبر لمعاينة منْ كان وضعه الاقتصادي صعباً بالمجان، فالمال الذي نتقاضاه لا شيء، ونتمنى أن يكون الجميع بخير”.
الازدحام الخانق
بسبب لجوء الكثير من المهجرين وسكان المدن الأخرى إلى مدينة قامشلو، ومناطق روج آفا بشكل عام، أصبح التعداد البشري كبيراً، وعند زيارة الأطباء يتفاجأ الشخص بالازدحام الخانق للمرضى في العيادة، وجلوسهم لساعات بانتظار دورهم، ويرغب كل مراجع بالدخول أولاً، وغالباً ما تحدث الخلافات بين المراجعين داخل العيادات.
مخالفة للقانون… وقوانين جديدة ستصدر
تحدد التعرفة الطبية أو المعاينة في مناطق شمال وشرق سوريا من قبل هيئة الصحة وبقرار رسمي، وبخصوص هذا الموضوع تحدثنا إلى نائبة هيئة الصحة في مدينة قامشلو “بيريفان درويش” وأشارت لنا إلى أنهم لم يحددوا التعرفة الطبية إلى هذا الوقت، وأن ارتفاع التعرفة الطبية إلى سبعة آلاف غير قانوني.
وقالت “إن آخر تعميم بشأن التعرفة الطبية أصدرته هيئة الصحة كان قبل سبعة أشهر، وفي ذلك الوقت صدر تعميم بتحديد التعرفة الطبية بثلاثة آلاف ليرة، ولكن معظم الأطباء لم يلتزموا بهذا السعر، فكل طبيب يحدد سعر المعاينة بما يناسبه، فهناك من يأخذ أربعة آلاف وهناك من يأخذ خمسة آلاف وقد تصل إلى خمسة عشر ألفاً”.
وفي نهاية حديثها أكدت بيريفان درويش نائبة هيئة الصحة بأنه في غضون هذا الشهر ستصدر هيئة الصحة تعميماً “يحدد قيمة المعاينة الطبية وسيكون ثابتاً” غير أنه لم يتم تحديد الإجراءات التي ستتخذ بحق الأطباء المخالفين لهذا التعميم.
وحول هذا الموضوع التقت صحيفتنا “روناهي” مع العديد من المواطنين المعنيين الذين يقصدون الأطباء على الدوام بهدف المعالجة، ومن بينهم المواطن “علي إبراهيم علي” البالغ من العمر 75 عاماً، يعاني من مرض السكري منذ فترة طويلة، وفي كل فترة يذهب إلى الطبيب لمراقبة وضعه الصحي، فقال: “قبل عشرة أيام ذهبت إلى الطبيب، فأخذ مني سبعة آلاف ليرة مقابل معاينته، منذ مدة ليست ببعيدة كنت أدفع له ثلاثة آلاف، وهذا مبلغ مقبول، هناك فرق كبير في أجور المعاينة”. ويتساءل علي “فيما إذا كان من المنطقي أن نحاسب الأطباء على عدم الالتزام بهذه التسعيرة؟”
تحدد التعرفة الطبية أو المعاينة في مناطق شمال وشرق سوريا من قبل هيئة الصحة وبقرار رسمي، وبخصوص هذا الموضوع تحدثنا إلى نائبة هيئة الصحة في مدينة قامشلو “بيريفان درويش” وأشارت لنا إلى أنهم لم يحددوا التعرفة الطبية إلى هذا الوقت، وأن ارتفاع التعرفة الطبية إلى سبعة آلاف غير قانوني.
