سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ماذا يعني رحيل جون بولتون عن الساحة السياسية في أمريكا؟!

” فادي عيد وهيب ” –

بتغريده على تويتر كعادة الرئيس الامريكي دونالد ترامب رحل من سمي بصقر الأمريكيين، ألا وهو مستشار الأمن القومي جون بولتون، كي يخرج من المشهد على نفس طريق أسلافه بتغريده على تويتر. ويعكس تعليق جون بولتون على تغريدة ترامب مدى درجة التخبط فى البيت الابيض، عندما غرد بولتون قائلا: “قدمت استقالتي للرئيس دونالد ترامب بالأمس” وإن ترامب قال: “لنتحدث عن ذلك غداً.”
وعلى كل الأحوال رحل ثالث مستشار لترامب بعد مايكل فلين وهربرت ماكماستر، وهؤلاء كانوا الأخطر على أعداء الولايات المتحدة، فرحيل جون بولتون يأتي فى سياق هام بالتزامن مع رغبة ترامب فى تهدئة الموقف مع إيران، وفى ظل التواصل السري بين واشنطن والحوثي، وهو أمر له دلالات خطيرة. وننتظر من سيأتي خلفاً له، هل سيكون من نفس المدرسة أو بترشيح من البنتاغون والاستخبارات المركزية، أم سيكون من حضانة أطفال غاريد كوشنر، على غرار الطفل المعجزة الملقب بصبي القهوة فى واشنطن “أفي بيركوفيتش”، فهو مازال المرشح الأقوى لخلافة غرينبلات مبعوث السلام للشرق الأوسط وأحد مهندسي صفقة القرن (أقول مبعوث السلام للشرق الأوسط وليس لـ ديزني لاند).
صفقة القرن التي قد يجد فيها رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو نفسه وحيداً لتطبيقها في ظل التخبط الأمريكي، وهو ما جعله يصرح بالتزامن مع مشهد إقالة جون بولتون، خلال مؤتمر صحفي له بتل أبيب تصريح فج ويقول: “في حال الفوز بالانتخابات سأفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت والمستوطنات”. وهو تصريح يؤكد أن تلك المنطقة ستشهد حرب عسكرية شرسة مهما طال الأمد، وإن لم تكن في إيران، فستكون في مياه الخليج، وإن لم تكن في الخليج فستكون في لبنان، وأن لم تكن في لبنان فستكون في شرق البحر المتوسط.
أخيراً وليس أخراً ما يحدث داخل البيت الأبيض من تخبط واضح يأتي نتيجة لخيبة آمال يهود امريكا بعد شهور من حرب تكسير العظام خاضتها الولايات المتحدة ضد إيران، وحرب اقتصادية ضد الصين، وبعد أن تلاعبت بهم كوريا الشمالية وطالبان وغيرهم، وفي ظل رغبة ترامب في انتزاع أي دور لفرنسا خارج حدودها، بعد ضمان رحيل ميركل من المشهد في برلين، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. هل سيسجل ما حدث كانتصار جديد لطهران في حربها الطويلة ضد الولايات المتحدة الامريكية، في ظل ما يحضر من جانب حزب الله تجاه إسرائيل، بعد استمرار مسلسل إسقاط حزب الله للطائرات الإسرائيلية على التوالي.
فالكل يستغل ما تعيشه الولايات المتحدة من تخبط وتردد في ظل إدارة رجل الأعمال دونالد ترامب، والكل يسابق الزمن لاستغلال الحقبة الترامبية أفضل استغلال، فهل يدرك العرب ذلك ويستغلوا الفرص في الوقت الذي يستغل فيه باقي اللاعبون أنصاف الفرص، أم أن العرب كانت أحلامهم معلقة على جناح جون بولتون، وستذهب معه الآن أينما سيذهب هو.