سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

​​​​​​​صالح مسلم: “ما نُطبقه في شمال سوريا مشروع وطني ديمقراطي”

أكد الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي والناطق باسم الحزب صالح مسلم أن الوحدة الوطنية سبيل لإنهاء الاحتلال والانقسام والتصدي لدولة الاحتلال التركي وأشار إلى أنّ مشروع الإدارة الذاتية مشروع ديمقراطي وطني وهو المشروع الأنسب لحلّ الأزمة السورية. وشدد على ضرورة مقاضاة مرتزقة داعش عبر إقامة محكمة دولية في شمال وشرق سوريا.
 جاء ذلك في لقاء لوكالة أنباء هاوار معه؛ حول آخر التطورات التي شهدها 2019، مقدماً تقييمه فيما يتعلق بالوحدة الكردية، وضرورتها في هذه المرحلة المصيرية التي تمر بها شعوب المنطقة،
الوحدة الوطنية.. العراقيل وسُبل الحل
وحول الوحدة الوطنية؛ قال صالح مسلم: “كنا قبل ثورة روج آفا وسوريا نطالب بالوحدة ونحاول الوصول إلى تقارب فيما بين الأحزاب، لكن كان هناك تهرّب دائم من قبل البعض، كانوا يرون بأنهم سوف يكونون في مرمى هدف العدو، والكثير من الدول المستعمرة والمهيمنة. لذا؛ نقول بأن الوحدة تتطلب جسارة وخطوات جسورة، وهذا لا يوجد لدى البعض من الأحزاب”.
وأردف مسلم بالقول: “بعض الأحزاب، وإلى الآن، يحسبون حسابات كثيرة لمحيطهم، ويترنحون حسب الهواء الخارجي، وليس هواء الداخل الكردي، فبالنسبة للشعب في الأجزاء الأربعة، والمَهجر، فهم واضحون جداً فيما يتعلق بالوحدة الوطنية، فالشعب واحد ومتضامن وهذا تبين في كوباني، حيث فيها شهداء من كل جزء ومن كل مدينة ومنطقة، وعندما يكون الموضوع متعلقاً بالكرامة والهوية وخطر الإبادة، فالشعب يلبي النداء ولديه الجسارة، والذين لا يملكون الجسارة هم الأحزاب المرتبطون والتابعون”.
وفي خضم حديثه عن ضرورة الوحدة الوطنية؛ قال مسلم: “الوحدة الوطنية مطلب الجميع، والكرد جميعهم يطالبون بها، وحتى غير الكرد يطالبون بها؛ لأن الذين يعيشون معنا حياة تشاركية، يرون خلاصهم أيضاً بالوحدة الوطنية، لأن فيها قوة وطريق واضح لحماية المكتسبات، وباقي الشعوب أيضاً هكذا تنظر، لا سيما بعد رؤية الكرد أن مشروعهم الديمقراطي والوطني يحقق أمانيهم أيضاً في الحرية والكرامة. فمن لا يريد الوحدة اليوم في كردستان؟”.
وكان المؤتمر الوطني الكردستاني قد أطلق مبادرة في روج آفا، بداية شهر كانون الثاني المنصرم، وعقد عدة اجتماعات، وشكّل لجنة للتباحث مع جميع الأحزاب السياسية والتنظيمات الاجتماعية، وخرج بمسودة ميثاق لتمكين الوحدة عبر خطوات عملية.
هناك تفاؤل بالمستقبل
وقال صالح مسلم فيما يتعلق بهذه المبادرة: “المؤتمر الوطني الكردستاني يعمل بجد وبوضوح منذ نشأته، والشعب الكردي بمطلبه في الوحدة صريح ويقدّم التضحية في سبيلها، وأريد القول هنا بأن الشعب توصل إلى مرحلة هامة وكبيرة، بصدد الوحدة في 2019، وهناك تفاؤل بالمستقبل، وهذا ليس متعلقاً فقط بالأحزاب السياسية فقط بل هناك مؤسسات اجتماعية كثيرة، وكل هذا يكمل بعضه البعض لبناء الوحدة الوطنية فبالأحزاب وحدها لا يمكن تمثيل الشعب”.
مرحلة ما بعد داعش وتأثيرها على المنطقة
فيما يخص نهاية داعش جغرافياً على يد قوات سوريا الديمقراطية، والبدء بمرحلة جديدة في حرب الأخيرة على الإرهاب في المنطقة، أشار مسلم إلى أنهم قد درسوا بجدية، مرحلة ما بعد داعش، لكن الدول الأخرى كانت ذات نظرة قصيرة المدى ولم تضع خططها للمرحلة القادمة، فيما يخص هذا الإرهاب العالمي، مُشدداً على ضرورة إقامة محكمة دولية في المنطقة، لمحاكمة الإرهابيين والدول التي تورّطت في دعمهم وتوجيههم.
داعش ظهر بفعل بعض القوى الإقليمية
وقال مسلم في مستهل حديثه عن هذا الموضوع: “مع بداية الثورة السورية، وبعد تأزّم وضعها لم يكن هناك داعش، ولم يكن هناك تلك المجموعات المرتزقة والمتطرفة، كانت ثورة سلمية، تمثلت بالتظاهرات. لكن؛ تحولت إلى ثورة مسلحة، النظام من طرفه ضرب بيد من حديد، والأطراف الأخرى أيضاً حملت السلاح، وبالرغم من تحرك الإخوان المسلمين، وبعض الجماعات الجهادية، لكن لم يظهر وقتها داعش. كانت جميع الدول التي تهدف إلى تغيير النظام في سوريا، تقبل وتعترف بجميع الفصائل والجماعات المسلحة في سوريا”.
وأردف: “لكن عند ظهور داعش كان محط استغراب الجميع، خاصة لما يحمله من فكر وسواد أفعال، فكان واضحاً بأنها ظهرت بفعل بعض القوى الإقليمية، لمصالح تخدم دولهم في المنطقة. وما زاد من تخوف العالم هي عملياته، التي استهدفت معظم دول العالم من قتل وتفجيرات وهجمات”.
ظهور داعش بالدرجة الأولى كان لإبادة الشعب الكردي
وتابع: “إن ظهور داعش بالدرجة الأولى كان لإبادة الشعب الكردي، ومن معه في مناطقه، والداعم بالدرجة الأولى له كانت تركيا ولا زالت؛ لأنه  يخدم مصالحها بالدرجة الأولى. لذلك؛ هاجم داعش شنكال ووصل إلى حدود هولير وشكّل جبهة على كامل خط روج آفا وباشور وتوجه نحو كوباني بهدف إبادة الكرد في المنطقة”.
وأضاف: “وبما أن هذه المجموعات الإرهابية كانت خطراً عالمياً، ولا يوجد غير الكرد يحاربهم، من خلال وحدات حماية الشعب والمرأة، فأجبرت التحالف الدولي بالتعاون والتدخل لصد هذا الإرهاب، وحدث ما حدث في كوباني، وكُسر داعش ليتم هزيمته في الباغوز”.
وقال مسلم عن مرحلة ما بعد داعش، وما سوف يؤول إليه العالم في حال تراخت الدول في الحرب ضده بمرحلة جديدة: “العالم كان يفكر فقط كيف ينتهي داعش وقدم كافة الدعم لإنهائه. ولكن؛ بعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية إنهاء داعش جغرافياً بالتنسيق مع التحالف، كانت نتائج هذه الحرب التي لا تزال مستمرة على الإرهاب، هي أكثر من 70 ألف من نساء داعش وأطفالهم، وآلاف العناصر الذين تم أسرهم وإلقاء القبض عليهم، وهم الآن في عشرات السجون بمناطق شمال وشرق سوريا”.
وأضاف مسلم: “نحن نعلم ما بعد انتهاء داعش جغرافياً. لكن؛ الآخرون لم يضعوا أية خطط بهذا الصدد، فهم كانوا يفكرون فقط بإنهاء داعش وقتل زعيمهم لينتهي، لكن داعش هو فكر وذهنية، ومثل هذه التنظيمات لا تحتاج إلى جغرافية محددة لتقوم بالإرهاب، بل يتحرك على شكل خلايا، وسوف يضرب كافة الدول، أكثر من قبل إن لم يوضع لها الحد والبدء بمرحلة جديدة في الحرب ضد داعش، فبالنسبة لنا لم تنتهِ ولا نزال نحاربه في كل نقطة من المنطقة”.
الاحتلال التركي السبب الرئيسي لظهور داعش
وفي سياق حديثه؛ أكد مسلم بالقول: “جرائم داعش كانت عالمية وفي كل دولة، لذلك طالبنا ونطالب بمحكمة دولية، وإيجاد حلول دولية هنا، من شأنها إنهاء داعش، ويجب محاسبة تلك الدول والمنظمات التي دعمته وموّلته، فهم الذين شكّلوا داعش وفتحوا الطريق أمامه ووجهوه. لذلك؛ فإن المحكمة الدولية ضرورية لإنهاء هذا الوباء من العالم. ونحن متأكدون وبالوثائق والمعلومات بأن تركيا هي السبب الرئيسي لظهور داعش، حيث دعمته وموّلته لمصالحها الاستعمارية والقومية والتي في أولوياتها إبادتنا”.
الانسحاب الأمريكي من سوريا
وحول الانسحاب الأمريكي من المنطقة، قال صالح مسلم: “إن إعلان الرئاسة الأمريكية عن انسحابها من سوريا، كان قراراً خاطئاً، فجميع دول التحالف الدولي والفعّالة أبدت رفضها هذا القرار، ومعظم الدول الأوروبية أبدت موقفها من هذا الانسحاب ورأته خاطئاً، ونحن والبنتاغون والكونغرس والرأي الأمريكي وأوروبا جميعنا اعتبرناه خيانة بحق الكرد؛ لأنهم تركوا كل الأمور والوعود العالقة في المنطقة والمشتركة في منتصف الطريق، ولذلك تبين أخيراً ووفق المواقف التي ظهرت، أن القرار الصادر كان قراراً شخصياً، بين أردوغان وترامب. لكن؛ في النهاية أود القول بأننا لا نعوّل عليهم، فلم نطالبهم بالدخول إلى سوريا لحمايتنا حينها، فبيننا تحالف ضد إرهاب عالمي، وهذا شأن دولي نحن جزء منه”.
بقاء أمريكا كان من أجل حماية مصالحها
وأوضح مسلم خطأ هذا الانسحاب بالقول: “كانت هناك اتفاقيات ووعود بيننا، لذلك نعتبرها خيانة، فمثلاً كان الاتفاق هو البقاء حتى الانتهاء من داعش، لكن داعش لم ينتهِ حينما أصدر ترامب قرار الانسحاب، واتفقنا بأنه لن يكون هناك انسحاب حتى وضع نهاية للحرب على الإرهاب والقضاء عليه، والحل السلمي والأمن والاستقرار في المنطقة، والدعم لبناء البنية التحتية في المنطقة ما بعد الحرب”.
وأضاف: “بقاء أمريكا ليس من أجل المنطقة فقط، بل معروف بأنه من أجل حماية مصالحها الإقليمية أيضاً، مثلها مثل غيرها من القوى الدولية، وإذا انسحبت أمريكا من هنا، يجب التيقن بأنها تنسحب من الشرق الأوسط كله؛ لأنها لم تفلح في الكثير من الدول للحفاظ على بقائها، والرأي الأمريكي مقتنع بهذه الفكرة. لذلك؛ تبحث عن سُبل للحفاظ على استراتيجيتها في المنطقة”.
هجمات الاحتلال التركي على شمال سوريا
وعن مساعي دولة الاحتلال التركية في المنطقة وهجماتها، وما يخفى من سياساتها قال مسلم :”تركيا معروفة بأنها دولة إقليمية في المنطقة ولها تأثيرها، وبيدها الكثير من الأوراق لتراوغ، والأمر الآخر فأن الحرب التي تخوضها هي حرب الناتو، فهي الدولة الأكثر استفادة من الناتو سياسياً وعسكرياً، لأنها دائماً ما تُقنع تلك الدول الشريكة معها بأنها دولة استراتيجية بالنسبة لسياساتهم في الشرق الأوسط، وأنها تقوم بتسيير مصالحهم في المنطقة”.
وتابع: “اليوم تغير الأمر كثيراً، فأمريكا لديها مصالح في المنطقة، وكذلك روسيا لديها مصالح، تركيا كانت تحاول الاستفادة من الناتو، فسلاحها ودعمها وحتى الجدار المبني بيننا وبينهم كله من مال الناتو. لكن؛ اليوم تركيا ترى بأن الناتو لا يدعمها من طرف والأخير لا تطرده، وروسيا تستفز وتريد زعزعة الناتو وإخراج تركيا منه لإضعافه. وكذلك موضوع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أصبح من المستحيل وفي حالة النسيان، لأنه لا يتطابق ولا مثقال ذرة مع المطالب الأوروبية في الديمقراطية وغيرها من الأمور”.
تركيا انجرّت إلى المستنقع حتى الرقبةّ
وفي سياق الحديث؛ عبّر مسلم عن مساعي الدولة التركية بالقول: “تركيا من جانب آخر تحاول أن تعيد العثمانية، وتتدخل بشكل مباشر في شؤون دول الجوار، وتتحرك كثيراً وهذا الأمر مرفوض لدى الجميع، وهي انجرّت إلى المستنقع حتى الرقبةّ ويتأزم وضعها خارجياً وداخلياً أكثر فأكثر. إنها تقوم بتهديد الجميع بالإرهاب واللاجئين، وهي تعرف أن كل الدول لا تريد الحرب ولا تريد الفوضى لديها”.
وأضاف: “أمريكا تريد حلاً سلمياً، ولا يمكنها التدخل في الحرب بيننا وبين تركيا؛ لأنها حليفة وقوة استراتيجية بالنسبة لها، وليست مستعدة أن تحارب حليفتها من أجلنا، وكذلك الأمر بالنسبة لنا، لذلك تحاول التقارب والوصول إلى حل وسط ينهي الحرب إلا أن تركيا تصعّب  الوضع أكثر ولديها مطامع واضحة”.
حوار السوريين والعراقيل التي تقف أمام الحل الداخلي
وعن الشأن الداخلي السوري وعن الحوار بينهم وبين النظام السوري وبين الأحزاب السياسية في كل سوريا، والحلول المحتملة والواقعية لديهم في هذا الشأن، قال مسلم: “الدول الضامنة وغيرها التي تتدخل بالشأن السوري أتت بحجة دعم الشعب السوري وإيصاله إلى برّ الأمان من هذه الفوضى. لكن؛ الجميع يرى ماذا يفعلون. ونحن نقول إذا أراد الشعب السوري الحل وقال نحن سنضع هذا الحل السلمي والواقعي، حينها لا داعي لتلك الدول الراعية للمؤتمرات والحروب”.
أكثر العراقيل التي تقف أمام الحل في الداخل
وأضاف مسلم: “أكثر العراقيل التي تقف أمام الحل في الداخل هي الذهنية البعثية، فهي تعقّد الموقف أكثر وتجعل المشكلة تتفاقم أكثر، مما يجرّ بسوريا إلى المزيد من الصراع والقتل والدمار. فنظرية النظام حول الحل في سوريا تجتمع حول (أن إرهاباً خارجياً ضرب سوريا عبر مؤامرة كونية، ولم يصل إلى مآربه وفشل لذلك يجب أن يعود كل شيء مثل ما قبل 2011…!) لكن ما الذي كان موجوداً قبل 2011؟ كان يوجد اضطهاد، وسلب للحقوق، وانتهاك للديمقراطية على كافة الأصعدة، فمن سيقبل بهذه الذهنية بعد الآن وفي هذا القرن؟ ودائماً يرى قوته في نظريته هذه، ويستند بنفسه إلى القوى الخارجية مثل روسيا وإيران”.
الإدارة الذاتية النموذج الأمثل
واستأنف: “أما نحن فنرى بأن سُبل الحل هي الديمقراطية على كافة الأصعدة وإبداء قيمة للشعوب والثقافات السورية، ولدينا نموذج نطرحه عبر المؤتمرات والحوارات الداخلية والخارجية عامة. وما نطبقه في شمال سوريا من مشروع وطني ديمقراطي، يتطلب تطبيقه في كافة مناطق سوريا، فمثلاً الدرزيين أيضاً مجتمع له خصوصية والأرمن والآشور والسريان والإسماعيليين والإيزيديين والعلويين وغيرهم العشرات من الأديان والثقافات في سوريا تشكل المجتمع السوري العام. لذلك؛ يتطلب نظاماً ديمقراطياً تعددياً ويحمي حقوق التنوع والخصوصية”.
وأضاف الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي والناطق باسم الحزب صالح مسلم في ختام حديثه: “ناهيك عن أن معظم المجتمع السوري لا يقبل بهذا النظام، ففي شمال سوريا وشرقها، حيث يقطن أكثر من ستة ملايين نسمة، الشعب يرفض الاحتلال التركي ويرفض كذلك النظام القائم، وينادي بنظام ديمقراطي وسوريا موحدة، وعلى رأسهم أهالي مناطق الطبقة الرقة ودير الزور ومنبج، إلى جانب أن دماء الشعوب في هذه المنطقة امتزجت ببعضها البعض، ولا تقبل إلا بالديمقراطية والعدالة وحماية الحقوق والمكتسبات التي حافظوا عليها من الإرهاب والاحتلال، وبنوها في خضم الفوضى العارمة”.