No Result
View All Result
المشاهدات 0
نورث برس/ رستم عبدو –
منذ بداية الأزمة السورية في آذار 2011 وحتى هذه اللحظة, وكل ما على أرضها مستباح من البشر حتى الشجر والحجر. ولم تسلم الممتلكات الثقافية في ظل الصراع الدائر في سوريا, فقد كان لها هي الأخرى نصيب وافر من النهب والسلب والتخريب وإن كان حجم ونوع الأضرار بحق هذه الممتلكات يختلف من موقع لآخر أو من منطقة لأخرى.
ففي منطقة عفرين مثلاً, الواقعة في الريف الشمالي من حلب, ينتشر ما يقارب مئة موقع ومعلم أثري ما بين المسجل وغير المسجل في السجلات النظامية, من ضمنها مواقع مدرجة على قائمة التراث الوطني السوري كـ (عين دارا وتل جنديرس والنبي هوري وكهف الدودرية وقلعة سمعان), وجميعها خضعت لتنقيبات نظامية من قبل بعثات مختلفة, بالإضافة إلى مواقع أُدرجت منذ عام 2011م، على لوائح اليونسكو للتراث العالمي كموقع (براد) الذي يضم مجموعة معالم كالكنائس والأضرحة والمدافن.
شهدت البعض من هذه المواقع خلال السنوات الأولى للأزمة السورية عدة تعديات, جلّها كانت تعديات بسيطة, إلا أن العدد ازداد بشكل تدريجي مع بداية الغزو التركي على مدينة عفرين في 20 كانون الثاني 2018م, حيث أن معبد عين دارا الأثري كان أول ضحاياه بحسب المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية ASOR التي أوضحت استهدافه من جانب الطيران التركي في اليوم الأول أو الثاني للعملية العسكرية وكيف أن الغارة ألحقت به أضراراً بالغة ناهيك عن استهداف الطيران والمدفعية التركية في وقت لاحق مواقع النبي هوري و براد ودير مشمش.
بعد الاحتلال التركي لمدينة عفرين, استمرت الدولة التركية الفاشية برفقة فصائل الجيش الحر الموالية لها بالتعدي على مواقعها الأثرية من خلال عمليات البحث والتنقيب، مستخدمة في ذلك آليات هندسية ثقيلة وأجهزة كشف متطورة الأمر الذي ألحق بالسويات والطبقات العائدة لهذه المواقع أضراراً بالغة.
فقد وصلت أعداد المواقع المتضررة جرّاء هذه الأعمال غير الشرعية إلى نحو /35/ موقعاً من أصل /92/ بحسب مركز توثيق الانتهاكات في شمال وشرق سوريا. وقد ارتفع العدد ليصل مؤخراً إلى /41/ موقعاً, من ضمنها مواقع أثرية استخدمت كنقاط عسكرية ومعسكرات تدريب من قبل الدولة التركية والفصائل المسلحة الموالية لها كـما في تل جنديرس وتل عين دارا وقلعة سمعان.
كذلك وبتوجيه من تركيا, أطلقت الفصائل الموالية لها مؤخراً العنان لمنقبي وتجار الآثار من المدنيين والعسكريين للبحث والتنقيب والحفر في مواقع عفرين الأثرية مقابل مبالغ مالية ضخمة بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان, الذي أكد أيضاً على استخراج هؤلاء آلاف القطع الأثرية ونقلها إلى تركيا دون عودة.
ومع تزايد الانتهاكات بحق الممتلكات الثقافية في عفرين وبشكل فاضح, فقد ناشدت مديرية الآثار والمتاحف في دمشق الجهات المعنية بالتدخل لوقف الاعتداءات التركية الجائرة بحق هذه الممتلكات ووقف ما يحصل في مواقعها الأثرية من تنقيب وتخريب وتدمير ممنهج لكن دون جدوى.
إن ما يحدث بحق الممتلكات الثقافية في عفرين هو إبادة ثقافية دون أدنى شك ويندرج ضمن إطار جرائم حرب بحسب القرار 2347 الصادر عن مجلس الأمن لعام 2017م، كما أنه يتنافى كلياً مع القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها قانون لاهاي لعام 1954م، المتعلق باحترام الممتلكات الثقافية وحمايتها, تتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى الجهات والمؤسسات المعنية العائدة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي وعلى رأسها اليونسكو باعتبارها الناظمة لهذه القوانين والتشريعات, حيث أن صمتها جراء ما يحدث يجعل منها شريكاً, في وقت كان لها حرية التدخل المباشر لكبح جماح الدولة التركية والمتورطين معها في سرقة تراث عفرين وتدمير ثقافتها.
No Result
View All Result