وجودية العلاقة بين باشور وحزب العمال

آلدار خليل –

الاختلاف في الرؤى ووجهات النظر بين القوى الكردستانية حالة طبيعية عندما نحلل ونقيم الوضع الكردي في المنطقة، من الطبيعي أن يكون هناك خصوصيات معينة وكذلك تعاطي معين مع بعض القضايا والمواقف في منطقتنا. لكن؛ بالمحصلة لا بد من أن يكون الهدف واحداً وتكون الرؤية والمواقف من القضية الكردية ووجودها من عدمها واحدة. بحيث لا يكون هناك تأثير لهذه الخصوصيات على الموقف العام من القضية الكردية ومبادئها الأساسية التي جميع الكرد يناضلون من أجلها وأن تعدد شكل الدفاع والنضال.

حينما تتوحد جهود الكرد في الأجزاء الأربعة ذلك مكسب كردستاني كبير ولكنها خطوة غير مقبولة لدى الكثير من الأطراف، محاربتهم لهذه التوجهات بشكل مباشر أيضاً غير كاف وبالتالي لا بد من أن يجدوا صيغ معينة يقاتلون الكرد فيها بسيوف كردية، وعند تناول الحالة الكردية الحالية بوجهة نظر تحليلية واقعية، ولو تمعنا في تجربة باشور كردستان، هذه التجربة التي تحققت بفعل نضال وتضحيات شعب باشور، حيث سنوات من النضال والتعرض المباشر للإبادة. لكن؛ يجب أن نفهم أن هنالك عوامل أخرى تساعد في تقديم تجربة باشور على إنها الشكل الأمثل لحل القضية الكردية في المنطقة، وبالرغم من وجود عداء مبطن لها لكن يتم التعاطي الإيجابي ظاهرياً فقط من أجل إظهار وكأن الخطر ينبع من قوى كردستانية أخرى عليها مثل حزب العمال الكردستاني الذي تقدمه تركيا على إنه خطر على باشور وعلى الكرد.

عملياً اليوم حزب العمال الكردستاني له رؤية معينة ويناضل لأهداف معينة يريد من خلالها ضمان الحلول المناسبة للقضية الكردية، هذه رؤية ولأحزاب باشور أيضاً رؤية معينة. لكن؛ لأن القوى المعارضة لطموحات وحقوق الكرد في أجزاء كردستان ترى طرح حزب العمال هو خطر عليها لاعتبارات أهمها أنه يناضل في أكبر ساحة كردستانية وهي باكور كردستان فإنهم يريدون إظهار خطر حزب العمال عليهم على إنه خطر على تجربة باشور لا عليهم كي يقضوا على ما يحقق الطموحات الكردية والتي بالمحصلة خطر عليهم بالذات وفق ذهنيتهم. أي يريدون إبعاد الخطر عن أنفسهم بأيادٍ كردية لضمان مصلحتهم بالدرجة الأولى.

من زاوية أخرى لو طرحت القوى في باشور كردستان أي مشروع وطني حقيقي اذا ما تم الحد من دور  حزب العمال كلياً على سبيل المثال فحتماً سيتم استهداف باشور من قبل هذه القوى والدول المناهضة وفي مقدمتهم تركيا! ورأينا هذا الأمر في الاستفتاء الذي أجراه باشور كردستان في عام 2017 كيف وقفت ضده كل من يقولون اليوم بأن حزب العمال هو خطر على المنطقة، إذاً الخطر لديهم هو الذي يحقق المصلحة الكردستانية بالدرجة الأولى.

هم ومن أجل محاربة حزب العمال يدعمون تجربة باشور. لكن؛ لو زال خطر حزب العمال حسب وصفهم وقتها لن يتوانوا عن الهجوم على باشور ولو للحظة، إذاً مصير الكرد مرتبط ببعضهم البعض ومن الخطأ أن يتناول أحد هذه المسألة بجزئية. لا أمان على باشور حينما يكون حزب العمال في خطر وكذلك روجهلات وباكور  وروج آفا والعكس صحيح. تركيا ترى اليوم في أنها هي من تتحكم بالكرد وحتى تجربة باشور تراها تركيا بإنها حسب ما يرضيها وما يناسبها وأي تطور عن هذه المستويات ستكون هذه التجربة هدفاً لتركيا وقالها أردوغان علناً إبان الاستفتاء الأخير في باشور؛ متى ما أغلقنا الصنبور لن يصمد باشور كردستان أو شمال العراق كما يصف هو لأيام هذه هي حقيقته وحقيقة تركيا.

 العدو لديه أولويات في محاربة الكرد، عندما يتم القضاء على حزب العمال أو يتم الحد من دوره ستتحول كل القواعد العسكرية التركية الموجودة في باشور لنقاط هجوم مباشر على باشور، القوى السياسية والمجتمعية وعموم الفعاليات في باشور عليهم أن يدركوا هذه الحقائق. الوجود المستدام لباشور مرتبط بفاعلية حزب العمال الكردستاني ودوره الفّعال، أي خطر على حزب العمال هو خطر على هوية باشور ووجوده. كما وبدون وجود حزب العمال لا أحد يولي الاهتمام كما هو الآن لباشور لا، بل سيهاجمونه. نحن لسنا بوارد الحديث عن المواقف الجيدة من غيرها لكن لابد من ألا يتم تجاهل هذه الحقائق. الحسابات التي تتم على أي طرف يقف مع أي كردي وبالموازاة يقف ضد كردي آخر هي حسابات خاطئة ورهان خاسر غير صحيح أبداً. من الخطأ أن يتم فصل مواقف تركيا من بعضها البعض فهي مواقف عدائية بحتة ضد الكرد، إيجابية علاقاتها مع باشور لا يعني إنها تود وتحب الكرد لأنها بالمقابل تعادي حزب العمال. هذه المعادلة تلزم شعبنا والاحزاب في باشور بأن يعرفوا بأن هوية باشور مستهدفة قبل كل شيء عندما يُحاك أي مخطط ضد حزب العمال.