سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

التدخين آفة تدمر مستقبل المراهقين

تقرير/ ليلاف أحمد-

روناهي/ قامشلو ـ تعد ظاهرة التدخين من الظواهر الاجتماعية السّيئة التي انتشرت بين فئات المجتمع بشكلٍ كبير، ولا شك بأن التدخين ليست بظاهرة غريبة في أي مجتمع من العالم، ولكن من أخطر الفئات التي تظهر فيها بشكل واضح فئة المراهقين، تشمل الأطفال الذين لم يصلوا إلى مرحلة النضوج والاستقرار، فتتراوح أعمارهم ما بين 12 سنة إلى 18سنة تقريباً؛ فالتدخين بشكل عام له مضار عديدة، حيث يحتوي على مواد كيميائية سامة وخطرة تضر بصحة الإنسان، وأبرزها سرطان الرئة والفم وأمراض اللثة، وأمراض القلب، والتعرض إلى السكتات القلبية المفاجئة؛ لذلك لا بدّ من حماية الأطفال والمراهقين وتوعيتهم بخطورة التدخين.
عبد الرحمن وهو في السادسة عشر من العمر؛ قادته الرغبة في تدخين السجائر، وأصبح لجوؤه إلى التدخين يشعره بزوال الضغط والشعور بالطمأنينة بقوله: “عندما أدخن أشعر بالراحة”، مضيفاً في حديثه أنه لم يتعرض لأي ضغط من قبل أهله؛ ولكن المجتمع هو من أفسد مزاجه، ويقول: “أعلم أن للتدخين أخطاراً كبيرة لكن في مجتمعنا بات التدخين أقل ما يمكن أن تشاهده”.
التدخين “للرجال”
يضيف عبد الرحمن بقوله أنه لطالما كان التدخين بالنسبة له بلوغه درجة من العلو، قائلاً: “عندما كنت أرى رجلاً يدخن كنت أتمنى لو أستطيع التدخين مثله”، مشيراً إلى أنه بالتدخين يشعر أنه أكبر بكثير مما هو عليه الآن، وتميزه بالسيادة والاعتماد على نفسه في أمور الحياة.
 الواقع لا يبشر بالخير.. والمستقبل مجهول
(م. ر) طالب في الثانوية، منذ خمس سنوات اعتاد على تدخين السجائر دون علم أهله، يدخن وقتما تضيق به الحياة، وهو يعلم أن هذا الأمر يضيع مستقبله بقوله “أشعر بالضيق الكبير من دراستي وعدم فهمي لما يجري حولي من سوء الدراسة وعلى أي طريق نحن نسير وأوضاع البلاد والحرب”، على هذا النحو من المسائلة والحيرة، أضاف في حديثه دور رفاق السوء في انتشاره بشكل أوسع، وهو الآن في حالة من الكبرياء لا يمكنه التنازل عنه فالتدخين في بداية الأمر مغامرة ورغبة وتليها مرحلة الكبرياء ومن ثم الندم.
سعاد محمد أم لولد وحيد بيّنت المخاطر والأسباب التي تؤدي إلى دفع المراهقين للتدخين بالسر وبالعلن بقولها: “لطالما كانت مخاوفي في الآونة الأخيرة تزداد والشك هل لدى ابني أفكار وميول تؤدي به في تدخين السجائر، وبذلك تتدهور صحته، فكان لمراقبتي لابني وتوعيتي له حتى بلوغه سن الرشد أثرٌ إيجابي”. وأضافت في حديثها السبب الأهم للتدخين ألا وهو الواقع المتردي الذي يعيشه الطفل، ومن ثم يكبر فيجد التدخين حلاً صائباً فيلجأ إليه.
وصرّح نائب هيئة الصحة محمد عبد العزيز بأنه لا يوجد إحصائية لعدد المراهقين للذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، وأن ثمة هناك مخططات توعوية ضمن الإجراءات المقبلة لنهاية هذه السنة.
الأسرة يجب أن تقدم الدعم اللازم لأفرادها
وكان لقاؤنا بشأن ذلك مع الدكتور ماجد فهيم محمد، أخصائي الأمراض النفسية، موضحاً الأسباب والأضرار وطرق الإقلاع عن التدخين؛ فالأسباب الاجتماعية كثيرة، كمرافقة أصدقاء مدخنين، وخوفاً من انتهاء علاقته بهم في حال لم يدخن، أو لأن أحد والديه يدخن أو كدلالة على التمرد والإحساس بالاستقلالية، بالإضافة إلى الملل الذي قد ينتاب مزاجه فيلجأ إلى التدخين كوسيلة للتسلية، بالإضافة إلى التفكك الأسري الذي هو سبب غياب الاهتمام والرقابة على سلوكيات المراهق.
 أضاف الدكتور فهيم أن من أحد الأسباب أيضاً الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الإعلام، عندما يظهر المشاهير وأبطال الأفلام وهم يدخنون بالإضافة إلى الترويج لبعض أنواع التبغ، وقد أدلى لنا في حديثه عن بعض أضرار التدخين، وهو ضعف الأداء البدني، التسبب في أمراض مزمنة وخطيرة في الجهاز التنفسي، أمراض القلب، السرطانات، ضعف القدرة الجنسية والتسبب في القعم.
الوسائل المهمة التي نصح بها الدكتور ماجد فهيم لجعل المراهق يقلع عن التدخين، محاورة المراهق بطريقة إيجابية وأسلوب داعم عن سبب إقباله على التدخين، وتوضيح الأضرار التي قد ينجم عنه، إقلاع المدخنين في نفس الأسرة لتشجيع المراهق على ترك التدخين، إشغال وقت المراهق بأعمال مفيدة ومسلية حتى لا يلجأ للتدخين كوسيلة للهرب من الملل والضجر، منع التدخين في الأماكن العامة، إيقاف الحملات الدعائية التي تروج للتدخين وتغري المراهقين لتجربة الدخان.
هناك مراهقين مدمنين على التدخين، والإدمان أمر يصعب تخطيه بسهولة، فأشار الطبيب ماجد فهيم محمد إلى ضرورة معالجة الإدمان بالوسائل العلاجية الممكنة، سواء بالعلاج النفسي السلوكي أو وصف أدوية محددة للتخفيف من الرغبة في التدخين وذلك تحت إشراف طبيب أو أخصائي نفسي.
وفي هذا الامر كتب العديد من الكُتاب ليبرزوا أضرار التدخين ومنها هذه القصيدة:
أمــا أنــا فــاسـمـع بـدايــة قـصتي مـنـذ الـــتحـقـت بـشلـة الأقـران..    لــم يـعـلم الأبــوان أيـن تـسـكـعـي بـحثـاً عــن الأعقــاب والـعـيـدان
لــم تـمـضِ إلا أشـهر حتى غـدت سـيـجـارة .. طــوع بناني.. فـي الـعـيد كـانت فرصتي ذهبـية الـجيب مـملوء أبـي أعطاني
تـابـعـت أفـلام الـــبـطـولة مغرماً ومـشـاهـد الـتـدخـين كل ثــواني.. أيــقـنـت أن الــتـبـغ شـــرط لازم كـي أنـتـمـي لــفصيـلة الشجعان
سيـجارة الأسـتاذ فــي مدرسـتي كـانـت كوحي الـجـن و…. أذعـنـت بالـــتدخـيـن دون تـردد وبـدأت بـعـد الـــــسر بالإعــلان
فــــأبي يـدخـن والـمـعـلم قـدوتي وكلاهــمــا بســــــلوكه أغـواني.. وطبـيـبنا في الـــحي كان مدخناً فـجـعلــــــته تـرسـاً لـمـن ينهاني
جـاوزت مــرحـلـة الـــشبـاب وبـعـدهـا مـالـت بـصـدري كـفـة الـمـيـزان.. أصبحت ألهث إن مشيت بسرعة والــــقلب يخفق والسعال أتاني
أنـفـقت أمـوالــي أهـنـت إرادتــي كي لا يُصاب الـــتبغ بالخذلان.. هذا اللدود جعلته لــي صاحباً أردفته خلـــــفي فباع حصاني
لــم أتعظ مما جرى للسابقين وصمدت لكن فزت بالخُسران.. هذه حكاية من يذوب نـــدامة فـاحذر صديقي أن تكون الثاني