رغم تجربتها القصيرة والمتواضعة في الكتابة الشعرية، لكنها تمتلك البنية المعرفية واللغوية، لدراستها الجامعية في حقل الأدب والإعلام، إضافة لروحها النقية التي امتزجت بلغة الشعر وبوحه، فهي تكتب بعفوية ونقاء روحها، وتكسب للنص فكرها العميق، وتمنحه رقة أحاسيسها، ورهافة مشاعرها وتتماهي الحدود ما بين تخوم وطن جريح، وقلبها المكلوم، فالشعر عندها لغة خاصة، تخاطب بها أرواحاً ربما غدروا بها، أو نكثوا بعهود ومواثيق الحب والعهد، تمارس تقنية شعرية ضمن نصوصها الصغيرة وعبر مفردات، وجمل قصيرة تمتلك الانتقال السريع نحو بناء وإنجاز الفكرة التي تسعى إليها بسهولة وإتقان إبداعي ملحوظ، فمن استهلال يتضمن جغرافية المكان ورمزيته (الشمال الشام) عبر تناغم ما بين مفردات تحمل النقاء الروحي والإخلاص لروح المكان ولذاكرة لا زالت طرية ومتقدة (رياح عطر رائحة) ذاك الاستهلال يتشابك عبر مفردة “ياسمين” حيث هي الشام والمكان والعطر، ويتحول كل ذاك المشهد الشعري المتسربل بالعبير والنقاء إلى مجهول غدر بها بعدما غادرها بعيداً…
تعود إلى تشكيل حوار افتراضي مع نفسها عبر إثارة أسئلة تكاد تكتشف لنا إجابات لتحيي في الرماد ناراً، وتنتهي بفكرة تمنحها نمط الحكمة، عبر تفعيلة موزونة وكأنها صدر بيت شعري خذله عجزه، فتختم النص بحكمة عميقة مشاركة “امها” وكان من الممكن أن يكون شخصاً آخر أو ضفة أخرى، لكن الأم هنا هي الأكثر التصاقاً بخبايا قلب الابنة، وخفاياه الموجعة، فأي قلب قلبها، وأي خبز ذاك الذي من حنطة روحها، ومن ذاك الذي حلت عليه لعناتها، فيبقى أسير مواسم الجوع رغم كل بيادر الاكتمال الشهية التي منحته بكل نقاء وصدق في محراب العطر والياسمين والعشق…
هكذا وبهذا العمق وعبر نص رشيق، سريع التنقل ما بين زمن وزمن، ومن مكان إلى آخر عناصره ذاكرة العطر وبوح نقي يتمازجان ضمن خط درامي يتقاطعان عند عقدة إحدى طرفيها الحب والألم، والأخر الندم والعتاب…
رنا صعب، اسم شعري سيكتب لها أن تسمو بقامتها الأدبية في حقول الأدب، وبستان الشعر في مقبل الأيام، موهبة تمضي في فضاء السرد الشعري بنقاء مشرق وثقة لا محدودة…