سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

هيام حسين: “الاحتلال التركي للمنطقة يقوّض الاستقرار العالمي”

حوار/ غاندي إسكندر –

أشارت عضوة اللجنة المركزية لحزب اليسار الكردي في سوريا هيام حسين بشأن آخر المستجدات في شمال وشرق سوريا والمنطقة عامةً إلى أن دولة الاحتلال التركي تسعى من خلال عدوانها على شمال وشرق سوريا وتهجيرها للسكان الآمنين إلى استعمار المنطقة، وإجراء تغيير ديمغرافي للمناطق التي تحتلها في مسعى منها لإعادة رسم الخرائط وفق ميثاقها الملّي، وأوضحت أنّ الدول الكبرى فضلت مصلحتها على مصالح الشعوب، وأضافت: “يجب أن نقدم في الحين ذاته الشكر والامتنان لشعوب ودول العالم التي وقفت إلى جانبنا”، وشددت على ضرورة رص السوريين لصفوفهم، والوقوف صفاً واحداً للتصدي العدوان التركي على سوريا وشعوبها.
جاء ذلك خلال حوار لصحيفتنا معها؛ وكان على الشكل التالي:
ـ في التاسع من شهر تشرين الأول المنصرم؛ اعتدت الدولة التركية المحتلة على شمال وشرق سوريا، وفق قراءتكم للمشهد السياسي السوري؛ ما أهداف أردوغان من هذا الهجوم؟
إن سلوك الدولة التركية العدواني تجاه جيرانها معروف منذ أيام السلطنة العثمانية، فنهج هذه الدولة هو نهج احتلالي توسعي لا يعترف ساستها بالحدود المرسومة لهم، حيث احتلت إسكندرون، وجزيرة قبرص، وتدعي أحقيتها بحلب، والموصل وكركوك، والشمال السوري. ومنذ بداية الأزمة السورية وضعت دولة الاحتلال التركي نصب أعينها احتلال الشمال السوري، فاحتلت جرابلس دون مقاومة من دواعشها، واحتلت الباب، وإعزاز، واحتلت عفرين تحت مسمى غصن الزيتون، وها هي اليوم، وتحت مسمى (المنطقة الآمنة) تحتل سري كانيه وكري سبي، وتتمادى شرقاً، وغرباً لاحتلال المزيد من الأراضي في مسعى منها لتغيير ديمغرافية المنطقة ضاربة بعرض الحائط كل المناشدات الدولية لها متحججة بذلك بأنها تحمي أمنها القومي من الإرهابيين. لكن؛ القاصي والداني يعرف أنها تنوي احتلال المنطقة، وضرب التجربة الديمقراطية الناشئة في شمال وشرق سوريا.
ـ غزت الدولة التركية الاستعمارية المنطقة وقررت أمريكا الانسحاب من سوريا، كيف تُقيّمون دور الولايات المتحدة من العدوان التركي على شمال وشرق سوريا؟
حقيقة إن موقف الولايات المتحدة الأمريكية كان مفاجئاً لشعوب المنطقة كوننا شركاء في التحالف ضد مرتزقة داعش، وساهمنا معاً في دحر الإرهاب، وقدمنا أكثر من 11 ألف شهيد في سبيل بناء نموذج ديمقراطي يكون أساسا لحل الأزمة السورية المستعصية. لكن؛ يبدو أن مصالح الدول فوق مصالح الشعوب، ومع ذلك نثني على موقف الشعب الأمريكي، ومجلس النواب والكونغرس والشيوخ على تحديهم لموقف ترامب، ووقوفهم إلى جانبنا.
ـ برزت مواقف عالمية وشعبية مساندة لشعوب المنطقة في وجه الغطرسة التركية؛ كيف تقرؤون هذه المواقف؟
ننظر بإيجابية لكل من وقف معنا في دفاعنا المشروع عن كرامتنا، فنحن من دافعنا عن العالم أجمع بتصدينا للإرهاب العالمي، ونحن من قدمنا الشهداء، ونحن من أرسينا مبادئ أخوّة الشعوب، والإدارة المشتركة للمنطقة فحريٌّ بكل صاحب ضمير أن يقف إلى جانب الحق، والكل يعلم أن لدولة الاحتلال التركي اليد الطولى في دعم داعش، وهم يعلمون أيضا أن أردوغان يسعى إلى إعادة إحياء داعش من جديد. لذلك؛ الاتحاد الأوروبي بمعظمه وقف إلى جانبنا، والجامعة العربية قد وقفت ضد الاجتياح التركي، وكذلك الشعوب الحرة في أصقاع العالم خرجت في تظاهرات منددة ضد الدولة التركية. ومع إيجابية هذه المواقف إلا إننا نراها غير كافية، ونطالبهم بوضع حد لأردوغان في المنطقة؛ فهو بات يهدد الاستقرار العالمي، وليس استقرار سوريا فقط.
ـ ما المطلوب من شعوب المنطقة أمام التمدد التركي في الجغرافية السورية، ومن المجتمع الكردي تحديداً؟
علينا أن نعلم أن أردوغان لا يستهدف الشعب الكردي فقط بعمليته نبع الدم، فهو يستهدف شعوب المنطقة كافة من كرد وعرب، وسريان، وآشور، وتركمان، وغيرهم، فهو يريد العودة إلى ميثاقه الملي قبل مئة عام، ولا يهمه في غزوته شيء سوى قضم المزيد من الأراضي السورية. لذلك؛ يتوجب على الشعوب التي هزمت الإرهاب أن تتكاتف مع بعضها البعض، وتتصدى بفاعلية ضد العدوان التركي، وألا تغرهم شعارات المرتزقة الذين يستخدمهم أردوغان، فهم عملاء يعملون في سبيل كسب المال على حساب دماء الشعوب، وعلينا الوقوف صفاً واحداً، وهو المطلوب في هذه الفترة، فقذائف أردوغان لا تفرق بين مسلم ومسيحي ولا كردي وعربي. وبالنسبة للمجتمع الكردي، فعلى جميع أحزابنا وضع خلافاتهم جانباً واتخاذ موقف واحد والعمل على الوحدة في المجالات كافة، وأن يرصوا صفوفهم ضد من يستهدف وجودنا، فالغزو التركي وضعنا أمام منعطف خطير، وعلينا أن نكون أكثر حرصاً على مصالح شعبنا وبخاصة في هذه الأوقات الحرجة.
ـ مع استمرار الأزمة السورية لسنوات، والحروب، والمآسي التي لا تنتهي برأيكم؛ أين يكمن الحل السوري؟
لا مؤتمرات جنيف ولا آستانا، ولا منصات موسكو والرياض والقاهرة جلبت الحل لسوريا، فالحل للأزمة السورية يكمن في سوريا نفسها، وعلى السوريين كافة أن يباشروا بالحوار السوري ـ السوري من داخل الأراضي السورية بعيداً عن أجندات الدول الإقليمية والدولية، وهذا الطرح قد بدأنا به منذ سنوات، وإلى الآن نشجع الحوار السوري ـ السوري، فهو وحده الكفيل بوضع حد للقتل، والتهجير، والاحتلال، فكل حوار خارج أسوار الحدود السورية مصيره الفشل.
ـ كلمة أخيرة نختم بها حوارنا هذا؟
نحن نواجه عدواناً خطيراً يستهدف الحجر والبشر، ويسعى إلى نسف المجتمع السوري بشكل عام، والعودة بالمجتمع إلى الظلمات والفرمانات التي كان يصدرها السلطان في إسطنبول. لذلك؛ ندعو جميع الشعوب السورية إلى رص صفوفهم في وجه الطامعين بأراضنا، وأن نبتعد عن خلافاتنا ونضعها جانباً، فحساسية المرحلة تتطلب الوحدة على الصعُد كافة.