إعداد/ صلاح إيبو –
بعد أيام من صدور ملفٍ توثيقي من اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق التابعة لمكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وكشفت اللجنة خلالها جرائم وانتهاكات للفصائل السورية الموالية لتركيا والمرتزقة التابعة لها، وتحمل اتهاماً ضمنياً لتركيا بمسؤوليتها عن الانتهاكات ومطالبتها بوضع حدٍّ لها، إلا أن هذه الانتهاكات لم تتوقف بل تزايدت، شهد شهر أيلول كباقي أشهر السنة في عفرين اختطاف العشرات من المدنيين الكرد، وسلب ممتلكاتهم في الوقت الذي يتخوف المزارعون مما قد يصدر من قرارات يحاول عبرها الاحتلال التركي سرقة موسم الزيتون هذا العام أيضاً، إضافة لاستمرار عمليات نهب الآثار
تخريب تل عبد الرحمن في جنديرس
أكدت مديرية الآثار في إقليم عفرين أن الاحتلال التركي والمسلحين الموالين له، أقدموا على تدمير تل الشيخ عبد الرحمن الأثري بناحية جندريسه ونهبوا بعض اللقى الأثرية منه.
ويقع تل الشيخ عبد الرحمن جنوب غرب مدينة عفرين على بعد ( 17 ) كم ويتبع إدارياً لناحية جنديرس, وهو من التلال الأثرية المسجلة لدى المديرية العامة للآثار السورية منذ عام 1981 بالقرار 244 / آ ولم تجرِ فيه أية تنقيبات أثرية قبل الاحتلال التركي.
بتاريخ 28/ 9/ 2020 حصلت مديرية الآثار في عفرين على صورة فضائية تعود إلى تاريخ 14 / 7 / 2019، تثبت تعرض التل الأثري لعمليات حفر تخريبية بالآليات الثقيلة، وتم التأكد من صحة الصور من مصادر خاصة بالمديرية من داخل المنطقة.
وتظهر الصورة الفضائية الآلية الثقيلة وهي تعمل في التل الأثري وتقوم بتدمير طبقاته حيث تم تقدير المساحة الأكثر تخريباً بـ 5000 م2 بناءً على مقياس المساحات المتوفر في برنامج غوغل إيرث حتى تاريخ الصورة الفضائية 14 / 7 / 2019 وقالت المديرية عبر تقرير خاص نشرته على صفحتها الرسمية “لا نعلم تماماً المساحة الكلية للحفر بتاريخ يومنا هذا, كما لا نعلم شيئاً عن القطع واللقى الأثرية التي تم استخراجها ونهبها وتصديرها من قبل الاحتلال التركي ومواليه ضمن سياسة الإبادة التاريخية للإرث الحضاري لمنطقة عفرين وسكانها الأصليين”.
لكن مصادر مقربة من المديرية أكدت لصحيفتنا أن لقى أثرية هُربت من التل الأثري في ناحية جنديرس، لكن لم يعرف حجمها أو الجهة التي قامت باستخراجها، ويسيطر جيش الاحتلال التركي بشكل كبير على كافة مفاصل الحياة في ناحية جنديرس على عكس باقي مناطق عفرين، ما يؤكد ضلوع سلطات الاحتلال التركية المباشرة في عملية التنقيب غير الشرعية هذه في تل عبد الرحمن.
عمليات الخطف مستمرة/ 70 حالة موثقة خلال شهر أيلول
أشارت منظمات عدة، عاملة في مجال توثيق انتهاكات الفصائل المرتزقة لتركيا والجيش التركي في عفرين والشمال السوري، إلى عشرات الحالات من الخطف والسطو، وقال مركز توثيق الانتهاكات في الشمال السوري أن أكثر من 70 مدنياً من بينهم موظفون في المجالس المحلية المشكلة من قبل سلطات الاحتلال تعرضوا للخطف والاعتقال خلال شهر أيلول الماضي.
وتُشير الإحصائيات الصادرة عن منظمات عدة، تجاوز عدد المدنيين المختطفين في عفرين ونواحيها الـ6600 مدنياً منذ بدء الاحتلال التركي للمنطقة، فيما يظل مصير قرابة 3000 منهم مجهولاً.
وقال مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا أن القوات التركية والجماعات السورية المسلحة المدعومة منها تواصل ارتكاب المزيد من الانتهاكات ولا يكترثون لدعوات وقف عمليات المداهمة اليومية واعتقال المواطنين وخطفهم بدافع الحصول على الفدية ومنع ذويهم من معرفة مكان احتجازهم أو أسبابه ورفض عرضهم على المحاكمة ومنعهم من توكيل محامي.
وبلغ عدد المختطفين خلال شهر آب المنصرم (100) شخص، بينهم أربع نساء وطفل، هؤلاء الذين تمكن المركز من توثيق أسمائهم، فيما العدد الفعلي أكثر من ذلك لا سيما أنّ هنالك أسماء تحفظت عائلاتهم على ذكرها بحسب تقرير نشر على موقعه الرسمي، إضافة لحالات اعتقال لم يتم الوصول إليها، كما “وتم متابعة وتوثيق مقتل مدنيين تحت التعذيب، وحالات انتهاك متعددة، كما وتم توثيق تعرض أكثر من 14 معتقلاً للتعذيب، وسجلت حالتي وفاة تحت التعذيب، وحالتين لقتل المسنين” ليبلغ العدد الإجمالي اكثر من 170 حالة خطف خلال شهرين فقط.
125 حالة قتل تحت التعذيب في مناطق الاحتلال التركي
ويحمل مركز التوثيق حكومة الاحتلال التركي في عفرين والشمال السوري مسؤولية الانتهاكات هذه
بالقول “إطلاق فوضى العسكر وعشرات المجموعات الإرهابية، هي سياسة تركية متعمّدة؛ لكنّها تتم بأيدي “الجماعات السورية المسلحة” تحت اسم “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة/ الائتلاف، فكل ذلك يجري تحت أعين القوات التركية وبمشاركتها”.
إذ بات السائد في هذه المنطقة عمليات نهب منظّمة يومية، وعمليات الاستيلاء على منازل وممتلكات الناس ومواسم الزيتون، وقطع الأشجار وغيرها إضافة للاعتقالات التعسفية اليومية، وخطف الناس كرهائن مقابل فدية مالية، والتضييق على السكان، ووثق المركز مقتل نحو 125 معتقلاً تحت التعذيب منذ آذار 2018 في عموم المناطق السورية الخاضعة للمحتل التركي شمال سوريا.
وتسبب الهجوم التركي وتوغله في شمال سوريا في مقتل (2160) شخصاً حتى الآن حسب تقارير أعدها مركز توثيق الانتهاكات، وقتل منهم تحت التعذيب 125 شخصاً في سجون الميليشيات المسلحة المدعومة من تركيا. كما طالت الاعتقالات (6790) شخصاً، وتم توثيق تعرض (908) شخص للتعذيب، تم الإفراج عن قرابة 4050 منهم، فيما مايزال مصير بقية المعتقلين مجهولاً، وقد بلغ عدد من عُرض الإفرج عنه مقابل فدية مالية 1010 أشخاص، وهذه الأرقام موثقة من قبل مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا.