No Result
View All Result
المشاهدات 15
تقرير/ مصطفى الخليل –
روناهي/ الطبقة ـ تُعبّر المولية عن الهوية الثقافية والتراث الغنائي لمنطقة الفرات، وتُغنى في الأفراح والأحزان، ويستمر أهالي حوض الفرات بغنائها كتراث حضاري يمثل المنطقة.
تتعدد ألوان الغناء التراثي الفراتي السائد في المنطقة والذي يعد نمطاً فنياً راقياً في المجتمع الفراتي حيث يدمج بين ثقافة الفائدة من جهة والمتعة والتسلية في السهرات والمناسبات الاجتماعية في المنطقة من جهة أخرى.
ويضم في طياته الكثير من وصف التعابير الإنسانية والمشاعر والعواطف الوجدانية التي يعيشها الإنسان في حياته كالحزن والفرح والحالة الاجتماعية.
فلا مَهرب عند الاستماع إلى إحدى الأغاني التراثية من السفر عبر مفرداتها والمضي عبر أحاسيسها وتخيل اللحظة التي كان مؤلف الأغنية يعيشها قبل عشرات ولربما مئات السنين.
ولادة المولية على ضفاف الفرات:
وعلى امتداد ضفاف الفرات العظيم كانت ولادة المولية “المولية” التي تعتبر إحدى مميزات الهوية التراثية لمدن الفرات وجزءً لا يتجزأ منها، وتراث أهالي المنطقة الذي يعيدهم إلى الماضي.
قصيدة موزونة على البحر البسيط:
والمولية تتسم بأنها قصيدة موزونة تقوم على البحر البسيط وهو أحد أنواع بحور الشعر العربي حيث تتكون قصيدة المولية من أربع أشطر تنتهي الأشطر الـثلاثة الأولى بقافية شعرية واحدة في حين ينتهي الشطر الرابع أو الأخير بالياء المشددة أو التاء المربوطة.
الحكاية التاريخية لأصل المولية:
وقد جاءت تسمية هذا اللون الغنائي التراثي باسم “المولية” من الاشتقاق المعروف بـ” التصغير”، فأصل الكلمة يعود إلى “مو الي”.
وفي الحكايا أن هارون الرشيد نكل بالبرامكة في معركة أطلق عليها “الطف” حينها جاءت إحدى نساء الموالي لتتفقد قصر سيدها فرأته خاوياً على عروشه وقد قتل صاحبه فأنشدت نائحة عليه “مويلاه”.
ومع كثرة الغزاة على المنطقة وما تركه من مآسي لدى أهالي المنطقة شاعت المولية لندب الأحبة والأهل وقد سجو خلال النضال الثوري لتحرير الأرض، فاضحت المولية من موروث المقاومة الثقافية الأصيلة ولحن لمعارك البطولة.
كما أصبحت أهزوجة تعبر عن المشاعر لاسيما الحب العذري.
وفي هذا المقام نذكر بعضا من أشهر أبياتها:
“يما التعاليلي يما التعاليلي
أني بجمر الغضى وأنتِ بتعاليلي
عند مغيب القمر سمره تعاليلي
تشوف من يدحمج وأني أجرع المَيه”
والجدير ذكره في مناسبة الحديث عن المولية أنها تُغنى في مناطق مدينة الرقة على لحنين أساسين الأول على الزمارة وهو النوع يلحن على آلة المزمار ويعد لحناً بطيء للمولية، أما اللحن الثاني هو المولية الدفية حيث يرافق الغناء القرع على آلة الدف.
استمرار أهالي الفرات بالمحافظة عليها:
ويذكر البعض أن سر نجاح “المولية” وانتشارها في أرجاء المنطقة يعود إلى قوة كلماتها وجزالتها بالإضافة إلى اللهجة العامية المستخدمة فيها حيث يصعب على غير سكان الفرات فهم مفرداتها.
وفي مناطق الفرات لا تخلو مناسبة أو فرح أو عرس من غناء المولية الفراتية التي لا تزال صامدة إلى يومنا هذا بوجه الصهر الثقافي والتحريف التاريخي لحقيقة شعوب المنطقة العريقة فتحافظ على جوهرها التراثي أمام ضياع واندثار الموروث الثقافي.
No Result
View All Result