No Result
View All Result
المشاهدات 0
رشاد بيري –
ما تزال الأزمة السورية مستمرة، وما تزال العمليات العسكرية هنا وهناك تجري على قدم وساق، ولكل طرف من الأطراف حساباته ومصالحه، ومن تدخل في الشأن السوري يعمل وفق أجنداته وكيفية الحصول على أكبر مساحة من سوريا. الأزمة السورية ستبقى مشتعلة على المدى القريب والمتوسط لحين وضع الحلول لها، لأن سنوات الحرب السورية أثبتت لجميع أطراف الصراع على حد سواء، بأن التصعيد ليس في مصلحة أي طرف، بل يزيد الأمور تعقيداً ويجعل من تحقيق الأمن والاستقرار هدفاً بعيد المنال على الأقل في المراحل القليلة القادمة. الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ما تزال تبادر من جانبها لوضع الحلول الممكنة لوقف الصراع الدامي في عموم سوريا، وحل جميع القضايا العالقة مع الأطراف السورية الوطنية، وتركت أبواب الحوار مفتوحاً مع الجميع.
ورغم استقرار مناطق شمال وشرق سوريا وتمتعها بالأمن والسلام والاستقرار إلى حد كبير إذا ما قارنا الوضع فيها بالمناطق الأخرى من سوريا، واستعدادات إدارتها الذاتية المستمرة في طرح ومعالجة الحلول الممكنة للحيلولة دون تصعيد الخلافات سواء مع الجانب التركي أو مع الأطراف السورية الأخرى. إلا أن الاستقرار والمشروع الديمقراطي يقلق راحة الجانب التركي، ولا يروق لرئيسها أردوغان ما يحصل فيها من تقدم ونهضة ديمقراطية متصاعدة، بعد عمليات التحرير ضد مرتزقة داعش والمجاميع الأخرى التي أرادت السيطرة على شمال وشرق سوريا. التدخل التركي في الشأن السوري شكل نقطة فاصلة وأثرت بشكل كبير على الأزمة السورية، وكان من الأسباب الرئيسية في استمرارها دون حلول.
الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية من خلال حراكها السياسي والعسكري حافظت على علاقات حسن الجوار، ليست مع تركيا فقط بل مع دول الجوار الأخرى، وخلال السنوات الماضية لم توجه طلقة واحدة باتجاه الأراضي التركية، والعالم أجمع يعرف هذه الحقيقة. إلا أن التدخل التركي الغير مقبول والمرفوض من قبل شعوب المنطقة، وتهديده المتكرر يخلق الكثير من المشاكل التي قد تؤدي إلى حربٍ نتائجها غير معروفة. وحديث الجانب التركي المتكرر عن ضرورة إقامة ما تسمى بالمنطقة الآمنة على طول الشريط الحدودي وبعمق 32 كم أمر في غاية الخطورة، ومن غير الممكن تحقيقه بأي شكل من الأشكال.
لأن غاية تركيا من وراء ذلك الاحتلال والإخلال بالأمن والاستقرار، في مناطق شمال وشرق سوريا، وإجراء تغيير ديمغرافي في المنطقة، وهذه التهديدات عداء صريح ضد الشعب الكردي الذي ترى فيه تركيا عدواً، وبعكس ذلك تعمل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا على استقرار المنطقة وتحاول جاهدة للوصول إلى حل، ولهذا تم الاتفاق على الآلية الأمنية من خلال الوسيط الأمريكي، لصد الباب أمام الادعاءات التركية التي لا أساس لها حول وجود خطر على أمنها القومي، غير أن الموقف التركي الرسمي الصادر عن أنقرة بعد الاتفاق، موقف سلبي ولا يمكن القبول به لأن تركيا هدفها الاحتلال وقضم المزيد من الأراضي السورية.
وبالنظر قليلاً إلى المواقف الخارجية حول التهديدات التركية، نرى أنه هناك استياء وقلق حول خطر أي عدوان تركي محتمل، والجميع يقول إن التدخل التركي في المنطقة لن يزيد الطين إلا بلة، ولذلك فالحلول السياسية ولغة الحوار بين جميع الأطراف، يجب أن تكون هي العليا للخروج من قمع الزجاجة، والحلول العسكرية لا تخلّف سوى الخراب والدمار، ومن العقلانية أن ندع لغة الحرب والقوة ونتمسك بلغة الحوار والسلام.
No Result
View All Result