No Result
View All Result
المشاهدات 25
رستم عبدو-
في عام 1948 تم بيع تمثالين لأسدين من البرونز ذوي أحجام صغيرة في مدينة عامودا على يد تجار للآثار. استقر أحد الأسدين في متحف المتروبوليتان للفن في أمريكا والآخر في متحف اللوفر بباريس، وكان برفقة الأخير رقيِّم يحمل كتابة مسمارية باللغة الهورية، كتب عليه ” تيش أتال باني معبد نيرجال” يعود تاريخه إلى أواخر الألف الثالث ق.م وتعتبر هذه المدونة أقدم كتابة حورية حتى هذه اللحظة.
هذان الأسدان شغلا بال الكثير من الباحثين والمهتمين، مما دفع ببعضهم للقدوم إلى عامودا حيث “تل شرمولا” الأثري معتقدين أنه مصدر هذين الأسدين, إلا أن جورجيو بوتشيلاتي استبعد شرمولا لعدم وجود سويات تعود للألف الثالث ق.م مما دفعه لاختيار تل موزان، حيث باشر بالتنقيبات فيه منذ عام 1984 وتوصل بعد عقد من الزمن إلى أن تل موزان هو مصدر الأسدين وهو العاصمة الحورية.
تل موزان، أو ما يعرف تاريخياً بأوركيش، يقع في الطرف الشمالي الشرقي من سوريا ضمن مثلث حوض الخابور العلوي, بالقرب من بلدة عامودا, ويبعد التل عن مدينة قامشلو حوالي 20كم غرباً، ويعتبر أحد أكبر المواقع الأثرية العائدة لفترة الألف الثالث والثاني قبل الميلاد، وأحد أولى المراكز الدينية في شمال ميزوبوتاميا, وتكمن أهميته كونه يقع في سهل مروي بشكل جيد بجانب وادي دارا، ضمن مثلث الخابور حيث المعدلات العالية لهطول الأمطار والتربة الخصبة إلى جانب البيئة النباتية الغنية التي كانت تحيط به ليبدو أشبه ما يكون بمحمية طبيعية.
شكّل الموقع عبر تاريخه ممراً لمرور القوافل التجارية بين الشمال والجنوب, حيث مرتفعات الأناضول الغنية بالمواد الطبيعية الخام كالنحاس وربما القصدير، وبين الحضارة المدنية في الجنوب, وذلك عبر الممرات الجبلية, وكذلك بين الشرق والغرب بمحاذاة جبال طوروس, ناهيك عن أنه كان بمثابة البوابة التي تقود إلى مناجم النحاس في الشمال عبر ممر ماردين الاستراتيجي، وبالتالي كان بمثابة البوابة الرئيسية لتجارة المعادن في تاريخ سوريا. فقد كان أوركيش ضمن منطقة عبور التجار الآشوريين إلى كانيش (كبادوكيا) في وسط الأناضول منذ بدايات الألف الثاني قبل الميلاد, وكان الحوريون يشاركونهم في هذه التجارة, وفي الألف الثالث قبل الميلاد سبق الأكاديون الآشوريين في الوصول لمصادر الطاقة في المناطق الجبلية وذلك بالتحالف مع الحوريين في أوركيش.
يقول أكريمانز وشوارتز “إنّ تموضع أوركيش في الحافة الشمالية لسهول الخابور بالقرب من ممر ماردين جعله يتحكم بالطريق الذي يقود إلى مناجم النحاس والحجر والخشب في شرق الأناضول عند مدينة آمد”.
تبلغ مساحة المدينة العليا لأوركيش حوالي 30 هكتاراً وتشكل مع المدينة المنخفضة المحيطة بها ما بين 130-150 هكتاراً.
بدأت أولى عمليات التنقيب في الموقع عام 1934م من قبل البعثة الإنكليزية بإدارة ماكس مالوان Max Malowan عبر إجرائه لأسبار صغيرة، في حين أن التنقيبات النظامية في الموقع بدأت عام 1984 من قبل البعثة الأمريكية بإدارة مارلين وجورجيو بوتشيلاتي Marilyn and Giorgio Buccellati، وتمكنت البعثة بعد عشر سنين من العمل المتواصل من اكتشاف هوية أوركيش الحورية وذلك عام 1995 بعد العثور على طبعة ختم في القصر الملكي كتب عليها توبكيش حاكم أوركيش.
No Result
View All Result