الشعب يُقرّر والحكومات تشكوا

استيرك كلو –

منذ إن بدأ الاحتلال التركي بتوسيع هجماته تحت ذرائع عديدة وخاصة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية منذ 1918، والشعب في المنطقة يناهض هذه السياسة خلافاً على مصالح الأنظمة الحاكمة التي ركعت كثيراً أمام هذا التوسع من خلال تنازلات وصلت بها إلى حد الاستسلام. وإذا ما تطلعنا إلى المشهد في المنطقة وتابعنا سير التوسع التركي سنجد مدى خطورة هذه السياسة في هذه المرحلة بكل تفاصيلها. الدولة التركية قسمت سوريا باحتلالها لجرابلس والباب وإعزاز وعفرين وتل أبيض/ كري سبي وسري كانيه/ رأس العين وهذه المدن التي تعتبر الخاصرة المرنة للجغرافية السورية وعملياً تعني احتلال سوريا وتقسيمها إلى جانب الاستيلاء على بوابة الخليج لتكون السيد في الأسطول عبر احتلالها المضائق الأساسية، لذا فأن غزوها لليبيا كان أمراً محتماً لتحقيق هذا المأرب الذي يؤثر بدوره على المغرب العربي كاملاً، أما في العراق فأن سياساتها كانت أكثر تأثيراً لوجود بعض القوى التي كانت الحاضنة الناعمة لها في احتلالها لجنوب (باشور) كردستان والاستمرار بحرب الإبادة ضد الشعب الكردي وذلك بذريعة وجود حزب العمال الكردستاني رغم أن الكل بات يعرف بأن تركيا تحولت إلى مركز لتعبئة الإرهاب وعلى خلاف مع قوانين الجيرة منذ عقود.

زادت شكاوي بعض الدول بوزرائها في كل من العراق ومصر والإمارات وحتى الجامعة العربية من السياسة التركية ولكن باعتقادي أن ورقة الشكوى مازالت لم تصل إلى بريد مجلس الأمن، هل فعلاً هذه الدول على قناعة بأنه وعبر الشكاوي سيتوقف أردوغان من غزوه بدءاً من اليونان وإلى امتداد المغرب العربي. أعلن السيسي مؤخراً باستعداد جيشه للحرب في حال احتلال تركيا لـ “سرت”، ولكن المسألة لا تتوقف هنا بل تتوقف على تقوية الساعد الديمقراطي في مواجهة هذه السياسة التي توجه بالمنطقة على الجحيم. في هذا الخصوص تحديداً ضرب الشعب بقضبته على الطاولة من خلال الانتفاضة ضد هذه السياسة وليس انتظاراً لأي قرار تصدره الجهات الخارجية رغم إننا على علم بالملفات المغبرة تحت طاولة الناتو والتي تعتبر تركيا بعضويتها لهذه الحلف محل فخر لها منذ إعلان عضويتها رسمياً. الشعب الكردي والعربي في سوريا وليبيا تحديداً اتخذ قراره في مواجهة هذه السياسة التي تحاول تركيا من خلالها إبادة الشعوب والقضاء على ثقافتها وتجويعها إلى حد الاستسلام. الشعب لا يشكو في هذه الحالة بل يقرر وهذه هي الإرادة الحرة التي يبديها في هذه المرحلة التي حطم فيها جدار خوفه ليثبت مطلبه في الديمقراطية والحرية. ففي جنوب كردستان وتحت سقف جميع الضغوطات من قصف وقتل، خرج الآلاف ضد هجمات الاحتلال التركي على جنوب كردستان والمرأة كانت في الصدارة مثل تارا حسين تنديداً بسياسة تحويل جنوب كردستان إلى قاعدة تركية لغزو الأراضي الكردستانية والعراقية. بالطبع أن مصدر هذه الإرادة لم تكن مصالح بعض الأحزاب الكردية في جنوب كردستان من أمثال حزب الديمقراطي الكردستاني بل المصدر هو إرادة الكريلا التي واجهت وتواجه كافة أشكال الاحتلال من دون تمييز بين أي جزء كردستاني وتتخذ من المصلحة الوطنية الكردستانية أساساً في نهجها. الشعب يقرر إرادته السياسية إلى أن تجد شكاوي الوزراء والحكومات رداً!